هارون: حصر استقبال المستشفيات فورا للحالات الطارئة فقط واقفال شبه تام لكل الاقسام بعد 3 اسابيع

عقد نقيب المستشفيات في لبنان المهندس سليمان هارون مؤتمرا صحافيا، اليوم في فندق متروبوليتان سن الفيل، في حضور النائب الدكتور فادي علامه وممثلين عن المستشفيات كافة، شرح فيه وضع القطاع.
وأعلن هارون في المؤتمر عن القرارات التي ستنفذهاالمستشفيات فورا، “بعد فشل الوعود التي تلقتها النقابة من المسؤولين بانقاذ القطاع، بما يؤمن حق المريض بالاستشفاء ويحافظ على حقوق العاملين فيه”.
استهل النقيب هارون المؤتمر، مبديا “أسفه الشديد للوضع الذي هو فيه اليوم مستشفى رفيق الحريري الجامعي المفترض ان يكون مدعوما من الحكومة، بعد اضطراره الى اقفال اقسامه بفعل فقدان مادة المازوت. وأبدى تضامن المستشفيات الخاصة مع المستشفى المذكور وكافة المستشفيات الحكومية، سيما وان الجميع يؤدي نفس الخدمات”.
بيان
ثم تلا البيان الآتي: “لم تعد غريبة الظروف التي نلتقي بها بوسائل الاعلام لاطلاع الرأي العام على واقع قطاع استشفائي ينازع بكل مستوياته البشرية والخدماتية والتجهيزية، وان كانت امنياتنا كمسؤولين عن صروح استشفائية عريقة قدمت الكثير وما زالت تصارع في الساعات الأخيرة من اجل الاستمرار ان يختلف عنوان هذا اللقاء ليحمل بشائر سارة.
للأسف، الأمور الى مزيد من الانحدار وكل ما سمعناه من تأييد لمطالب المستشفيات حتى تاريخه لا يصب الا في خانة اللياقات التي لا تسير اعمال المستشفيات، ولا تؤمن بالتالي حق المريض بالاستشفاء، ولا ايضا تضمن رواتب وأتعاب العاملين في القطاع، وانما وعود اكل الدهر عليها ومضى ولا تصرف في اي مكان.
لقد كررنا مرارا ان مشاكل المستشفيات في لبنان مرتبطة بأمرين:
اولا: دفع مستحقاتها. اليوم، القطاع بانتظار الافراج عن الدفعات التي أقرها مجلس النواب بعد موافقة الحكومة وهي بحدود 450 مليار ليرة، بمسعى رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، وبتوصية من رئيس الجمهورية، وبدعم من كل من وزيري الصحة والمال، والتي من المفترض ان تغطي العجز في الطبابة العسكرية وقوى الامن الداخلي ووزارة الصحة لسنة 2019. لقد أقر القانون منذ اكثر من شهر ونصف ولكنه لم يبصر النور لغاية تاريخه.
ثانيا: الزيادة الجنونية في كلفة الاستشفاء في مقابل تعرفات معمول بها حاليا عاجزة عن تغطية هذه الكلفة. فهناك مواد طبية متعددة في طور النفاد بشكل دراماتيكي. كما هناك أدوية ومستلزمات طبية أصبحت مفقودة، خصوصا أنه مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي إلى مستوى الـ10 آلاف ليرة، أصبحت كلفة المستلزمات الطبية مرتفعة جدا ليس في مقدور المستشفيات شراؤها، لأن سعرها يفوق بنحو 60 و70 في المئة السعر الرسمي المحدد من قبل الجهات الضامنة.
هذا ما ينطبق ايضا على مختلف السلع الاستهلاكية، من مواد الطعام والتنظيف والتعقيم والصيانة وقطع الغيار وسواها، ان لجهة الارتفاع في اسعارها او كيفية تسديد ثمنها. اي آلة تتعطل اليوم تعجز المستشفيات عن تصليحها.
