بو صعب: ضغطنا لمنع تدخل "المعلومات" بالمحكمة العسكرية!


ككرة الثلج تتدحرج قضية الحكم في ملف المقدم سوزان الحاج والمقرصن أيلي غبش بعد إبطال التعقبات بحق الرئيسة السابقة لمكتب جرائم المعلوماتية بجرم التدخل في فبركة ملف التعامل للممثل المسرحي زياد عيتاني وإدانتها بجرم مخالفة التعليمات العسكرية، في مقابل إنزال عقوبة الأشغال الشّاقة مدة 3 سنوات بغبش وتخفيفها الى سنة سجن. كل "المشهدية" التي رافقت صدور الحكم ساهمت في رفع المتاريس بين الحلفاء المفترضين الى حدّ المنازلة المباشرة.
اكثر من باب "تصعيد" فتح دفعة واحدة: رأي عام هاج وماج في العالم الافتراضي مدافعاً عن "براءة المقدم" أو منتقداً القرار القضائي "المسيّس". حركة "تمرّد" داخل المحكمة العسكرية من جانب القاضي هاني حجار إعتراضاً على القرار بتبرئة الحاج و"التدخل السياسي" في القضية الى حدّ السماح لموكب الحاج بدخول حرم المحكمة، على حدّ تأكيد أوساطه. تلويح ب "تمييز" قرار المحكمة، ومواقف من العيار الثقيل بدءاً من رئيس الحكومة سعد الحريري بحديثه عن "رسالة سياسية ل "شعبة المعلومات"، مروراً ب "قنبلة" وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، والتصعيد الناري للأمين العام ل "تيار المستقبل" أحمد الحريري وقيادات في "التيار الازرق" تدين صراحة حكم "العسكرية" في مقابل تبنِ كامل من جانب رموز العهد لمسار قضية الحاج-غيش و"نهايتها السعيدة"... وأخيراً نقاش لا ينتهي عن "دور الكوماندوس" الذي لعبه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس في جلسة محاكمة سوزان الحاج: خصومه رشقوه بتهمة الانحياز الفاضح بالتخلي عن دوره كممثل للحق العام ليتحوّل الى محامي دفاع عن الحاج، فيما مؤيدوه صفقوا له: هكذا تُرَدّ الصفعة ل اللواء عماد عثمان!
لكن بالتأكيد أحد أكثر الاتهامات خطورة التي تلت صدور الحكم هي توجيه أصابع الاتهام مباشرة الى رموز العهد من رئيس الجمهورية ميشال عون الى وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدفاع الياس بو صعب وصولاً الى الوزير سليم جريصاتي بالتدخل والضغط على المحكمة العسكرية ورئيسها وقضاتها لحرف مسار المحاكمة بما يخدم "تلميع" صورة سوزان الحاج عبر نسف تحقيقات "شعبة المعلومات".
وزير الدفاع الياس بوصعب وفي حديث الى موقع "ليبانون ديبابت" ينفي تماماً هذا الاتهام قائلاً "لم نضغط على أحد بل ضغطنا على من يضغط على المحكمة وقلنا ممنوع التدخل في عمل المحكمة العسكرية. لقد ضغطنا لنوقف ضغطهم وتدخلهم في مسار المحاكمة". أضاف "قلنا يا أسود يا أبيض. المدان أدينوه والبرئ أعلنوا براءته. لا نقبل بالمواقف الرمادية لمراعاة ظروف أحد".
ويوضح بو صعب " شعبة المعلومات" استدعت قضاة من المحكمة، وضباطها جلسوا مع رئيس المحكمة العميد حسين عبدالله قبل كل جلسة داخل مكتبه ضمن سياق الضغط عليه. "كانوا يريدون رأس سوزان الحاج بأي ثمن"، مؤكداً أن "التسجيلات التي سمعها كل من حضر جلسات المحاكمة لا تدين الحاج بل تكشف كيف أن المقرصن غبش أخبرها أنه هناك ملف عمالة على زياد عيتاني، وردّت قائلة "الله يغمقلو"، كرد فعل عفوي على ما حلّ بها، لكنها لم تكن متدخلة في جرم الفبركة".
