فتنة خلدة … حتّى عمر غصن لم يرَ صورة عياش

لم يُسحب فتيل التفجير في خلدة. مشهد عشرات المسلحين أمس يُطلقون النار في الهواء وعلى مبانٍ، خلال تشييع أحد ضحايا اشتباك أول من أمس، يشي بجولة جديدة. لكن الاتصالات السياسية والامنية توحي بالتوجه نحو التهدئة. رواية أن الفتنة انطلقت من تعليق صورة لسليم عياش، دحضها بيان الجيش، وفيديو يُظهر قيام مجموعة بتمزيق لافتة عاشورائية. فماذا يقول الشيخ عمر غصن، أحد جرحى الاشتباك وأحد المتهمين بالتسبب بما جرى؟

لم تهدأ خلدة بعد. الجمر كامنٌ تحت الرماد، بانتظار اشتعاله مجدداً. دُفِن أمس الفتى الذي سقط جرّاء الاشتباك المسلّح الذي شهدته شوارع خلدة في الليلة السابقة، إلا أنّ النية بإعادة إشعال ما انطفأ لا تزال تعبّر عن نفسها. نحو 100 مسلّح «سيطروا» على عدد من الشوارع ليل أول من أمس، وخلال التشييع امس، ما ينذر بتجدد الاشتباكات. لكن الاتصالات السياسية والامنية، سعت إلى التهدئة. ورغم ارتفاع الأصوات المتأثرة بالسفارتين السعودية والإماراتية، وبشخصيات معارضة لتيار المستقبل، محاولة توجيه اصابع الاتهام إلى حزب الله، كان تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، إضافة إلى الامن العام والجيش، يعملون على نزع فتائل التفجير. بيان الجيش حسم بأن أصل الخلاف هو نزع راية تحمل شعارات عاشورائية، ما يعني نفي «كذبة» رفع صورة لسليم عياش، القيادي في حزب الله الذي أدانته المحكمة الدولية باغتيال الرئيس رفيق الحريري. أما «المستقبل» و«الاشتراكي» والمتأثرون بهما، فقد حصروا اتهاماتهم بأفراد.
عمر غُصن الذي يرقد في المستشفى إثر إصابته برصاصتين، يشير بإصبع الاتهام إلى علي شبلي الذي استُهدف منزله يقذيفة «أر بي جي» وأُحرِق المبنى الذي يملكه على يد مسلحين من سكان المنطقة، سواء من أبناء العشائر ومن «حلفائهم» السوريين، إثر تجدد الخلاف على تعليق لافتة. الشيخ غُصن الذي يفاخر بانتمائه للحزب الاشتراكي «على راس السطح»، يستعيد ما حصل، من وجهة نظره.
يقول غصن إنه كان في فصيلة قوى الأمن في عرمون حيث خضع للاستجواب على خلفية الشكوى التي تقدم بها شبلي ضده وضد ابن عمه علي موسى موسى بجرم التهجم عليه وإزالة لافتة دينية ما اعتبره تهديداً للسلم الأهلي. يقول غصن إنّ النقيب بلال حمدان عرض المصالحة على شبلي، لكنه رفض مشيراً إلى أنّ عدم توقيفه استفزّ شبلي الذي كمن له. يقول غصن إنه غادر الفصيلة إلى منزله حيث قصد الصيدلية قبل التوجه إلى منزل جده القريب من «تعاونية الرمال». ويروي أنّه شاهد موكباً لسيارات سوداء مزوّدة بزجاج حاجب للرؤية أمام مبنى شبلي، كاشفاً أنه اتصل بالعقيد (في الجيش) بلال حوحو لإبلاغه بوجود توتر. يقول غصن: «اتصلت بالعقيد بتمام الساعة ٥:٢١ لتحضر دورياته خلال دقائق». ويضيف: «عند وصول الجيش توجهت السيارات إلى دوحة عرمون باتجاه الحسينية، وبينما كنت اتحدث مع مسؤول الحزب الاشتراكي مروان ابو فرج، انطلقت ثلاث رصاصات، فأُصبت برصاصتين وأصابت الثالثة كمال عبد الصمد الذي يملك مقهى في الحي، فاشتعلت المنطقة وفلت الملقّ». يقول غصن: «قُتل ابن اختي حسن زاهر غصن وتوفي شاب سوري يدعى محمود». ورداً على سؤال إن كان قد رأى شبلي مسلّحاً او يطلق النار، قال: «أنا رأيت علي شبلي مع مجموعة شبان على السطح، لكني شخصياً لم أشاهده يحمل سلاحاً». ورداً على سؤال عن اتهامه بتقاضي أموال من المحامي نبيل الحلبي، أحد العاملين مع بهاء الحريري، قال: «لا علاقة لي ببهاء الحريري. انا زلمي اشتراكي وعلاقتي بتيار المستقبل علاقة ممتازة». وكشف غصن عن تلقيه اتصالاً من الشيخ سعد الحريري، قائلاً: «هاتفني وحادثني لربع ساعة واطمأن عليّ وقال إن ما يمسّك يمسّني».
يُسأل غصن عن سبب الخلاف فيقول إنّ شبلي علّق صورة للمتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري سليم عياش ولافتة كُتب عليها: «لن تُسبى زينب مرتين». ولدى سؤاله إن كان رأى صورة عياش و«اليافطة»، أجاب بالنفي مشيراً إلى أن «الشبان» أخبروه بذلك، ومؤكداً بأنه لا يقبل بإزالة راية تخص الإمام الحسين والطائفة الشيعية.

