الأخبار”: حكومة الفرصة الأخيرة

كتبت صحيفة “الأخبار ” تقول : شُكّلت الحكومة قبل انتهاء المهلة التي كان قد وضعها رئيسها لنفسه. وعد ‏رئيس الحكومة حسان دياب بأن مرحلة تناتش الحصص قد انتهت وأن كل ‏وزير لن يكون مرتبطاً لا بحزب ولا بقرار سياسي. قال إن الوقت وقت ‏عمل، وهو سيشكل بعد الاجتماع الأول للحكومة، اليوم، لجنة لإعداد البيان ‏الوزاري، وأخرى لبحث الإجراءات المطلوبة للخروج من الأزمة المالية ‏والاقتصادية. لكن الانتفاضة لم تستمع إلى رسائله “الإيجابية”. سريعاً، ‏احتشد الناس أمام مدخل ساحة النجمة، وسريعاً قطع مناصرو المستقبل ‏الطرقات في معظم المناطق، اعتراضاً على المحاصصة التي اختبأت خلف ‏أسماء معظمها مجهول

بعد شهر ويومين على تكليفه تشكيل الحكومة، صدر مرسوم تعيين حسان دياب رئيساً للحكومة، وقبله صدر ‏مرسوم قبول استقالة سعد الحريري. هي حقبة جديدة تُرسم مع خروج الحريري من السلطة، وانضمام شخصية ‏جديدة إلى نادي رؤساء الحكومات، تكاد تقطع مع ما سبقها من تجارب، الأمر الذي حرص دياب على تأكيده ‏مراراً في كلمته، أمس، في سياق إشارته إلى “المرّات الأولى” التي تتحقق مع حكومته. المرسوم الأول الذي ‏يُوقّعه كرئيس للحكومة، كان مرسوم تشكيل الحكومة. وتلك أبصرت النور بعد صراع محتدم بين قوى 8 آذار، ‏أطاح فرصة التأليف أكثر من مرة. لكن بين ضغط الشارع ودفع حزب الله حلفاءه للتوقف عن استنزاف الوقت، ‏تألفت حكومة “الاختصاصيين”. ليست حكومة الوزير المناسب في المكان المناسب، كما هي ليست حكومة ‏مستقلين بكل تأكيد. مزيج هجين، نجح المؤلفون في صهره في التشكيلة النهائية، وفق آلية راعت الولاءات ‏والأسماء والحقائب والطوائف والحصص والمناطق‎.

لكن بالرغم من كل ما يمكن أن توصف الحكومة به وتُذمّ، إن كان من الانتفاضة التي لم تخرج الأسماء وطريقة ‏توزيرهم على قدر التطلعات التي رسمها الناس في الشارع خلال 100 يوم، أو من قوى 14 آذار المتضررين من ‏خروجهم من السلطة، إلا أنها تبقى حكومة الفرصة الأخيرة. الفرصة الأخيرة التي لا تملك لا هي ولا القوى ‏السياسية التي شكّلتها أي فرصة غيرها للإنقاذ وتقديم نموذج في الحكم. صحيح أن أعضاءها عُيّنوا من قبل القوى ‏السياسية، وأن لا خيار أمام الوزراء الجدد سوى العمل بمعزل عن الصراعات السياسية التي عطّلت كل الحكومات ‏السابقة، والتي كانت معظم الأوقات تجري داخل الفريق الواحد‎.

الأهم أن هذه الحكومة لا يمكن أن تتذرع بالتعطيل كما فعلت حكومة الحريري، فرئيس الحكومة كان له الدور ‏الأساسي في اختيار الغالبية العظمى من أعضائها، بالرغم من مساعي كل الأفرقاء لفرض أسماء عليه. فالكتل ‏الكبرى قدمت له لوائح ليختار بينها. وهو أجرى عشرات المقابلات مع مرشّحين، اختار من بينهم من يستطيع أن ‏يكون جزءاً من “فريق العمل‎”.‎

هذه الحكومة لا يمكن أن تتذرع بوجود الناس في الشارع وعدم إعطائها فرصة من قبلهم، سواء كان هؤلاء ‏منتفضين في وجه الأداء السياسي العام في البلد أو كانوا من القوى المتضررة، كالقوات، التي بدأت تحشد ‏مناصريها أمس، منذ ما قبل إعلان تأليف الحكومة، من أجل محاولة إسقاطها. كل ما سبق يجدر أن يكون حافزاً ‏للعمل بسرعة. المطلوب إنجازات واقعية تحدث فرقاً وتنقذ البلد، لا الهروب من المسؤولية أو التلهّي بجدول أعمال ‏يستحيل إنجازه، كالانتخابات المبكرة‎.
أول من أمس، نامت قوى “8 آذار” على صدمة عدم تشكيل الحكومة، بسبب إصرار جبران باسيل على الثلث ‏المعطل، والحزب السوري القومي الاجتماعي على التمثّل بمسيحي، وسليمان فرنجية على وزيرين، وطلال ‏أرسلان على وزيرين للدروز. وأمس، نال الجميع ما أرادوا، إلا القومي الذي فضّل الانسحاب من الحكومة‎.‎