ويضيف بو صعب الذي تخضع المحكمة العسكرية لسلطته مباشرة "تهمة "شعبة المعلومات" لسوزان أنها طلبت من غبش فبركة ملف العمالة، وهذا أمر اكتشف زيفه، إذ ان في التسجيلات قال غبش لسوزان أنه من 2012 يعمل مع "أمن الدولة" ويلاحق عيتاني بتهمة عمالة، فيما لا علاقة للحاج بهذه المرحلة إطلاقاً"، مشيراً الى أنه تمّت إدانة الحاج فقط بجرم عدم إبلاغ رؤسائها بما علمت به، وقد حكم عليها على أساس هذا الامر، لكنها بريئة من تهمة فبركة الملف لعيتاني".
وفي هذا السياق يؤكد بو صعب "من خلال قرار المحكمة استعادت سوزان الحاج كرامتها"، مذكّراً في معرض التأكيد أنه لم يحصل أي تدخل من جانب فريقه السياسي بالقضية "حين أوقفت الحاج لم نتفوه بكلمة ولم نتدخل، لكن حين تبيّن لنا بالوقائع الملموسة والادلة "ان القصة عنزة ولو طارت"، وهناك من يريد تجريم الحاج على ذنب لم تقترفه، وأن "المعلومات" تريد رأسها بأي ثمن، كان لنا موقفاً بقطع الطريق على أي تدخلات في قرار المحكمة. نحن لن نرضى بأن يحصل ما كان مخططاً له دفاعاً عن سنية زياد العيتاني بتجريم من ليس مذنباً".
ويتحدث بو صعب عن "رسالة رسمية وصلت من المخابرات السعودية، بعد وضع الحاج ال "لايك" على تغريدة شربل خليل، تطلب معاقبتها على فعلتها، وقد قام محققو "المعلومات" بكشف هذه المراسلة أمامها، لكن حين وقفت أمام القاضي قالت "انا أعاقب اليوم بناء على هذا الطلب السعودي".
ويؤكد بو صعب أن "رئيس المحكمة عرض كل شي على الشاشة داخل المحكمة ، وتسنى للاعلاميين والحضور التثبّت من المعطيات وسماع التسجيلات، والتيقّن من براءة المقدم".
وماذا عن مرافعة القاضي جرمانوس شخصياً عن المقدم الحاج؟ يردّ وزير الدفاع "مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية قام بما قام به من تلقاء نفسه"، مشيراً الى "تصفية حسابات ربما بينه وبين "المعلومات".
وحول وجود ملف قضائي، بناء على تحقيقات "المعلومات"، يكشف تورّط جرمانوس بتهم فساد يقول بو صعب "اذا بيتر غلطان لا أحد يحميه، وهذا ما أعلناه سابقاً. وإذا عماد عثمان مخطئ هو ليس خارج المساءلة".
وفيما حذّر كثيرون من المنحى الطائفي الذي أراد البعض إلباسه لخلاف هو سياسي بامتياز بفعل تصفية الحسابات السياسية على "سطوح" المحكمة العسكرية، وما سبق وتلا ذلك من توتر عوني-مستقبلي على خلفية ما نسب للوزير باسيل في الأيام الماضية، يؤكد مطلعون ان دخول الوزير السابق رشيد درباس ضمن فريق الدفاع عن المقدم الحاج كان بمبادرة شخصية من درباس إذ توجّه الى الحريري قائلا "سأتوكّل عن سوزان الحاج لأحميك. الموضوع يأخذ منحى طائفي، وكأن الأمور صارت بالشخصي. انا محسوب عليك، وسأدافع عن الحاج لاحميك من هذه التهم