وزير الداخلية : لدينا أكثر من خطة للتعامل مع “الشغب”… ونعرف مَن وراءه

طوال الأيام الأخيرة، حرص وزير الداخلية محمد فهمي على مواكبة الأحداث الاحتجاجية التي شهدتها مدينة طرابلس والتي ترافقت مع أعمال عنف وشغب “من أرض المواجهة”.



يصعب على الوزير الآتي من ميدان الأمن وألغازه، أن يجلس على “كرسيه” فيما الأرض تشتعل غضباً لم تخل من أعمال تخريب شمالاً.

سرعان ما يسترد فهمي عقله الأمني كضابط ميداني، فيقصد الموقعة ليتمكن من اتخاذ الاجراءات المناسبة، في لحظات دقيقة جداً تحتاج إلى اتخاذ قرار فيه أعلى نسبة من الصح.

ولذا يفضّل التعامل عن قرب مع حالات التجاوز وبشكل فوري، ليتمكن من وضع الأوامر الميدانية في مكانها السليم.



كذلك فعل وزير الداخلية فور تسلمه الوزارة، حيث قصد ساحات الاشتباك في بيروت حيث كانت تدور اشتباكات بين القوى الأمنية وبعض المشاغبين. تعامل مع الأحداث بعقلية الضابط الميداني وليس المسؤول السياسي فقط.

يواجه وزير الداخلية مرحلة قد تكون الأدق منذ ولادة حكومة حسان دياب. التخفيف من إجراءات التعبئة العامة تقابلها تحمية شديدة للأرض من خلال تكثيف الدعوات للعودة إلى الشارع اعتراضاً على الوضع المعيشي الذي ينذر بانفجار بركان الغضب الشعبي.

ولكن سرعان ما أخذت هذه الحركة طابعاً عنفياً لا سيما في مناطق الشمال على نحو يثير التساؤل حول وجود جهات ما تقف خلف موجة العنف التي طالت القوى الأمنية من جهة والمصارف من جهة أخرى.



يحرص فهمي في حديث إلى “نداء الوطن” على التمييز بين متظاهرين سلميين يمثلون السواد الأعظم من اللبنانيين قصدوا ساحات الاعتراض تعبيراً عن الجوع والخوف من الآتي من الأيام، وبين مشاغبين استغلوا وجع الناس للقيام بأعمال غير قانونية.

بالنسبة للفئة الأولى، “أنا أدعمهم، وأقف في صفوفهم الأمامية لأنهم يمثلون حقيقة ألم الناس. وهؤلاء يلتزمون المعايير السلمية للتظاهر”.

ولكن بالنسبة للفئة الثانية تحديداً هؤلاء الذين يقدمون على تحطيم واجهات المصارف واشعال النيران بالصرافات الآلية، “فهؤلاء مدفوعون من جهات، الله أعلم ماذا تريد وهي تتولى تسييرهم وفق روزنامتها وجدول أعمالها”.



ويؤكد فهمي أنّ مكونات المجموعة الثانية معروفون بالنسبة للأجهزة الأمنية وهي تتولى رصدهم ومتابعتهم، ولذا يجزم أنّ أعمال الشغب التي يقومون بها ليست عفوية ولا تعبيراً عن غضب، وانما لها أهداف سياسية.

في المقابل، ينفي فهمي أن يكون “حزب الله” وراء الحركات الاحتجاجية التي تحصل أمام مصرف لبنان أو أي مصرف خاص، مشيراً إلى أنّ مجموعات يسارية هي التي تقود هذه الحركة، وهذا أمر جلي وواضح بالنسبة لكل الأجهزة الأمنية.

ومع اقراره أنّ أعمال الشغب “مسيّرة” عن بُعد، إلا أنّه يستبعد فرضية وقوف أجهزة خارجية وراء هذه التجاوزات، لافتاً إلى أنّها مدفوعة من جهات محلية لها حسابات ضيقة وقد تكون مدعومة خارجياً.

ولهذا يستعد وزير الداخلية للمرحلة المقبلة نظراً لدقتها خصوصاً وأن الأزمة الاقتصادية ستولد حالات اعتراض واسعة، اذ يأخذ الأمنيون بالاعتبار أن حركة الاحتجاج آخذة بالتوسع، سواء على مستوى الحركة السلمية أو تلك التي تشوبها أعمال العنف والتكسير.

يقول “نحن نعمل على وضع أكثر من سيناريو لمعالجة الحالات التي سيفرزها الشارع، سواء كانت من النوع العفوي أو تلك المنظمة لأهداف سياسية. وسنتعامل مع كل حالة وفق حالتها. ولدينا خطط “أ” وخطط “ب”.

بالنسبة للحركة الاحتجاجية المحقّة، يشير فهمي إلى أنّ “الاجراءات التي تقوم بها الحكومة هي واحد من العلاجات التي يمكنها المساعدة على تهدئة غضب الشارع ونحن نعمل على استيعاب هذه الحركة ومعالجتها”، معرباً عن تفاؤله جراء الخطة الاقتصادية الموضوعة نظراً للإشارات الايجابية التي وصلت الى الحكومة من دول صديقة أعلنت عن رغبتها في مساعدة لبنان ودعمه.

أما بالنسبة لأعمال الشغب فيقول إنها “تتطلب معالجة من نوع آخر. هنا تدخل العوامل السياسية حيث تحاول الأجهزة الأمنية رصد هذه الحركات وتعقبها تمهيداً لتوقيف مدبّريها”.

ويرى فهمي أن “ليس هناك قرار دولي لتفجير الوضع الأمني في لبنان. لا بل ثمة حرص على الحفاظ على الوضع الأمني، ولهذا نحن متفائلون بشأن ما ينتظر الخطة، خصوصاً لجهة المناخ الغربي المتفهم للخصوصية اللبنانية والمتعاون معنا”.

ويشير إلى أنّ “التنسيق بين الأجهزة الأمنية هو على مستوى عالٍ، لا تعتريه أي حساسية”، لافتاً إلى أن “العلاقة مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممتازة، وفيها الكثير من التعاون والالتزام بالقانون. فيما العلاقة مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم مميزة جداً”.