ومع انتقال دياب إلى قصر بعبدا، وكذلك الرئيس نبيه بري، وضعت اللمسات الأخيرة على الحكومة، فانضم إليها، ‏على سبيل المثال، المصرفي راوول نعمة وزيراً للاقتصاد، وزينة عكر عدرا نائبة لرئيس الحكومة ووزيرة ‏للدفاع. وقد ضمّت 6 نساء للمرة الأولى في تاريخ الحكومات. وبالرغم من عدم وجود حزبيين في الحكومة، إلا أن ‏أعضاءها توزعوا على رئيس الجمهورية وجبران باسيل (6 وزراء) وحزب الله (وزيران) وحركة أمل ‏‏(وزيران) وسليمان فرنجية (وزيران) وطلال أرسلان (وزيران)، إضافة إلى دياب (4 وزراء)، اللقاء التشاوري ‏‏(وزير) والطاشناق (وزير‎).
ــــ حسان دياب رئيساً‎
ــــ زينة عكر نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة للدفاع (محسوبة على رئيس الجمهورية‎)
ــــ ناصيف حتي وزيراً للخارجية والمغتربين (محسوب على باسيل‎)
ــــ غازي وزني وزيراً للمال (سمّاه الرئيس نبيه بري‎)
ــــ محمد فهمي وزيراً للداخلية والبلديات (من حصة دياب‎)
ــــ ريمون غجر وزيراً للطاقة والمياه (مستشار في وزارة الطاقة، ومقرّب من باسيل‎)
ــــ طلال حواط وزيراً للاتصالات (سمّاه اللقاء التشاوري‎)
ــــ راوول نعمة وزيراً للاقتصاد والتجارة (من حصة باسيل‎)
ــــ ماري كلود نجم وزيرة للعدل (من البترون ومحسوبة على عون‎)
ــــ ميشال نجار وزيراً للأشغال العامة والنقل (حصة المردة‎)
ــــ عماد حب الله وزيراً للصناعة (سمّاه حزب الله‎)
ــــ حمد حسن وزيراً للصحة العامة (من حصة حزب الله‎)
ــــ عباس مرتضى وزيراً للزراعة والثقافة (سمّاه بري‎)
ــــ لميا يمّين وزيرة للعمل (من حصة المردة‎)
ــــ طارق المجذوب وزيراً للتربية (اختاره دياب‎)
ــــ منال عبد الصمد وزيرة للإعلام (مستقلة وافق عليها أرسلان‎)
ــــ رمزي مشرفية وزيراً للسياحة والشؤون الاجتماعية (محسوب على طلال أرسلان‎)
ــــ غادة شريم وزيرة للمهجرين (محسوبة على عون‎)
ــــ دميانوس قطّار وزيراً للبيئة والتنمية الإدارية (سمّاه دياب‎)
ــــ فارتيني أوهانيان وزيرة للشباب والرياضة (الطاشناق‎)

بعد إعلان التشكيلة، عقد رئيس الحكومة مؤتمراً صحافياً قال فيه إن “الحكومة تعبر عن تطلعات المعتصمين على ‏مساحة الوطن، وسنعمل لترجمة مطالبهم وهي مكونة من اختصاصيين ذوي كفاءات، وفيها تمثيل متوازن للمرأة. ‏إنها حكومة اختصاصيين لا يقيمون حساباً إلا لمصلحة الوطن، حكومة غير حزبيين لا يتأثّرون بالسياسة ‏وصراعاتها، حكومة شباب وشابات يفتشون عن مستقبل واعد في وطنهم، حكومة لبنان يحمي الأبناء، حكومة ‏تتولى المرأة فيها التمثيل الوازن وتشغل فيها موقع نائب الرئيس للمرة الأولى في لبنان، حكومة وزراؤها استثناء ‏وفريق عمل إنقاذي لا يملك إلا بذل الجهد والعطاء‎”.

وأكد أن المهمة صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة إذا تعاون الجميع من أجل وقف الانهيار وبدء ورشة بناء الثقة. ‏وقال: نحن نتطلع إلى التكاتف الوطني لمواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر البلد والتي تهدد الاستقرار المالي ‏والاقتصادي‎.‎