ربع اللبنانيين فقراء لا تعرفهم الدولة و50 مليون يورو من الإتحاد الأوروبي لمساعدة 50 ألف أسرة

جريدة الأخبار


ستة أشهر، هي المُهلة التي تحتاج إليها وزارة الشؤون الاجتماعية لتحديد من هم الـ23% من الأفراد الذين أصبحوا في خانة «الفقر المُدقع». مدّة طويلة سيستغرقها العمل، بسبب غياب البيانات المطلوبة والنقص في أعداد المتطوّعين، ولكنّها ستؤثّر سلباً في تحديد المُحتاجين، وبالتالي توجيه المساعدات لهم في ظلّ الأزمة المتفاقمة

تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) تشير إلى أنّ نسبة الفقراء من السكان في لبنان ستصل إلى 55% في عام 2020 مقارنة بـ 28% في العام السابق، وأن نسبة من يُعانون من فقر مُدقع سترتفع من 8% إلى 23%، أي أنّ إجمالي الفقراء قد يبلغ 1.1 مليون نسمة حسب خط الفقر الأدنى، و2.7 مليون نسمة حسب خطّ الفقر الأعلى. واستناداً إلى التقرير، يُتوقع أن يزيد عدد من يعيشون في فقر مدقع بـ 750 ألف شخص.
من هم هؤلاء الـ23%؟ كم يبلغ مُعدّل دخلهم؟ كيف سيتم توفير الأمان لهم؟ لا جواب على هذه الأسئلة. فالبيانات اللازمة لتحديد الأفراد المُصنّفين في خانة «الفقر المُدقع» غير موجودة. دولة لا تعرف الفقراء على أرضها، كيف لها أن توجّه الدعم والمساعدات، إن كانت تُريد الخروج من دائرة الزبائنية؟ غالباً ما يتمّ تبرير التقصير في إنجاز الملفات بنقص الموظفين أو الإجراءات المعقّدة التي تستغرق وقتاً طويلاً. تكرّر الحُجج يُحوّل الموضوع إلى أزمة «تَنبلة» عامة تؤدّي إلى بطء كبير في تنفيذ المطلوب، وغياب القرار في توفير الحقوق للمواطنين. على سبيل المثال، يُحكى منذ عام 2003 عن استراتيجية للحماية الاجتماعية توفّر الخدمات الرئيسية للمواطنين مجاناً أو بتكاليف ضئيلة. ليس هذا «عملاً خارقاً» يستحيل تحقيقه. ففي دول وضعها الاقتصادي أسوأ من الوضع اللبناني، وتُعاني من ضغوط سياسية - اقتصادية أقسى بكثير، تُعدّ استراتيجية الحماية من «المُقدّسات». ورغم إعادة تحريك حكومة حسّان دياب للموضوع، وتحديد آب الماضي موعداً لتقديم المسودة، لم تُجمع حتّى الساعة المعلومات والبيانات المطلوبة لكتابة المسودة (راجع «الأخبار»، عدد 7 أيلول 2020).



تحديث بيانات الأسر الفقيرة يحتاج إلى ستة أشهر! (هيثم الموسوي)

المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية، القاضي عبدالله أحمد يؤكد أن «ملفّ استراتيجية الحماية الاجتماعية يُعاد تنظيمه حالياً رغم كلّ المعوقات». لكن إقرارها، «لا يعني حلّ مسألة الفقر المُدقع». ففي المبدأ، توفّر «الاستراتيجية» معظم الخدمات الحقوقية للمواطنين، «لكنّها تفرض عليهم جزءاً متواضعاً من الفاتورة، لن يكون البعض قادراً على تسديده». انطلاقاً من هنا، تبرز الحاجة إلى تطوير شبكة أمان اجتماعي، «لتُنقذ من لا يقدر على تسديد فارق الفاتورة الاستشفائية أو التعليمية عبر مساعدات غذائية وعينات نقدية». المُساعدات تُقدّم حالياً لـ43 ألف فرد مُسجلين في «البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً». كان ذلك قبل الإحصاءات الجديدة، «وتقدير ارتفاع نسبة الفقر المُدقع إلى 23%، وطلب الجمعيات منّا بيانات الأشخاص لتوجيه الإنفاق»، يقول أحمد، مُتحدّثاً عن مبالغ جديدة مرصودة من جهات دولية للبرنامج، «كالاتحاد الأوروبي الذي خصّص 50 مليون يورو لمساعدة 50 ألف أسرة لمدّة سنتين، وكندا التي ستُخصّص دعماً قد يصل إلى 70 مليون دولار». فرض هذا الحراك «تحديث قاعدة البيانات لتحديد الأكثر فقراً، وتوسيع قاعدة المُستفيدين». ولكن، وفق أي معيار سيتم تحديدهم؟ في غياب دراسة مُحدّثة لوضع الأسر، لا يزال «المعيار» مفقوداً. يتحدّث أحمد عن وجود استمارة أسئلة، «يبدأ التصنيف في خانة الفقر المُدقع ممّن ينال أدنى علامة، حتى نصل إلى إحصاء الـ23%».
لم تكن جهات دولية - كالبنك الدولي وبرنامج الغذاء العالمي - مُتحمسة لإجراء مسح سكّاني، قبل إقرار القرض المُخصص من البنك الدولي، خلافاً لموقف الاتحاد الأوروبي الذي شجّع عملية جمع البيانات. يشرح أحمد أنّ أهمية البيانات لا تقتصر على توزيع المال، «فهي أساسية لأنّها تُساعدنا في الحدّ من التسرّب المدرسي، ومتابعة الأطفال والمُسنّين، ومعرفة من هم بحاجة إلى معاملة خاصة بعد رفع الدعم، والعمل على إخراج الأفراد من حالة الفقر وتوظيفهم...»
في غضون شهرين، «ننتهي من تنظيف قاعدة بيانات برنامج الأكثر فقراً، وبعدها نبتّ بالطلبات المُقدمة، وهي قرابة 240 ألفاً، وحُدّد حزيران 2021 للانتهاء من العمل». المُشكلة، بحسب أحمد، «أننا لا نملك في مراكز الشؤون سوى 500 متطوّع يعملون على الأرض، ونحن بحاجة لرفع العدد إلى 2000، لذلك سنتوجّه إلى إدارة الجامعة اللبنانية للتعاون».
50 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لمساعدة 50 ألف أسرة

ستة أشهر، سيستغرقها العمل على المشروع، وهي مدّة طويلة جدّاً نسبة إلى الوضع الكارثي في البلد، وانهيار موازنات الأسر، وغياب أي برنامج حكومي للمساعدة. الأزمات تفرض تشكيل خلايا طوارئ، للحدّ من الآثار السلبية. في الجانب الآخر من الكوكب، كانت بوليفيا تُعاني من انقلاب أميركي تسبّب بأحداث أمنية وأزمة اقتصادية حادّة. قبل أن تفوز المعارضة اليسارية بالسلطة مجدّداً، كانت قد رسمت خطتها الإنقاذية لدعم الأسر الأكثر فقراً. بعد أسبوع على تسلّم الرئيس الجديد، لوشو أرسي، حُدّد 4 ملايين بوليفي سيستفيدون من المساعدات لمواجهة الجوع