واحدة وقعت في لبنان.. كوارث جوية غيَّرت وجه السفر بالطائرات!

يزخر تاريخ الطائرات بمحطات من الابتكارات التكنولوجية -من المحركات الموفرة للوقود إلى استخدام ألياف الكربون- التي حفزت بناء طائرات أفضل وأكثر أماناً. لكن العديد من حوادث الطيران المميتة فرضت بعض التغييرات في تصميم الطائرات، وهو ما أدى إلى تحسين الطائرات اللاحقة، ومنع خسارة المزيد من الأرواح.

ومن أبرز الحوادث التي طُبعت في ذاكرة اللبنانيين، كان سقوط طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية في البحر الأبيض المتوسط بعد دقائق من إقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وعلى متنها 90 راكبا من بينهم 54 لبنانيًا.

وفي هذا السياق، أوردت صحيفة “الغارديان” البريطانيّة بعض الأمثلة كالتالي:

رحلة شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار رقم 781
في 10 تشرين الأول 1954 تحطَّمت طائرة من طراز De Havilland Comet كانت تعمل ضمن أسطول شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار، بعد تعرضها لانخفاض كارثي في الضغط أثناء الرحلة، ما أدى لسقوط الطائرة في البحر بالقرب من جزيرة إلبا قبالة السواحل الإيطالية. لقي جميع مَن كان على متنها حتفهم، وعددهم 35 شخصاً. كانت هذه الحادثة هي الثانية من نوعها ضمن ثلاث حوادث من تحطم طائرات من طراز Comet، التي وقعت خلال عام واحد لأسباب متشابهة، حيث اكتشف المحققون أن انهيار جسم الطائرة بدأ من سقف المقصورة. انفصلت إحدى النوافذ وضربت أجهزة التحكم الموجودة في الجزء الخلفي من الطائرة، وبعد ذلك تمزق جسم الطائرة الخلفي. وكان السبب هو إجهاد المعدن الناتج عن زيادة الضغط على جسم الطائرة ثم انخفاضه بشكل مستمر خلال الاستخدام اليومي.

رحلة خطوط دلتا الجوية رقم 191
في 2 آب 1985 واجهت طائرة من طراز Lockheed TriStar تعمل لصالح خطوط دلتا الجوية الأميركية عاصفة جوية أثناء هبوطها في مطار دالاس فورت ورث. أدت العاصفة الجوية إلى اصطدام الطائرة بالأرض بعيداً عن مدرج الهبوط، وتفككها، موديةً بحياة 137 شخصاً، مع إصابة 28 آخرين. وتوصل المحققون إلى أن الاصطدام نتج عن قرار طاقم الطائرة بالمرور من خلال العاصفة، مع عدم وجود إجراءات متبعة أو تدريب كاف للتعامل مع الاندفاعات الجزئية (تيارات هبوطية صغيرة وعنيفة تظهر في العواصف)، وعدم وجود تنبيهات متطورة للتغيرات الحادة في سرعة الرياح أو اتجاهها، والمعروفة برياح القص. وبعد الانتهاء من التحقيقات، طوّرت ناسا راداراً للطقس يمكن تركيبه في الطائرات، ورُكب نظام الكشف والإنذار المحمول في العديد من الطائرات بعد أن أصرَّ منظمو القانون في أميركا على ضرورة امتلاك جميع الطائرات التجارية لوسائل محمولة لرصد رياح القص.

رحلة 28M التابعة لبريتيش إيرتو
في 22 آب 1985 اشتعلت طائرة من طراز Boeing 737 قبل إقلاعها من مطار مانشستر متجهة إلى كورفو باليونان؛ ما أدى إلى مقتل 55 شخصاً. تعطل أحد المحركات قبل الإقلاع، مسبباً حريقاً كبيراً. وقد أمر قائد الطائرة الطاقم بإخلاء الركاب، حيث نجا 82 ممن كانوا على متنها، وتسبب استنشاق الدخان في أغلب الوفيات. تسببت هذه الحادثة في تحرك صناعة الطائرات باتجاه تعديل تصميم الطائرات. وشمل ذلك تغيير تخطيط المقاعد القريبة من المخارج، واستعمال أغطية مقاعد مضادة للاشتعال، وتركيب أضواء طوارئ في مستوى الأرض، وتركيب ألواح مقاومة للاشتعال في الجدران والسقف، واستخدام إجراءات أوضح للإخلاء.

