بالصور وتفاصيل: جمال مغارة افقا في لبنان

مغارة أفقا القديمة العهد، حيث اعتقد القدماء أنها مكان ولادة أدونيس، في جرود بلاد جبيل- كسروان، على مسافة 80 كلم شمال شرقي بيروت، في منطقة جبلية ترتفع عن سطح البحر 1100، وتضم شلالات كبيرة. وتتدفق من مغارة - أو مغارات - أفقا مياه نهر إبراهيم الذي كان يعرف قديما بنهر أدونيس. والمغارة مفتوحة على هاوية يزيد عمقها على 200 متر[1].


أفقا حيث يتفجّر النبع الرئيسي لنهر أدونيس وهو يصبّ في البحر جنوبي بيبلوس والذي يعرف اليوم بنهر ابراهيم. ورد اسم أفقا في المصادر اللاتينية aphca أي مكان تاريخي مشهور الجذر السرياني nafk خرج وتدفق وفي الآرامية أي المخرج، النبع المتدفق.

واللافت لنظر زائر بلدة أفقا هو أنَّ جميع أهلها من المسلمين الشيعة ومن آل زعيتر. وأنّ آل زعيتر ينتمون إلى العشائر الحماديّة التي ترجع إلى قبيلة مذحج اليمنيّة، والتي إستوطنت جبال كسروان وجبيل قبل خمسة قرون تقريباً أيام آل عسّاف التركمان. وأنَّ آل زعيتر المتواجدين على الأراضي اللبنانيّة والسوريّة ترجع جذورهم إلى بلدة أفقا.

واللافت لنظر زائر أفقا أيضاً من خلال الطرق الثلاث الآنفة الذكر والمؤديّة إليها هو صعوبة هذه الطرق ورداءتها في الصيف، وإنقطاعها في أيام الجليد والثلوج، وأمّا طرق البلدة الداخليّة فالحديث عنها طويل، ذو شجون.

وأمّا الحديث عن تأريخ بلدة أفقا وآثارها التأريخيّة ومجدها الغابر فهو حديث يختصر تأريخ جبال لبنان أيام الفينيقيين، وأيام آشور بابل، وأيام اليونان، والرومان والبيزنطيين، وأيام دخول المسيحيّة إلى جبال لبنان، ومن ثُمَّ أيام دخول المتصوفة والزهاد المسلمين إلى هذه الجبال، وإعتصامهم بها مع الرهبان والكهنة للصلاة والدعاء أيام العصرين الأمويّ، والعباسيّ.

ولعلَّ الخرائب والآثار المتفرقة في أفقا وهيكل فينوس، وقلعة أدونيس وعشتروت، وغيرها من آثار هي خير شاهد على ما تقدم، وعلى أنَّ بلدة أفقا في مغارتها العظيمة، وينبوعها الرئيس الذي يتفجرُّ منها بالخير والعطاء، وجبالها الشاهقة وجمالها الفاتن عندما تنظر وتتأمل فيها تعلم أنّها بلدة الخيال والجمال، التي تحكي أساطير أدونيس وعشتروت، وقصة فينوس والتي كان يحجُّ إليها أهالي أشور بابل ويتبركون بالإغتسال بمائها العذب وبالرقص والغناء، وببعض الممارسات الوثنيّة على أعتابها.

ب ـ مع رئيس بلدية أفقا:

رئيس بلدية افقا السيّد محسن حسين زعيتر الذي إلتقى به مندوب المجلة حماده علي عَمرو وأجرى معه هذه المقابلة في دار البلدية، وعلى ضفاف نهر إبراهيم الذي يرفده ينبوع أفقا بالمياه كان معه هذا اللقاء .

ويمتاز رئيس البلدية(حفظه الله تعالى) بالكرم وسعة الصدر، والغيرة، للمصلحة العامّة، كما يمتاز باسلوبه الواضح ومنطقه المقنع الصادر عن قلب طيب.

وخلاصة ما أفادنا به عن واقع بلدة أفقا والحرمان الذي تعانيه من خدمات الدولة اللبنانيّة ما يلي:[ إنَّ عدد نفوس أهالي أفقا يقارب الثلاثة آلاف نسمة، وعدد الناخبين منهم قرابة 1200 ناخب، وعدد المجلس البلدي هو:12 عضواً.

ومركز البلديّة هو شقة صغيرة مستأجرة تفتقر إلى التجهيزات المكتبيّة الحديثة. كما تفتقر بلدية أفقا إلى أمور كثيرة منها شاحنة صغيرة لجمع النفايات وقد تقدّمنا بطلب إلى وزارة الداخليّة للإستحصال على هذه الشاحنة لأجل جمع النفايات من البلدة ورميها في المكان المخصص لها.

وأمّا عن الإشكالات الحياتيّة التي تواجه الأهالي:

فأهمها الطرقات العامة التي تصل بلدة أفقا بسائر قرى قضاء جبيل وصعوبة سلوكها في الصيف وتعذر ذلك في بعض أيام الشتاء. وكذلك الحديث عن الطرق الداخليّة للبلدة. فالطرق العامة والطرق الداخليّة تحتاج كلها إلى توسعة وترميم وإلى الزفت. ولا نجد من وزارة الأشغال العامّة عند مراجعتها الأُذن الصاغيّة.

