لبنان يقترب من السيناريو الأوروبي .. المستشفيات وشركات المستلزمات تستغلّ أزمة كورونا ؟!

تصر المستشفيات الخاصة على التعاطي مع المصابين بفيروس كورونا على أساس حسابات الربح والخسارة، إذ تربط مشاركتها في المواجهة التي تخوضها المستشفيات الحكومية، منفردة، بكم «ستجني» من «الموسم». وبما أنها، إلى الآن، لم تجد أن الدخول في تلك المغامرة مربح، فضلت النأي بنفسها عن المواجهة في بلد يعيش «في سباق مع الوباء»، على ما قال وزير الصحة حمد حسن أمس.
مرة جديدة، تقدّم المستشفيات الخاصة جشعها على صحة المواطنين، وقد تجلى ذلك أمس خلال الاجتماع الموسع الذي عقدته لجنة الصحة النيابية، واستمر نحو أربع ساعات، لم «تحصّل» اللجنة خلالها أي التزام من أصحاب المستشفيات، باستثناء جولة «النق» من أزمة الدولار. ورغم أن وزارة الصحة وقّعت، قبل أسبوع، اتفاقاً مع المستشفيات، قضى بزيادة التعرفة على البدلات الوقائية، بحيث تضاف 400 ألف ليرة على بدلات العاملين عن كل مريض في غرف العناية الفائقة و200 ألف ليرة في الغرف العادية، لم تلتزم المستشفيات بوعدها بزيادة عدد الأسرّة في غرف العناية الفائقة. وحتى هذه اللحظات، لا يزال دخول المستشفيات على خط المواجهة خجولاً؛ فمن بين 130 مستشفى خاصاً، هناك 15 فقط تستقبل مرضى كورونا، في مقابل 15 مستشفى حكومياً من أصل 33. وفي هذا الإطار، دعا وزير الصحة المستشفيات الخاصة إلى الانخراط أكثر، لأنها «أقدر على تأمين التجهيزات اللازمة، وخصوصاً في غرف العناية الفائقة».
لم تقطع الصحة «الشعرة» مع المستشفيات، وكذلك فعلت وزارة المال، إذ وعد وزير المال، غازي وزني، المستشفيات بتسديد فاتورة مرضى كورونا شهرياً، على أن تصرف تلك من الأموال التي رصدت للمستشفيات من البنك الدولي، والمقدرة بـ39 مليون دولار أميركي، تحت إشراف منظمة الصحة العالمية.
وكما المستشفيات الخاصة، كذلك هي الحال في التعاطي مع مستوردي المستلزمات والمعدات الطبية، وحتى الأدوية. المنطق ذاته يحكم هؤلاء الذين أعلنوا «العصيان»، مؤخراً، عبر التوقف عن تسليم مستلزمات ومعدات طبية، إلا للحالات الحرجة، بحجة أزمة التحويلات المصرفية، وإن كانت الأرقام التي جرى تداولها في الجلسة تشي بعكس ذلك، وهو ما قاله عراجي والوزير حسن. وبحسب الأرقام التي استعرضت، حوّل مصرف لبنان «حتى تاريخه ما قيمته 125 مليون دولار للمستلزمات الطبية»، وهذا يعني «إنو عندهم مخزون… يكفي حتى آخر العام».

خلال الجلسة رفع حسن الصوت عالياً، ملوّحاً باستعمال صلاحياته التي يرعاها القانون في حال التعبئة العامة، والتي يمكنه فيها إجبار المستشفيات على استقبال المرضى والقيام بجولات تفتيشية على مخازن شركات المستلزمات والمعدات الطبية. لم يكن ثمة خيار آخر، خصوصاً في ظل اقتراب لبنان من «المشاهد الأوروبية في ما يخص نسب الإصابة». وقبل أن يطبّق هذا المشهد، أشار حسن إلى أن الوزارة «ستعمل خلال هذين الأسبوعين على رفع الجاهزية وتأمين 300 سرير عناية فائقة»، لافتاً إلى إمكانية تحويل مستشفيات حكومية إلى مراكز خاصة بكورونا، متمنياً على المرجعيات الدينية والسياسية «عدم الاعتراض على القرار في حال اتخذ… لا مكان للحسابات الضيقة في هذه المرحلة».
وفي وقت يواصل عداد كورونا صعوده بتسجيله أمس 1175 إصابة وثماني وفيات، كانت ثمة قرى معزولة تتعاطى مع قرار وزارتي الداخلية والبلديات والصحة باستهتار. وقد بدا ذلك جلياً في ضعف الالتزام في بعض الأماكن. ولفتت تقارير الفرق التابعة لوزارة الصحة هذا الأمر، مشيرة إلى تفاوت في الالتزام بالإقفال الذي كان بحدود 70%.
إلى ذلك، ثمة خوف آخر يكبر يوماً بعد آخر، ويتجلى في الأرقام اليومية التي يسجلها عداد كورونا في القطاع الصحي، إذ سجل أمس 9 إصابات جديدة بين العاملين في هذا القطاع، ليرفع العدد الى 1087 إصابة. وهو رقم مهول، خصوصاً أن الأعداد التي تعمل في الخطوط الأمامية ليست كافية، فكيف الحال مع تسجيل إصابات يومية.

طالب وزير الصحة، حمد حسن، أمس، من رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بإعادة النظر في موازنة وزارة الصحة، خصوصاً في ظل التضخم المالي والأزمة الاقتصادية وفيروس كورونا. واقترح زيادة موازنة العام المقبل بنسبة 35%. من جهته، أشار كنعان إلى أنه جرت مراجعة وضع المستشفيات الحكومية والخاصة وموازناتها وما تطرحه ضرورات المرحلة ضمن الإمكانات المتاحة، لافتاً إلى أنه «تم التوصل إلى تصور ستتم متابعته مع وزارة المال والمراجع المعنيين لتمكين المستشفيات الحكومية من أن تقوم بمهامها وتلبي المطالب المتزايدة بشكل يومي، إضافة إلى مراجعة أوضاع المستشفيات الخاصة وملفاتها العالقة بهدف تفعيل عملها».