شجرة سكّة الحديد... شاهدة على الإهمال!

تذكرنا هذه الصورة بمسرحية "المحطة للأخوين رحباني، التي تبدأ بإزاحة الستارة على حقل بطاطا، حيث سعدو (إيلي شويري) وزوجته (هدى) يعتنيان به. تظهر فتاة غريبة، وردة (فيروز)، لتفاجئهما كلياً بسؤالها عن وصول القطار، مدغدغة أحلامهما بالرغبة في معيشة أفضل، أوصلتهما إلى شبه اقتناع، بأن الحقل الذي يعملان فيه هو في الحقيقة محطة للقطار، وأن هذا القطار سيأتي حتماً، ليأخذهما إلى مكان أفضل.

وصلت شائعة المحطة إلى رئيس البلدية، رئيس الشرطة، ومعلم المدرسة، الذين جاؤوا ليتبينوا حقيقة الأمر. لم يصدقوا إدعاء وردة، واتهموها بإثارة الفوضى والمشاكل.
لحق أحد اللصوص (أنطوان كرباج) بوردة، وكان يحاول سرقة حقيبتها، لكنه تبنى تضخيم فكرة المحطة، عندما أدرك العدد المتزايد من الذين بدأوا بتصديق قصة وردة، وكتغيير تكتيكي، بدأ ببيعهم بطاقات قطار مزيفة. استغل آخرون الفرصة لرفع أسعار الأراضي وتكوين ثروة.

في تطور دراماتيكي، صدق كثيرون بالمحطة، وبالوعد الذي يحمل القطار. قرر رئيس البلدية أن يستعين بالعرافين الذين استحضروا الجن في حضرة مجلس الأعيان. لكن الجن تركوهم في نفس حالة الارتباك التي كانوا فيها قبل الاجتماع. إن خيالية هذا الاجتماع، تشابه الحالة التي تخيم على جو المسرحية بأكملها إلى حد بعيد.

نتيجة للشعبية المتزايدة، قام أخيراً رئيس البلدية بافتتاح المحطة رسمياً. ابتاع الناس البطاقات وانتظروا وصول القطار لأيام في المحطة، وعلى نفقة رئيس البلدية الذي اهتم باحتياجاتهم.

طال الانتظار، وبدأ اليأس والقلق يسيطر على الناس المتذمرين، وكان التمرد على وشك أن يتفجر، عندما وصل القطار حقيقة إلى المحطة. صعد إليه الناس، تاركين وردة التي لم تتمكن من الحصول على بطاقة، وحيدة في المحطة التي اخترعتها.

وإستنادًا إلى هذه المسرحية، لا بد من أن نسأل: هل سيعود القطار من جديد إلى حركته السابقة، وما يمكن أن شكله من حلول لأزمة السير الخانقة، التي يعاني منها اللبنانيون، صبحًا وظهرًا ومساءً، أم تبقى هذه الشجرة التي فرّخت في وسط سكة الحديد لتبقى شاهدة على الإهمال؟