رايدان وريان اقتيدا من أعالي جبل الشيخ إلى داخل سوريا.. للمرة الثانية دمشق ترجئ تسليمهما!

حتى ما بعد منتصف ليل الثلثاء، لم يكن عنصرا أمن الدولة اللذان اقتيدا من الأراضي اللبنانية إلى سوريا، بينما كانا في رحلة استجمام بأعالي جبل الشيخ، قد عادا بعد إلى بلدتيهما وفقا للتوقعات، ليكون هذا التأجيل الثاني لعودتهما، بعدما كانت التحضيرات جارية لاستلامهما منذ مساء الإثنين الماضي، على أن يحضرا إلى لبنان عبر معبر المصنع البري.

الخطف والاتصال
رايدان شروف، من بلدة بكيفا في قضاء راشيا، وريان علبي من بلدة راشيا، وهما صديقان يعملان في جهاز أمن الدولة، ويترددان كما كل أبناء منطقتهما إلى مرتفعات جبل الشيخ، التي تستقطب هواة السياحة البيئية، توجها قبل يومين في سيارة رباعية الدفع، إلى مرتفعات الجبل، بعد أن مرا بحاجز للجيش، مهمته التأكد من هوية عابريه، وتقصي المعلومات المحددة حول وجهتهم، والفترة التي ينوون قضاءها في المنطقة وموعد عودتهم، في سعي لإبقاء هذه البقعة الحساسة أمنيا تحت المراقبة المستمرة.

قد يكون الشابان توغلا أكثر من المعتاد في المنطقة الجردية الفاصلة بين لبنان وسوريا، بحثا عن كميات ثلوج لا تزال مخزنة في المنطقة، إلا أن الموقع الذي خلفت فيه سيارتهما، لا يزال ضمن الأراضي اللبنانية كما تؤكد المعلومات، حيث عثر فيها على “نرجيلة”، وزجاجات بيرة وعلبة “متّة” غير مستهلكة.
وعليه، تشير التقديرات بأن عناصر النظام السوري الذين اقتادوا الشابين هم من توغلوا إلى الأراضي البنانية، ويرجح أن يكونوا قد فعلوا ذلك بعد رصد الشابين ومراقبتهما.

من حسن حظ رايدان وريان ربما، أن أحدهما، وهو ريان قد نجح في التواصل مع شقيقه، وأخبره في رسالة هاتفية، انه ورفيقه أوقفا من قبل الجيش السوري واقتيدا إلى سوريا، لينقطع الاتصال بهما كليا من بعدها، كما تشير المعلومات.

التدخلات السياسية
تمكنت الأجهزة الأمنية اللبنانية من تحديد الجهة التي اقتيدا إليها في سوريا، وكان يفترض وفقا للمعلومات أن يجري استلامهما عند نقطة المصنع، عند السادسة من مساء الإثنين، إلا أن أمراً طرأ غيّر من هذا التوجه.

وفقاً للمعلومات، فإن تدخلات سياسية جرت، في محاولة لاستغلال عودتهما، وتصويرها كأنها انتصار لطرف سياسي على آخر، خصوصاً أن الشابين ينتميان إلى بيئة درزية معارضة للنظام السوري. فيما الاتصالات للإفراج عنهما تتولاها فئة سياسية درزية مؤيدة لهذا النظام.

ما يحز في قلب أبناء المنطقة أن الشابين اللذين خطفا في الجرود اللبنانية، ينتميان إلى المؤسسة الأمنية اللبنانية أولاً، وكانا يحملان بطاقتيهما العسكرية. وبالتالي، يعتبر الأهالي أنه كان على الجهاز الذي ينتميان إليه أن يتحرك للمطالبة بتسليمهما فوراً، ومن دون أي تدخلات سياسية أو غير سياسية، وذلك بأمر من رئيس الجمهورية، المسؤول الأول عنهما، ليس فقط كقائد للمجلس الأعلى للدفاع، لكن لأن جهاز أمن الدولة تابع مباشرة إلى إمرته، مشددين على أن الصفة الأمنية للشابين تسقط عنهما أي صفة سياسية أو دينية.

الانتهاكات المتكررة
وعلى رغم تشابه حادثة الشابين بمحاذاة الحدود التي تفصل لبنان وسوريا عند جبل الشيخ، مع حادثة الشبان الثلاثة الذين تعرضوا لعملية “خطف” مشابهة، على مقربة من الحدود في منطقة عرسال قبل أسابيع، والتي انتهت بمقتل أحدهم والإفراج عن الآخرين، يشير أهالي المنطقة إلى أن ظروف عرسال الأمنية تختلف كلياً عن جبل الشيخ، الـ”نظيف جداً أمنياً”، ولم يتعرض طيلة فترة الأحداث لأي خروقات أمنية تذكر.

ليس هناك سبباً أمنياً إذاً يمنع توجه الناس للاستجمام في أرجاء جبل الشيخ، الذي يشكل محجاً للبنانيين من مختلف المناطق، وخصوصاً بالنسبة لمحبي البيئة كريان ورايدان، اللذين يكفي تصفح صفحتيهما عبر تطبيق فايسبوك، للتعرف على مدى شغفهما بالطبيعة وبمناظرها الموثقة بكاميراتهما. أما حادثة اقتيادهما فليست سوى فصل آخر من فصول الانتهاك المتكرر للأراضي اللبنانية، ومنطق الاستقواء والتخويف والتضييق الممارس من قبل النظام السوري على المعابر المشتركة مع لبنان، سواء أكانت هذه المعابر شرعية أم غير شرعية.

المدن