لبنان لا يعتمد على السياحة لحل أزمته بل على المغتربين اللبنانين بقلم الخبيرُ الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة،

أطلقَ الخبيرُ الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، في مقابلةٍ مع "ليبانون ديبايت" سلسلة أفكارٍ هامّة، اختار أن يجعل منها فُسحةَ أملٍ، في بلدٍ يَعُجُّ باليأس والسلبية، ويُسيطر عليه، مشهدُ الإنهيار. فأعلن رفضهُ المُطلقَ لمُصطلحِ الإستسلام، فهو يقول أنَّه ما زال بإمكاننا فعلُ الكثير. وجُلُّ ما علينا القيام بهِ حاليًّا هو المبادرةُ وعدمُ الوقوفِ وإنتظار "اللاشيئ"، فهذا هو أمرٌ "قاتلٌ" لا يُغتفر.
اعلان

وبشَّرَ الخبيرُ الإقتصادي عبر موقعنا بأنَّ "لبنان ما بعدَ الأوَّل من تمّوز سيعيشُ وضعًا مختلفًا عندما يُفتح المطار".
ويُشير عجاقة الى أنَّ إعتمادنا الأساسي في فتح المطار سيكون ليس على السوّاحِ الأجانبِ كما يظنُّ البعض، بل على المغتربين اللبنانيين". مشيدًا بعادةِ اللبناني المغترب "الحنون على وطنه"، الذي مهما حدث، يُحبُّ أن يأتي إليه ويزور أهلهُ. لافتًا الى أن المغترب متحمسٌ جدًا لكي يأتي الى وطنه خصوصًا بعد إنتهاء جائحة كورونا.
ويضيف، "في اللحظةِ الراهنة، الرهانُ على هؤلاء اللبنانيين الذين يُحبّون وطنهم، والذين سيأتونَ بأموالهم ليصرفوها في مختلف المناطق اللبنانية بدلَ أن يصرفوها على السياحةِ في أيِّ بلدٍ آخر، فلبنان أولى".
ويَضرِبُ عجاقة عبر "ليبانون ديبايت" مثالًا يشرح فيه ما من المرجَّح أن يَحدث، فيقول، "إذا أتى الى لبنان مليون مغترب، (وهو ليسَ بالرقمِ المُبالغ فيه)، فإنَّ كُل واحدٍ منهم سيدفعُ مبلغًا زهيدًا قد يُحدث فرقًا في النهاية، وسيؤدي الى ضخِّ العملةِ الصعبة في السوق اللبناني".
إلا أنّه مع "جرعة الإيجابية" التي بشّر بها عجاقة، شدَّد على أن قُدوم المغتربين يتطلَّب إتِّخاذ إجراءينِ مهمّينِ لإنجاحهِ.
أوَّلُ هذه الإجراءات، هو إستنفارُ الحكومةِ اللبنانية، فتَطلُبَ من المُلحقين الإقتصاديين والتجاريين لديها، العملَ كخلية النحل ودعوة المغتربين اللبنانيين للقدوم الى لبنان بشتّى السبل، فـ"لبنان بحاجةٍ إليكم، لدعمكم، ولأموالكم".

أمّا الإجراءُ الثاني، والهام جدًا برأي الخبير اللبناني، فهو التفكيرُ مليًّا في كيفية إستقطاب هؤلاء المغتربين عبر عروضٍ مشجِّعةٍ، فإقترح أن يَحدُثَ تعاونٌ بين وزارة السياحة وشركة طيران الشرق الأوسط (MEA) بهذا الخصوص لوضعِ خططٍ جديّةٍ ومُحفزةٍ للمغتربين للقدوم الى لبنان. فشركة الميدل إيست هي شركةٌ ناجحة وتستطيع الدولة أن تتعاون معها وتقترح عليها مثلًا إعفائها من ضرائب معينة في حال قدمت العروض للمغتربين.

ودقَّ البروفسور عجاقة جرس الإنذار، مذكرًا بأن هذه الفرصةَ الثمينةَ التي على لبنان إغتنامُها وستبدأ مباشرةً عندما يفتح المطار بعد أيامٍ قليلةٍ، لم يُقابلها بعد أيُّ تدبيرٍ يُذكر من السلطات حتى الآن، مستغربًا، "ماذا تنتظر الحكومة، هل تنتظر 1 تموز لتقوم بذلك؟ لقد تأخرت كثيرًا".

