فضيحة بوليصة تأمين مرفأ بيروت... الانفجار كشفَ المستور! إليكم التفاصيل

يتوالى انكشاف ملفات الفساد في لبنان فصولاً، فلا تكاد أي من العقود المبرمة في مؤسسة عامة تخلو من ممارسات أقل ما يقال فيها "تشبيح" و"نصب" وكلها على حساب جيب المواطن الذي استقر في قعر الهاوية الاقتصادية والمالية، مع انعدام الشفافية وعدم تطبيق المعايير بما يراعي المصلحة العامة وتكبيد الدولة نفقات لا جدوى منها سوى تغطية شبكات المتنفعين من مسؤولين واتباعهم وتأمين أرباح خيالية لهم من خلال عقود المحاصصة و"التراضي".

فقد أظهر انفجار مرفأ بيروت مخالفات وفضائح كشفت المستور في عقد التأمين المبرم بين ادارة واستثمار مرفأ بيروت وشركة المتوسط والخليج للتأمين واعادة التأمين ش.م.ل."ميدغيلف"، ان لجهة حجم التغطية المالية او لجهة الالية المتّبعة في انشاء العقد.


فما هي قصة "عقد تأمين المرفأ"؟ من هم أركان الصفقة؟ وكيف تمت؟

مصادر مطلعة اكدت لـ "ليبانون ديبايت" ان "عقد التأمين هذا تم تجديده لثلاث سنوات هي 2019 و2020 و2021، بين الحكومة اللبنانية متمثلة بوزير الاشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس ومدير شركة "ميدغيلف" في الشمال وهو من آل يمين، واخر عمل كوسيط بين الطرفين ويدعى فادي رومانوس".

وهو عبارة عن "بوليصة ضمان المسؤولية المدنية لنتائج الحوادث التي قد تنجم عن الانفجار من جراء تداول و/ او تفريغ و/ او نقل المتفجرات من قبل ادارة واستثمار مرفأ بيروت التابعة للدولة اللبنانية"، كما جاء في نص العقد.

وقد جاء في عرض مناقصة التأمين الذي أبرمته وزارة الاشغال مع "ميدغيلف" ما حرفيته: "... إن معدلات وأقساط التأمين السنوية التي نقبل منحها لكم لقاء هذا التأمين هي التالية:
المبالغ المؤمّنة: ستماية مليون ليرة لبنانية بالحادث الواحد مفصلة كما يلي:

- ثلاثماية مليون ليرة لبنانية اضرار جسدية مع حد اقصى قدره ستون مليون ليرة لبنانية لكل ضحية.

-ثلاثماية مليون ليرة لبنانية اضرار مادية".

وفي قراءة متأنية لمتن العقد يتبين ما يلي:

1-ابرام العقد تم في مكتب الوزير دون استدراج عروض .

2-لم يتم الكشف على المرفأ وتم اهمال ذكر وجود نيترات امونيوم مخزنة في العنبر رقم 12، كما لم يتم تحديد الاخطار الكبيرة داخل المرفأ.

3-حجم التغطية المالية "هزيل"، وهو عبارة عن 300 مليون ليرة لبنانية اي 200 الف دولار وقتذاك، وهي غير كافية لتأمين تعويضات اضرار لمرفق حيوي كبير ومهم، مداخيله لخزينة الدولة تفوق المليارات، كما انه على الارجح لم يجرِ اعادة تأمين البوليصة اي انها لم تُسدّد!

في غياب دفتر شروط واضح فإن هذا العقد يعتبر صفقة تحاصصية بامتياز، وازاء هذا التجاوز لا بدّ من السؤال عن دور لجنة الرقابة على شركات التأمين ورئيستها نادين حبّال ، ألا يفترض تدخلها لاجراء تحقيق في هذه الحالة قبل تقديم استقالتها في ايلول الماضي؟

كيف لـ"بوليصة تأمين" على الارواح والممتلكات بهذا الضعف والهزال ان تغطي الخسائر الكبيرة التي وقعت في المرفأ والتي تفوق عشرة مليارات دولار أميركي؟