النازحون السوريون في لبنان.. ممنوعون من “الحمل” و”الولادة”!

دقّ الإعلام اللبناني يوم أمس، ناقوس الخطر من نسبة الولادات بين النازحين السوريين وارتفاعها، فأشار تقرير تلفزيوني بثته إحدى القنوات التلفزيونية إلى أنّ الولادات في العام 2017، بلغت لدى اللبنانيين 62 ألف ولادة، فيما بلغت لدى اللاجئين 42 ألف ولادة.

وحذّر التقرير من ارتفاع النسبة في العام 2018، ومن أنّ نسبة الولادات بين الطرفين كادت تصبح متقاربة، إذ بلغ العدد لدى اللبنانيين 69 ألف ولادة، ولدى النازحين 47 ألف ولادة!

ومع أنّ مقاربة الرقمين تظهر أنّ ولادات اللبنانيين في العام 2018 ارتفعت بـ7 آلاف ولادة، عمّا كانت عليه في العام 2017، فيما الارتفاع بين السوريين كان 5 آلاف ولادة، وبالتالي فإنّ عدد الولادات بين النازحين انخفض مقارنة مع عدد الولادات لدى اللبنانيين في العام 2018، ما يشير إلى أنّ البروباغندا الإعلامية، التي استند إليها التقرير غير دقيقة نوعاً ما.

وفيما أكدّت معلومات أنّ “هناك مبالغة في هذا الهلع، وأنّه يأتي ضمن سياسة التحريض على السوريين”، لفتت بالتالي إلى أنّ هذه الموجة، تتزامن والحديث عن عودة النازحين المقترنة، بالمساعدات التي تقدمها لهم العديد من السفارات في هذه الأزمة.

الدكتور ناصر ياسين مدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامة في الجامعة العربية في بيروت، أوضح أنّ الأرقام ليست بعيدة عن الواقع، ففي السنوات الـ6 الماضية ولد تقريباً 137 ألف طفل سوري، وهذا العدد يزيد مع الوقت نظراً للـDemographic momentum.

وفيما أشار ياسين، إلى أنّ عدد الولادات اللبنانية يحتاج للتدقيق، وأنّ العدد ربما أكثر من المعلن، أوضح بالتالي أنّ نسبة الخصوبة لدى السوريين، أعلى من اللبنانيين، غير أنّ كل المؤشرات التي نشهدها في السنوات الأخيرة، تظهر أنّ عدد أفراد العائلة السورية، بدأ ينخفض ولم يعد يرتفع، وذلك لكون المجموعات المهاجرة تتأقلم عادة مع المجموعات المضيفة من ناحية الخصوبة.

ومع توضيح ياسين من أنّ عدد أفراد الأسر السورية لم يعد أكثر بكثير من الأسر اللبنانية، آكّد بالتالي أنّ هناك خصوبة عالية في مخيمات النازحين، ولا يمكن إيقافها، إذ لا يمكن لأي سياسة أن تحد من الولادات، وكل الكلام المتداول والمطالب بعدم تغطية المفوضية لعملية الولادة هو غير إنساني، لذا هناك مبالغة.

ولفت ياسين إلى أنّ هذا المناخ كان حاضراً حتى في العاصفة الأخيرة، فالبعض والذين هم من أصحاب الاختصاص قالوا وبشكل علني أنّ هذا الوقت هو المناسب لإعادة النازحين كون المخيمات قد غرقت في المياه.

وفي الختام أكّد ياسين أنّ هذه الأرقام معروفة منذ 3 سنوات، وأنّها لم تتغير، إلا أنّه يتم استخدامها بين الحين والآخر للضغط على السوريين وللقول أنّ الحل برحيلهم، مشيراً إلى أنّ هذا موازٍ لمبادرات آتية من الروس ومن الأحزاب كـ”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” والاحزاب الأخرى في كسروان، والتي تتحرك جميعها في موضوع العودة.

يبقى، أنّ الإضاءة على النازحين في معظم الإعلام اللبناني، لا تتم إلاّ من خلال الترهيب والتخويف، وإعلان حالة الطوارئ، بينما الإجحاف الذي يلحق بهؤلاء النازحين، فلا يرى فيه هذا الإعلام مادة دسمة، إذ تمّ الكشف في أواخر العام 2018، عن حالات إجهاض حصلت في مخيمات النازحين في ظروف ملتبسة، وفيما دارت تساؤلات وشكوك حول الأدوية التي توزع في المخيمات، ومع ما ترافق معها من مطالبة بالتحقيق في هذه الحالات وكشف الظروف التي أدّت إلى موت الأجنة المتكرر في أكثر من حالة في الشهور الأخيرة من الحمل، إلا أنّ أي جهة لم تتحرك حتى اللحظة!