وأمّا التعليم في أفقا فلا يوجد عندنا إلا مدرسة إبتدائيّة صغيرة متواضعة تتسع لمائة تلميذ، والبناء مُقدم من مديرة المدرسة إلهام زعيتر عن روح والدها المرحوم الحاج عوض زعيتر، والمدرسة الآنفة الذكر تفتقر إلى تجهيزات كثيرة وإلى ملعب صيفي وشتوي ومرافق صحيّة وغير ذلك.

وأمّا فرص العمل في البلدة فتنحصر في الزراعة في أيام الربيع والصيف. كما أنَّ مزارعي الكرز والتفاح وسائر المزارعين لا يلقون المساعدة من وزارة الزراعة اللبنانيّة أو أي هيئة رسميّة أو أهليّة أخرى. والطلبات التي تقدّم بها الأهالي للمشروع الأخضر منذ سنوات طويلة من المسؤولين لم نجد لها الاذن الصاغية.

وأمّا عن الطبابة فلا يوجد عندنا أي مستوصف أو مستشفى بل أن أقرب مستوصف لنا هو مستوصف قرطبا وهو يبعد عن بلدتنا هو، قرابة الخمسة عشر كيلو متر.

والمشكلة الكبرى التي تفتقر إليها بلدة أفقا هي المياه إذ أنّ منازل أفقا وبساتينها لا تصلها المياه إلاّ عن طريق المضخات الكهربائيّة، وهي خاضعة لساعات التقنين الكثيرة.

والإشكالات الآنفة الذكر وغيرها من قضايا كانت وراء هجرة مُعظم الأهالي في الشتاءِ إلى البقاع والضاحيّة الجنوبيّة سعياً وراء طلب الرزق الحلال، ووراء تعليم أولادهم في الثانويات والجامعات.

وأمّا عن الأوقاف في بلدة أفقا فقد وفقنا الله تعالى لجمع التبرعات من الأهالي والمحسنين الكرام وإنشاء حسينيّة بمساحة 600م 2 لإقامة الشعائر الحسينيّة بها والمناسبات الإجتماعيّة.

وهذا البناء يفتقر إلى البلاط والدهان والأبواب والشبابيك وإلى مطبخ ومرافق صحيّة وإلى تجهيزات أخرى كثيرة.

وأمّا بالنسبة إلى مقام النبيّ هدوان في أعالي جرود أفقا والمؤلف من غرفة صغيرة لها قبة صغيرة فهو بحاجة إلى ترميم وتوسعة، وبناء مُصلى للنساء تابع له مع مرافق صحيّة وأماكن للوضوء، وقد عقدت بلدية أفقا مع الهيئة الإيرانيّة إتفاقاً من أجل قيام مشروع خاص بهذا المقام الأثريِّ. ويربط أفقا بهذا المقام طريق ترابي طويل يحتاج إلى إصلاح وتزفيت، وقد قام المؤمنون في هذه المنطقة قديماً بوقف خمسة وثلاثين دونماً من الأراضي الزراعيّة، لهذا المقام المبارك. لم يبق من تلك الأراضي الموقوفة بسبب التعديات والتجاوزات غير خمسة دونمات.

ج ـ تطلعات وأمان:

ولرئيس بلدية أفقا تطلعات وأمان أخرى مع وزارة السياحة أهمها:

أولاً: الإهتمام بمغارة أفقا حيث يبلغ إرتفاع هذه المغارة 40م، وعرضها 50م يتدفق منها الماء بغزارة في فصل الشتاء كرافد أساس للمياه في نهر إبراهيم، وفي هذه المغارة دهاليز وبرك كبيرة، وشلالات، ومجسمات منحوتة بفعل الزمن وهي تضاهي بجمالها مغارة جعيتا، والإهتمام بهذه المغارة يجعل منها معلماً سياحياً طبيعياً مُتميزاً في لبنان.

ثانياً: الإهتمام بالقلاع والهياكل التأريخيّة في البلدة والتي تحكي عن أساطير ومعتقدات الفينيفيين والشعوب الوثنيّة الأخرى التي مرّت على أفقا لغاية تأريخه حيث كانت بلدة أفقا تمثلُّ بلدة الحجِّ للشعوب البابليّة وغيرها من شعوب وثنيّة وكانت بعلبك في الشرق وبلدة علمات في الغرب محطتين لإستراحة قوافل حجاجهم.

ثالثاً: كما يوجد مغارة أخرى في بلدة أفقا إسمها مغارة سالم طولها 150 متراً تقريباً وهي تحوي الكثير من المناظر الطبيعيّة الرائعة. وختم كلامه بإستعداده مع زملائه في المجلس البلدي لإيصال صوت الأهالي إلى جميع الوزارات المختصة، والتعاون مع تلك الوزارات لرفع الغُبن والحرمان عن بلدة أفقا.

وأضاف قائلاً أنَّ فصل الشتاء بثلوجه في أفقا يمثل الهاجس الأهم والمشكلة الكبرى للشيوخ وللنساء والأطفال المتواجدين في البلدة عند إنقطاعهم عن المازوت والخبز بسبب الجليد والثلوج المتراكم على الطرقات.

كما أجرى حماده عَمرو مقابلة صغيرة أخرى مع السيدة إلهام زعيتر مديرة مدرسة أفقا الرسميّة جاءت تأكيداً وتوضيحاً لكلام رئيس البلدية الآنف الذكر حول هذه المدرسة.

إعداد:( حمادة علي عَمرو)