غير أن تسجيل فيديو جرى تداوله رداً على ما وُصف بـ«كذبة تعليق صورة سليم عياش»، يكشف ان اللافتة موضع النزاع كانت تحمل شعارات عاشورائية، ولا صلة لها بعياش.

وأكد «تجمع شباب خلدة» في بيان أن «أصحاب سنتر شبلي علقوا لافتة عاشورائية على مؤسستهم وفي ملكهم وقام عمر غصن بإزالتها وتكسير احدى واجهات السنتر». وأضاف البيان: «على إثرها قام أصحاب سنتر شبلي برفع دعوى لدى المخفر، وما اشيع عن تعليق صورة لسليم عياش هو كذب محض وهذا موثق بالصور، ونتحدى أيا كان إثبات كذبة تعليق صورة عياش، وأن تبني هذا الكذب من قبل كبار العشيرة من دون تحقق هو أمر مستغرب ولا يدل على نوايا حسنة لأنّ هدفه التجييش والشحن الذي لن يوصل إلى نتيجة».
حاولت «الأخبار» التواصل مع علي شبلي، لكن هاتفه كان مقفلاً وسط حديث عن مغادرته المنزل وتواريه خشية استهدافه.
وفي هذا السياق تحضر رواية مقابلة لرواية غصن، نافية كل ما يتردد عن تعليق صورة لعياش. وتتحدث هذه الرواية التي تقدّمها مصادر امنية رسمية، عن اتخاذ قرار بطرد شبلي من المنطقة، وعن نية مبيتة لافتعال الخلاف معه، لان عمر غصن يتصرّف كما لو ان شبلي هو راس حربة حزب الله في المنطقة، علماً بأن الأخير لا ينتمي إلى الحزب. وتنفي المصادر أن يكون حزب الله قد شارك في أي اشتباك، لافتة إلى أن ما جرى هو أن مسلحين أطلقوا الناس عصر أول من أمس (بعد عودة عمر غصن من المخفر) على سنتر شبلي، فرد عليهم مسلحون من داخله بإطلاق النار، ما أدى إلى مقتل الفتى غصن، وجرح عمر غصن. بعد ذلك، سيطر نحو 100 مسلح (لبنانيون وسوريون)، على الشوارع. وجرى اشتباك بينهم وبين الجيش سقط نتيجته مسلّح سوري الجنسية يدعى محمود هدوم. وتشير المصادر إلى أنّ شبلي لم يكن موجوداً في المبنى لحظة إطلاق النار، متحدثة عن تأخر وصول تعزيزات الجيش، ما أعطى فرصة لعشرات المسلحين اللبنانيين والسوريين في خلدة لاستباحة الشوارع، إلا أن المصادر الأمنية تشير إلى أنّ تأخر الجيش في الحسم سببه تدخله بادئ الأمر بقوة قليلة العدد لم تتمكن من ضبط المسلحين إلا بعد وصول التعزيزات وسرايا من فوج المغاوير.