بعض الأفران «تنتش» رغيف الفقراء بتخفيض وزن الربطة ووزارة الاقتصاد تؤكد أن المخابز لا تزال تربح !!!

أول من أمس، نظمت مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة 25 محضر ضبط بحق مجموعة من الأفران بسبب تلاعبها بسعر ربطة الخبز (1500 ليرة) أو وزنها (1000 غرام). أمس، كان حبل المحاضر «ع الجرّار»، إذ واصل مراقبو المديرية جولاتهم على المخابز والأفران. المؤسف، هنا، ليس في محاولة أصحاب الأفران حفظ أرباحهم بتخفيف وزن ربطة الخبز، على غفلة من القانون، وإنما في كون من يفعلون ذلك «هم أصحاب المخابز الكبرى، وجلّهم أعضاء في نقابات أصحاب الأفران والمخابر وفي الإتحاد أيضاً»، بحسب مصادر في الوزارة. وهم أنفسهم الذين قالوا إنهم لن يخفضوا وزن ربطة الخبز ولن يرفعوا سعرها!
بنتائج جولة مراقبي مديرية حماية المستهلك، تبيّن أن قلة التزمت قرار عدم المس بوزن ربطة الخبز أو سعرها. إذ تراوح وزن ربطة الخبز في معظم الأفران بين 870 و935 غراماً.
«فائض الخوف» لدى أصحاب الأفران على أرباحهم لا يبدو أن ثمة ما يبرره. فقد خلصت دراسة للمديرية العامة للحبوب والشمندر السكري، أول من أمس، حول تأثيرات الأزمة على كلفة إنتاج الخبز، إلى أن كلفة «إنتاج» ربطة خبز يتراوح بين 939 ليرة حداً أدنى و971 ليرة حداً أقصى، آخذة في الإعتبار «الحدود القصوى لأسعار مكونات الإنتاج بما فيها سعر الدولار النقدي»!
إلى تلك النسبة، أضافت المديرية أكلافاً أخرى، هي عبارة عن كلفة «نقل وتوزيع الى نقاط البيع تتراوح بين 100 و125 ليرة، وهامش ربح في نقاط البيع بين 150 و200 ليرة»، بحيث يصبح مجموع الكلفة 1296 ليرة لبنانية حداً أقصى و1189 ليرة حداً أدنى. وعلى هذا الأساس، يكون «هامش ربح الأفران حالياً 311 الى 204 ليرات حداً أدنى لكل ربطة خبز على اساس سعر مبيع 1500 ليرة».
بالتفاصيل، تسرد المديرية بالأرقام كلفة ربطة الخبز والتي توزّعت ما بين «46% طحين (من 440 الى 452 ليرة)، 2,4% نقل (من 16 الى 24 ليرة)، 6,8% سكر وملح وخميرة (67 ليرة)، 7,3% نايلون (71 ليرة)، 12% مازوت (120 ليرة)، 25% يد عاملة وكهرباء وصيانة (200 ليرة حداً أقصى)»، علماً أن الدراسة اعتمدت سعر صرف الدولار الموازي، لا الرسمي. وقدرت المديرية أيضاً تأثيرات التغيرات في أسعار الدولار النقدي على كلفة انتاج ربطة الخبز زنة 1000 غرام، بما بين 76 و108 ليرات لبنانية.

مع ذلك، لا تكفي الأرقام ولا حتى المؤشرات لإقناع نقابة أصحاب الأفران بها، فهذه بالنهاية «دراسة وزارة الاقتصاد»، يقولون. أكثر من ذلك «عملها بالإنكليزي»! يقول أحدهم بتهكم. انطلاقاً من هنا، ثمة رواية أخرى لأصحاب الأفران تختلف عن رواية «الاقتصاد». ففي آخر دراسة أجراها هؤلاء، بلغت كلفة انتاج ربطة الخبز زنة 1000 غرام حوالى 1450 ليرة، وهذه «المشكلة الأساسية» مع الوزارة، على ما يقول نقيب أصحاب الأفران في الشمال طارق المير، لافتاً الى «أننا طلبنا من الوزير منصور بطيش خفض وزن الربطة إلى 900 غرام وتضل على 1500»، غير أن هذا الإقتراح رفض، متهماً بطيش بأنه «عم يحرّض المواطنين علينا».
في حسابات نقابات أصحاب الأفران، لا وجود لدراسة «الحد الأدنى والحد الأقصى» التي قدمتها وزارة الاقتصاد. يلفتون الى أن قرار الوزير بتسعير طن الطحين «في أرض المطحنة» بـ565 ألف ليرة لم يحسن من الوضع، إذ أن «هناك 30 ألف ليرة كلفة نقل، يعني رجعنا لـ600 ألف». أضف إلى أن الوزير «حط جمرك على الطحين المستورد، يعني لا أوكراني ولا روسي ولا تركي»، وهو ما يصعّب الأمور وما يجعل الحوار بين الطرفين عقيماً. لذلك، يتداعى أصحاب الأفران الى عقد جلسة عمومية الثلاثاء المقبل للبحث في الخيارات، ومن المفترض أن يجروا دراسة أخرى لكلفة انتاج ربطة الخبز، علهم يصلون إلى حل وسطي.


المصدر :جريدة الأخبار