وشدد الخبير الإقتصادي ل"ليبانون ديبايت" على أنَّ لبنان بأمسِّ الحاجِة لِتدفُّقِ رؤوس الأموال إليه، وهو أساسُ مشكلتنا حاليًّا، منوِّهًا بأنَّ لبنان بحاجةٍ للإستقرار والأجواء الملائمة، وهو ما لا يُساعد به السياسيون اللبنانيون. داعيًا الأحزاب "لوضع الخلافات جانبًا ويأمنوا لنا "أجواء متل الخلق" ليعود المغتربون من دون أي تردُّد، فلبنان بغنى عن الإشتباكات السخيفة بين الحزب الفلاني والتيار العلاني".

ويتابع، "التعويل على عودة اللبنانيين من الخارج ليس مبالغةً أبدًا، فبِمقدورِ هؤلاء فعلُ الكثيرِ الكثير بزيارتهم الى لبنان، حتى أنّهم سيلعبون من دون إنتباههم دورًا هامًا في التسويق لبلدهم، عبر نشرِ جمالهِ ومعالمهِ السياحيّة، من خلال مشاركةِ صورهِ على حساباتهم على وسائل التواصل الإجتماعي التي تحتوي على المواطنين الأجانب من مختلف الجنسيات.

وخلال حديثه مع "ليبانون ديبايت"، قلَّلَ جاسم عجاقة من أهميّة السياحة الداخليّة، فالناس جائعة، ومنهوبة، وليس لديها ما تأكلهُ للأسف.

وحول مطالبة نقابة أصحاب المطاعم في لبنان، بدعمِ "دولارٍ سياحي" أسوةً بما تُقدّمه الدولة من دعمٍ للدولار لباقي القطاعات، إعتبر عجاقة أنّه يجب علينا أن نتحمل ونضحي قليلًا، فالمطلوب هو الصبر والتحمُّل والثبات في هذه الأزمة، ونبيع حتى لو بسعر الكلفة أو أكثر بقليل، فمصلحةُ البلد تقتضي ذلك حاليًّا، ومصلحتهم أن يرضوا بالقليل من أجلِ مستقبلِ القطاع السياحي ومستقبل لبنان ايضًا.

ويَطرَحُ عجاقة فكرةً قيمةً برأيهِ أنّها ستنقذ لبنان، وتُنجّيهِ من محنتهِ، "فأكثر ما يحتاجهُ لبنان حاليًّا هو التعاضُدُ الإجتماعي، ليس على صعيد المؤسَّساتِ السياحيةِ فحسب، بل في كلِّ القطاعات الإنتاجية في لبنان، فما نشهدهُ اليوم يتعارضُ مع فكرةِ التعاضد، فكلُّ مؤسسةٍ تقول "نفسي نفسي"، وبهذهِ الحالة سنُضرُّ أنفُسنا ولن ننجوا من هذه المحنة".

وفي موضوعِ سعر صرف الدولار، يأسفُ الخبير جاسم عجاقة أن يكونَ أغلبُ ما نسمعهُ عن هذا الموضوع من توقعاتٍ وتحليلات، ليس لها علاقةٌ بالمنطق والعلم في شيئ، واضعًا هذه التأويلات والتحليلات في سياق التوقُّعات التي تُقدِّمُها ليلى عبداللطيف. ومذكرًا بالمادة 319 من قانون العقوبات والذي يحاسب من يُشهِّر بالليرة اللبنانية، والتي تنصُّ على تغريمهِ ووضعهِ في السجن.

ويُحذِّرُ عجاقة عبر موقعنا من جنون الدولار المُترافق مع الجنون السياسي، فيُبدي تخوُّفهُ من أنّه إذا إستمرَّت الخلافاتُ والمناحراتُ السياسيةُ كما يجري الآن، "فلن يكون هنالك ما يكبحُ جماح الدولار وسيستمرُّ في هذه الحالة بالإرتفاع. فسعرُ الدولار في السوق السوداء ليسَ سعرًا إقتصاديًا بقدر ما هو تكهناتٌ غالبها مرتبطٌ بالسياسة، وجُلُّها سيكون حلُّه ضمن أروقةِ السياسة, وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها وتفعل مجهودًا أكبر في هذا الموضوع".

وجَزَمَ بأنَّ فتح المطار وتدفُّقَ الدولارات الى لبنان عبر المغتربين العائدين حتمًا سيحلُّ قسمًا لا بأسَ بهِ من معضلةِ سعر الصرف، فلو إفترضنا أنَّ مليون مغتربٍ قَدِموا الى لبنان وصرَفَ كلُّ واحدٍ منهم ما معدَّله ألفيّ دولار، فبذلك نستطيع أن نحصل على 2 مليار دولار، وهو يُعادِلُ ما نطلبهُ من صندوق النقد الدولي، وهو ما سيُساهم إيجابيًا على سعر صرف الدولار. يختم البروفسور عجاقة.