أضاف: "توفى أبي بعدها...اجتمع الحجر مع درجة حرارة عالية أصبحت شبيهة بالسونا، فعطش أبي، ولم يتم اسعافه بشربة ماء... وبدل أن تشخص حالة وفاة أبي بـ"فرط الحرارة" أي ارتفاع درجة حرارة الجسم نتيجة فشل تنظيم الحرارة، والذي يحدث عندما ينتج الجسم أو يمتص حرارة أكثر مما يمكن أن يفقده، وهي حالة صحية تدخل ضمن الطوارئ الطبية، وتتطلب علاجاً سريعاً لمنع حدوث مضاعفات قد تؤدي إلى الوفاة، يتم رد سبب الوفاة إلى كورونا. مع العلم أنه، وقبل إدخاله إلى الإنعاش بساعتين، أعطونا تقريراً بتحسن حالته الصحية بشكل كبير وأنه يمكننا نقله".
بيان المستشفى يتضارب مع تقريرها
وفي ما يشبه استباقاً ذكياً لما حدث، أصدر المستشفى بياناً أوضح فيه "أن حالة المرحوم الصحية "قد استمرت في التدهور رغم كل العلاجات وجهاز التنفس الإصطناعي حتى توفي بـ 20 /9 /2020 بسبب قصور حاد في التنفس ناجم عن الإلتهاب الحاد في الرئتين الناجم عن العدوى بفيروس كورونا، وأن الكهرباء لم تنقطع عن أجهزة التنفس"، من دون التطرق إلى مسألة انقطاع التكييف والتهوئة أو العطش وإهمال طلبات المريض.
إلا أن بيانهم قد تعارض مع التقرير الطبي الذي أعطي للعائلة قبل ساعتين فقط من نقله إلى غرفة الإنعاش. وهو ما استغربه أولاده. فيسأل إبنه "إن كان وضع أبي متدهوراً لماذا أعطيتمونا تقريراً طبياً مختوماً أن صحته قد تحسنت بنسبة 95%! هل التقارير الطبية "غب الطلب" أم حقيقية؟ وبأي حق يقطعون التهوئة عن مرضى في صلب عوارض مرضهم ارتفاع الحرارة؟! وبما أنهم في فضاء مغلق، هل فعلاً يكفي وضع الأوكسيجين، في مكان مقفل لا يدخله هواء، ما هذا الموت البطيء؟ بمجرد التفكير في الأمر أشعر بضيق في التنفس".
صوته هز طرابلس
في البدء لم يسمع طارق جميع مناشدات أبيه، ولم يدر في ذهنه سوى اتصاله الأخير به، ولكن بعد الدفن، تصفح "واتساب والده" فرأى أنه أرسل رسائل صوتية إلى صديقة وإلى والدته، ويقول "كنت أريد أن أسمع صوته مجدداً، كانت صحة أبي جيدة قبل كل هذا، لم أتوقع وفاته، حتى أن نهار نقله إلى المستشفى "نزل على الدرج" إلى الإسعاف، لأن الكهرباء كانت مقطوعة، دخل إلى قسم كورونا بتاريخ 13/9/2020 بسبب اصابته بمرض الكورونا وبعد أسبوع دفنته.. لم يكن أبي يشرب أو يدخن، أو يقوم بأي عادة تضعف جسده، صحته أفضل من صحتي. وأشعر أن أبي مات مقتولاً نتيجة للإهمال الطبي".
وفيما جال صوت المرحوم معن بكر طرابلس في إطار البحث في لبنان عن دستور تائه عن التطبيق، وعن "عجيبة" تنقذ المواطنين والمرضى اللاحقين من "جهنم" حتمي، أو حتى عن مستشفيات آمنة... فقد هز طرابلس، وصارت تصل إلى العائلة المفجوعة قصص أخرى عن مرضى توفوا مسبقاً من الحر أيضاً، فهل من مجيب؟
المصدر: يا صور