مَن يلعب بالنار في الجبل؟



كتب طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية”:
يقول سياسي عتيق، من الجبل: «حسناً أنّ الوزير جبران باسيل لم يتابع طريقه إلى كفرمتى. لو فعل، لربما كنّا قد دخلنا في مواجهة من نوع آخر، ذات طابع طائفي». ويضيف: «إثنان يجرؤان على اللعب بالنار في أرضٍ تكسوها الأعشاب اليابسة: مَن لا يعرف عواقب المغامرة لأنه لم يدخل في تجربة سابقة… ومَن يعرف عواقب المغامرة لكنه يريد الاستثمار فيها. وفي الحالين، إنها الكارثة»!
ليس سرّاً أنّ الجبل بعد حادثة قبرشمون يختلف عمّا كان قبلها. فمناخ الطمأنينة اهتزّ نسبياً. صحيح أنّ الحادثة وقعت بين جنبلاطيين وإرسلانيين، لكنّ الاحتقان الحقيقي ليس درزياً – درزياً فحسب، بل هو أيضاً جنبلاطي – عوني، وخطورته أنه اتخذ في شكل غير مباشر طابعاً طائفياً.
طبعاً، في الشوف وعاليه، لا يمثّل «التيار الوطني الحر» غالبية مسيحية. ففيهما ثقل لـ»القوات» و»الكتائب» ومستقلين. لكنّ «التيار» أكبر زعامة مسيحية، وهو الركيزة الزعامتية لموقع رئاسة الجمهورية الماروني. وليس سهلاً فكّ ارتباط «التيار» بالمسيحيين. لذلك، في الساعات الأخيرة، كان الهدف الأساسي إعادة «تطبيع» المزاجين الدرزي والمسيحي في الجبل، وعزل التأثيرات التي خلّفتها أحداث الأحد.
وهنا يبدو حيوياً التحذير الذي يتردّد في بعض أوساط 14 آذار المسيحية عن وجود محاولة لضرب التوافق المسيحي – الدرزي في الجبل، إستباقاً للتحولات الكبرى التي ستشهدها المنطقة في المراحل المقبلة، والتي يتحتّم فيها أن يكون الجبل متماسكاً، في اعتباره قلب لبنان التاريخي. فأيّ تصادم مسيحي – درزي في الجبل سيكون مؤذياً للطرفين.

طبعاً، باسيل يرفض تماماً أي كلام عن استفزاز، ويسأل: أين الاستفزاز إذا قام وزير بزيارة بلدة في الجبل؟ وأين المَسّ بالموقع الدرزي إذا كانت الزيارة تشمل مرجعية روحية للطائفة، وفي حضور وزراء ونواب دروز؟
الأوساط الآذارية تقول: «ليست الزيارة وحدها استفزازية، بل مضامين الكلام الذي يقوله باسيل. فهل كان مضطراً في الكحالة إلى استعادة مناخات الحرب؟ وهل كان مضطراً في دير القمر، قبل فترة، إلى التذكير بفتنة 1860؟ أليست هذه المواقف استفزازية في بيئة معينة؟
ووفقاً لهذه الأوساط، إنّ ما يجري في الشوف من محاولات لإضعاف جنبلاط داخل الطائفة أو لخلق نفور درزي – مسيحي يُراد منه إضعاف الجبل ككل.
بالنسبة إلى جنبلاط، الصورة واضحة: «يريدون معاقبتنا لعدائنا مع الأسد. ووصلتنا رسائلهم الساخنة من الشويفات إلى الجاهلية إلى قبرشمون، ومحاولات التطويق والعزل في الحكومة والمؤسسات. وهناك خطة للتخلّص من المختارة والاستيلاء على دورها التاريخي في صناعة القرار. والتباهي بأنّ جنبلاط خسر موقعه كـ»بيضة قبّان» ينطوي على إشارة خبيثة إلى خسارة دور الطائفة عموماً