ونتيجة هذا الامر، فقد زادت الكلفة التشغيلية للمستشفيات بنسبة لا تقل عن 50% عما كانت عليه قبل الازمة الحالية ما ادى الى خلل كبير في توازنها المالي. كما انخفضت نسبة الاشغال في المستشفيات اولا من جراء ازمة كورونا، وثانيا بسبب عدم قدرتها على استقبال جميع المرضى بنسبة 50 % الامر الذي ادى الى تدني الايرادات الى النصف.
وهنا، يقابل الارتفاع الدراماتيكي للأسعار التي تتضاعف في كل يوم تقريبا، تمسك بعض المستوردين بأن تكون الفاتورة بالدولار، ووفق سعر صرف السوق، فيما التعرفات الاستشفائية لا تزال على حالها بدون أي زيادة، معمول بها وفق دراسة اجرتها وزارة الصحة مع البنك الدولي منذ 20 عاما، ولقد طالبنا على مدى سنوات بتعديلها، لعدم تطابقها مع التكلفة الحقيقية، الا ان هذا لم يحصل ايضا.
وتكفي الاشارة الى بعض الأرقام لتبيان الاجحاف اللاحق بحق المستشفيات جراء فارق سعر صرف الدولار؛ فاجرة الغرفة في مستشفى جامعي لا تتجاوز قيمة 10 دولارات فقط، وفق سعر صرف الدولار في السوق الموازية. وهي تشمل المنامة والطعام وبعض فحوصات المختبر والأدوية… كذلك في ما خص الولادة الطبيعية أصبحت كلفتها 35 دولارا فقط… كما أن عملية الزائدة الدودية تبلغ اليوم 110 دولارات، وعملية تمييل شرايين القلب 80 دولارا…
في ضوء تلك الأرقام كيف يمكن للمستشفيات الاستمرار مع تعرفات مشابهة؟
ان المستشفيات لم تعد قادرة على الاستمرار في تكبد الخسائر الكبيرة الناتجة عن التفاوت الكبير بين كلفتها التشغيلية والتعرفات المعمول بها حاليا، خصوصا أن الجهات الضامنة الرسمية تضع فواتيرها بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف الدولار بـ1500 ليرة، في حين يواصل الدولار ارتفاعه الجنوني والبعض يحدثنا عما يفوق ال 10 آلاف آلاف ليرة واحيانا اكثر.
سبق وطلبنا من رئيس الحكومة أن يؤلف لجنة مشتركة من نقابة المستشفيات والجهات الضامنة كافة برئاسة وزير الصحة، كي نتوصل من خلال الحوار إلى التفاهم والمساعدة على حل الأزمة، واعادة النظر بالتعرفات الاستشفائية، والعمل على آلية مع التجار والمستوردين للجم ارتفاع اسعار كل السلع المستعملة في المستشفيات، وتسعيرها بالليرة اللبنانية فقط، ولكن للأسف، لم تتألف هذه اللجنة حتى اليوم او انها تتألف وما زالت في ادراج الحكومة. في حين أن المشكلات القائمة لا يمكن معالجتها إلا على مستوى رئاسة الحكومة كونها تحتاج إلى قرار مركز كبير.
لقد أطلعنا جميع المسؤولين على هذه الوقائع مقدمين الحلول الممكنة والتي هي حق مشروع للمستشفيات، الا اننا لن نلمس اي خطوة ايجابية مقبولة تساعدنا على البقاء.
لذلك نحن مرغمون على حصر استقبال المستشفيات فورا للحالات الطارئة فقط لا سيما غسل الكلي والعلاج الكيميائي والحالات التي تهدد حياة المريض.
كما ننبه الى ان عدم ايجاد الحلول من قبل الحكومة سيؤدي بكل تأكيد الى اقفال شبه تام لمعظم الاقسام في المستشفيات خلال مهلة لا تتجاوز ثلاثة اسابيع كحد اقصى”.