رحلة طيران المكسيك رقم 498
في 31 آب 1986 اصطدمت طائرتان في الجو فوق ضاحية سيريتوس بمقاطعة لوس أنجلوس. وقتذاك، اصطدمت طائرة خاصة صغيرة من طراز Piper PA-28-181 Archer بذيل الرحلة رقم 498 من طراز McDonnell Douglas DC-9 أثناء انخفاضها في السماء نحو مطار لوس أنجلوس الدولي؛ ما أدى إلى وفاة ركاب الطائرتين جميعاً، البالغ عددهم 67 شخصاً، إلى جانب وفاة 15 على الأرض. بعد ذلك، فرضت الولايات المتحدة على جميع الطائرات التي ترغب في دخول مجالها الجوي تركيب أنظمة تجنب التصادم في الهواء. ثم تبعها العالم بأكمله في هذا القرار، بعد اصطدام طائرتين -من طراز Boeing 747 وطراز Ilyushin Il-76 السوفيتي- في الجو بالقرب من مدينة نيودلهي عام 1996.

رحلة خطوط الولايات المتحدة الجوية رقم 427
في 8 أيلول 1994 تحطَّمت طائرة من طراز Boeing 737 أثناء رحلتها من شيكاغو، متجهة إلى مطار بطرسبرغ الدولي. وقال المحققون إن السبب المحتمل هو عطب دفة قيادة الطائرة وتحركها بقوة في اتجاه معاكس للاتجاه الذي أمر به الطيار، ما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة بشكل لا يمكن لطاقم الطائرة معالجته. لقي 132 شخصاً كانوا على متن الطائرة حتفهم. وقد وافقت بوينغ بعدها على تصميم وتحمل تكاليف نظام توجيه جديد للدفة لجميع الطائرات العاملة من طراز 737.

رحلة 447 للخطوط الجوية الفرنسية.. من أسوأ حوادث الطيران
في 1 حزيران 2009 أثارت حادثة تحطم رحلة الخطوط الجوية الفرنسية رقم 447 مخاوف حول مستوى الأنظمة الآلية في الطائرات. وقد تفاقمت تلك المخاوف بعد تحطم الطائرة 737 Max بإندونيسيا وإثيوبيا. كما تعطَّلت طائرة من طراز Airbus A330 في طريقها من ريو دي جانيرو إلى باريس، ولم تتعاف؛ ما أدى إلى تحطمها في المحيط الأطلسي وفقدان 228 شخصاً من الطاقم والركاب ممن كانوا على متنها. وخلص التحقيق الأولي إلى أن الطائرة تحطمت بعد تجمد أجهزة استشعار السرعة الجوية، متسببةً في انقطاع الاتصال بالطيار الآلي في جو عاصف. وأدى ذلك إلى تسليم غير متوقع للقيادة إلى الطاقم البشري، والذي كان أحد أفراده غير معتاد على الطيران اليدوي على ارتفاع كبير، وكان رد فعله غير صائب، حيث سحب مقدمة الطائرة إلى الأعلى. أدت أخطاء الطيار في النهاية إلى انهيار الأجنحة -حيث يعجز تيار الهواء أسفل الأجنحة عن حمل وزن الطائرة- وسقوطها من السماء بشكل كارثي بسرعة 11 ألف قدم في الدقيقة. بعد هذه الكارثة، حثَّ منظمو الطيران جميع الخطوط الجوية على تشجيع القيام بقدر أكبر من الطيران اليدوي، للحيلولة دون التأثر السلبي على مهارات القيادة الأساسية لدى طياريها.