عائلتها رفضت استلام جثتها ودفنها… “أنا اللايدي سوزي يلي ما معها تاكل I Love You Bye!”… اليكم قصة المعاناة حتى الرحيل

كانت تحلم برحيل دراماتيكي، ولدى سؤالها عن توقعاتها حول الطريقة التي ستموت فيها، في احدى المقابلات التلفزيونية، قالت: “أنا بروح سكتة قلبية، رح عيش قد صباح وكل ما ختيرت كل ما الله رح يوفقني، رح موت سكتة قلبية عل كثر ما صار مارق عليي بحياتي قصص ووجع وتعصيب”.

“سوزي” التي لم يكن همّها المال منذ عامين فقط، عاشت ألماً وذلاً وفقراً في الآونة الأخيرة، فقراً دفع بها للقول منذ أقل من أسبوعين: “أنا سوزي، لايدي سوزي، يلي ما معها تاكل… I Love you ، يلا Bye”… وبعد أيام رحلت!



أما المفارقة في الموضوع، ليس الرحيل وحسب انما رفض عائلتها استلام جثمانها ودفنها، لاعتبار أن مسيرة حياتها مرفوضة من العائلة.

لكن الرحمة في قلوب البشر لم تمت بعد، وسوف تتم مراسم دفن سوزي في مقبرة شاتيلا جانب دوار شاتيلا اليوم الجمعة الساعة الواحدة بعد الظهر، هذ المقبرة التي صنفت كمدفن للمتوفين من ابناء بيروت على اسم “وقف العلماء المسلمين السنة بتولية مفتي الجمهورية اللبنانية”.

يلي الدفن تعازي في صالة كنيسة مار يوسف في منطقة التباريس في الأشرفية من الساعة الثالثة الى الساعة السادسة بعد الظهر.



سوزي التي رفضها أهلها في حياتها ومماتها تمكنت بموتها من جمع رحمة الأديان معاً، وأثبتت أن البشر مهما أعطوا لنفسهم الحق بالادانة، الّا أن عدالة السماء تبقى قائمة.

وبغضّ النظر عن موقفي الشخصي أو موقفنا جميعاً من موضوع التحوّل الجنسي لا يمكن لأحد أن ينكر أن “سوزي” المتحولة الجنسية التي شغلت اللبنانيين على مدار الأعوام الأخيرة، شكلت حالة نوعية في مجتمع منغلق فكرياً واجتماعياً على أمثالها من من قرّر أن يثور على طبيعته فثار مجتمعه عليه!

“سوزي” تعرضت لأبشع أنواع التنمر والهمجية، هي التي رفضها المجتمع بأسره، فاضطرت أن تعمل كعارضة أزياء ثم راقصة وتتحول مع الوقت لبائعة هوى في سبيل لقمة العيش.



القصة التي سنرويها عن سوزي اليوم مختلفة، منذ أسبوعين تقريباً روى الزميل شربل راشد لموقع VDLnews، قصة الصدفة التي جمعته بسوزي في منطقة الدكوانة، محلة سكنها، وأصر على ايصالها الى وجهتها، موضحاً: “أنا عرفت من تكون، والشمس كانت قد غابت والأمطار تهطل بعزارة، لم أتمكن من تركها واقفة في الظلمة وتحت المطر فعرضت عليها توصيلة، وهي بالطبع قبلت”.

وتابع راشد: “كلام سوزي كان متمحوراً حول المال والعوز، فيه نوع من الاستسلام للواقع الظالم وخضوع تام للموت ولو بطريقة مبطنة، وبدا ذلك واضحاً بعد أن أخبرتني أنها قررت الانتحار وكانت تنوي ان تأخذ السمّ لتنهي حياتها”.

ووفق ما نقل راشد، فقد قالت له سوزي: “كنت أنام على الأرض وبرفقتي 5 قطط، لم أكن أمتلك أي شيء حتى أنام عليه، الى أن قامت بمساعدتي جويل…”، وتابعت: “أنا اذا بدي ضل هيك، لشو عيشتي؟ بفضل موت!”.



وتابعت سوزي لراشد: “كنت أتقاضى من عملي كعارضة وراقصة في اليوم أموالاً كثيرة، لكن كل أموالي تبخرت، والسبب هو بكل صراحة الكوكايين، هو ما أفلسني وخرب صحتي، والآن توقفت عن تعاطيه لأنني لا أملك ثمنه!”.

ولفت راشد الى أن سوزي أخبرته ليلتها أنها كانت قد أمضت يومين من دون طعام لأنها لا تملك المال، وأنها متجهة الى منطقة الدورة “حتى تطلع مصاري”.

وعما رآه راشد فيها، قال: “هي ليست شخصاً وقحاً، لا تفرض نفسها على أحد وهمها الأساسي أن تتكلم حتى تزيح حملاً عن كتفيها، وكأنها تتحدث بهدف الراحة، هي شخص داخله نظيف وطيب”.

“من كلامها عن نفسها تشعرك وكأنها غير راضية عن حياتها، وقلبها محروق وخائب من وعود الاعلاميين الذين استغلوا قصتها في سبيل الرايتينغ ولم يفوا بوعودهم لها، الا البعض منهم الذين دفعوا لها مبالغ أقل بكثير من المتفق عليها، الا أنها استثنت الاعلامي جو معلوف الذي ساعدها مادياً وأمن لها مؤسسة خيرية تكفلت بأجرة منزلها حتى توفيت”، وفق ما نقل راشد.

وتابع: “عندما وصلت الى الوجهة المرجوة، وقبل أن تترجل من السيارة ودعتني بمحبة، وطلبت مني أن أزورها من حين الى آخر، وكأنها لا تحب أن تبقى وحيدة، وكأنها بحاجة الى دفء عائلة واحاطة، الا أنها بقيت متروكة كل أيام حياتها”.

أما عن الطريقة التي توفيت فيها “سوزي”، فأخبرنا راشد أنه سمع بأن قصة رحيلها أتت كالتالي:”كانت واقفة على درج منزلها، وكانت تعاني من ألم شديد في الرأس، رأتها جارتها، فسألتها عما يحصل معها… طلبت سوزي من الجارة مسكناً للرأس، ذهبت الأخيرة لاحضاره لكنها عندما عادت وجدتها واقعة أرضاً”… بصمت رحلت، بألم، بحرقة وبتهميش من المجتمع والعائلة.

حضور “سوزي” كان مضحكاً للبعض ومستفزاً للآخر، الا أن ما في داخل هذا الانسان بقي منسياً، لم يهتم أحد باكتشافه، والآن بعد رحيلها الحزين كثرت كلمات الوداع… لكن ما نفع العاطفة بعد الغياب الأبدي؟

المصدر : ليلى عقيقي – صوت لبنان