القمة الاقتصادية في بيروت.. وذرائع عدم دعوة سوريا غير مبررة!

طالما أكد رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل خلال جولته الأوروبية والروسية أن لبنان يجب أن يتوقف عن أن يكون المتلقي للأزمات الإقليمية والسورية، ويجب أن يصبح منصة لإعادة إعمار سوريا والحديقة الخلفية لهذه العملية.

عند هذا الكلام توقفت مصادر سورية لتبدي استغرابها من حسم الدولة اللبنانية موقفها من عدم توجيه دعوة لدمشق للمشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في 19 و20 من شهر كانون الثاني الحالي.
فسوريا تعي جيداً أنها لن تتلقى دعوة الجامعة لا سيما أن الدعوات كلها إلى الدول الأعضاء في الجامعة نقلها الوزير باسيل خلال الأشهر الماضية. وتشدد المصادر نفسها، على أن الذرائع الرسمية اللبنانية من أن هناك انقساماً لبنانياً تجاه تطبيع العلاقات لم يعد لها وجود ولم تعد مبررة عند الجانب السوري، في ظل الانفتاح العربي والخليجي على وجه الخصوص على سوريا. فالأمارات التي كانت رأس حربة في الهجوم على نظامها أعادت فتح سفارتها التي أغلقتها مع بداية الأزمة السورية، والحبل على الجرار بالنسبة إلى الدول الخليجية الاخرى؛ في حين أن لبنان، الذي هو في أمس الحاجة للانفتاح على دمشق انطلاقا من أن العلاقة بين البلدين يجب أن تكون استراتيجية بحكم الموقع الجغرافي وارتباط مصالح لبنان بسوريا، يستمر في سياسة دفن الرأس في الرمال وتغييب كل ما يجري من حوله. ووفق المصادر نفسها، فان التحرك الخليجي تجاه سوريا يحظى بموافقة سعودية، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حيال مبررات تحاكي مراعاة الرئيس المكلف سعد الحريري، وهي مبررات لم تعد مقنعة.
وسط ما تقدم، يؤكد الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين أن لا شيء يمنع في القانون الدولي دعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية، ولكن لأن عضويتها لا تزال معلقة في الجامعة العربية فتكون مشاركتها بصفة مراقبة، غير أن الدعوات الى القمة تصدر عن الجامعة العربية. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر تيار المستقبل أن مجلس الجامعة العربية هو المعني بالدعوات، والقرار الصادر عن وزراء الخارجية العرب بتعليق عضوية سوريا في الجامعة لا يزال ساري المفعول وبالتالي يفترض بلبنان الالتزام بقرار الجامعة لجهة قرار الدعوة من عدمه.
وإذا كان الحديث يتصاعد اليوم عن مشاركة سوريا في القمة خلافا للقمم السابقة منذ العام 2011 فذلك مرده، بحسب يمين، إلى سقوط الرهانات التي كانت تهدف إلى قلب الأوضاع في سوريا وبدء الدول العربية بإعادة فتح سفاراتها في دمشق. وبالتالي، فإن من مصلحة لبنان، بحسب الخبير القانوني نفسه، تفعيل وتطوير العلاقات بينه وبين سوريا باعتبارها الجارة الوحيدة، ونظراً إلى المصالح الاقتصادية المشتركة وإلى الحاجة القوية للتواصل والتنسيق من أجل معالجة مشكلة النازحين السوريين في لبنان والعمل على إعادتهم إلى بلدهم، فضلاً عن فتح أبواب مشاركة اللبنانيين واستثمارهم في ورشة إعادة الإعمار في سوريا.
في تقدير يمين، الرئاسة اللبنانية مقتنعة بما سبق ذكره ولكنها من موقعها الجامع تأخذ بعين الاعتبار التباينات اللبنانية والتوازنات الداخلية وتسعى لصناعة التوافق الوطني اللبناني حول تعزيز العلاقة مع سوريا والتوافق العربي حول دعوتها إلى القمة الاقتصادية العربية؛ في حين أن “حزب الله”، وبحسب مصادره، يرى أن لبنان سيرتكب خطأ جسيما اذا لحق متأخرا المواقف العربية الايجابية تجاه سوريا، مع إشارة المصادر نفسها إلى أن هذه القمة هي اقتصادية ودمشق ستكون مقبلة على إعادة إعمار ولن تمنح تسهيلات وأدوارا لبلدان أخذت مواقف سلبية منها، ولم تعيد ترتيب العلاقات معها.
لبنان 24