كتب حسن سلامه في صحيفة “الديار” تحت عنوان “تفنيد السنيورة لصرف الـ 11 مليار دولار لا يغير ما توصلت اليه المالية”: “لم يأت المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بما يؤدي الى توضيح وكشف الملابسات التي حصلت خلال ترؤسه الحكومتين، وقبل ذلك عندما كان وزيراً للمالية في الشبهات حول المبالغ الضخمة التي جرى التصرف بها في تلك الفترة، ولو انه حاول من خلال بعض الجداول المالية التي قدمها الدفاع عن طبيعة صرف الـ 11 مليار دولار او غيرها.
بل ان الارقام والجداول التي تعمّد الاسهاب في تفصيلها – بحسب احد الخبراء الاقتصاديين – لا تزيل التساؤلات التي يطرحها اكثرية اللبنانيين، حول ضياع المبالغ الضخمة، وما توصلت اليه وزارة المالية بعد اجرائها جردة كاملة لكل المستندات والوثائق الموجودة في خزائن وزارة المالية او على “الديسكات”، بل ان السنيورة ذهب بعيداً في تحويل الشبهات التي تحوم حول طبيعة صرف الـ11 مليار دولار وغيرها الى معركة سياسية – طائفية للرد على ما تتضمنه المستندات والوثائق التي قدمها عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، حيث تناسى السنيورة والداعمين لـ”الغضب” الذي تبدى في كل مواقفه منذ المؤتمر الصحافي للنائب فضل الله ان المستندات والوثائق التي تتحدث عن خلط عجيب غريب في الوثائق والمستندات عما دخل الى الخزينة من اموال او ما خرج منها عندما كان السنيورة رئيساً للحكومة.
فالوثائق والمستندات التي ابرز النائب فضل الله منها جزءاً بسيطاً مما اعدته ونقحته دوائر وزارة المالية عما حصل ما بين الاعوام 2005 و2008 والفترة التي سبقت هذه التاريخ والاعوام التي تلته، بل استند السنيورة في هجومه الى الاشارات التي تتحدث عنها فضل الله عن مسؤولية الذين كانوا يمسكون بقرار المالية، من المعنيين في وزارة المالية الى وزراء المالية السابقين الى رؤساء الحكومة السابقين، ما يؤشر الى ان السنيورة ومن اجتمع حوله في نقابة الصحافة وخارجها بعض ممن كانوا سابقاً في فريق 14 اذار يريد تحويل الشبهات التي تدور حول طبيعة التصرف بأموال ضخمة من مال الخزينة الى معركة سياسية – مذهبية، مع ان المسؤولية حول صرف هذه المبالغ تقع على كل من كان في مواقع مختلفة في تلك الفترة.
كما ان السنيورة – كما يقول الخبير الاقتصادي – قفز فوق ما كان اقره مجلس النواب السابق وفيه كانت الاكثرية النيابية لكتلة المستقبل والفريق الذي تجمع حول رئيس كتلة المستقبل في تلك الفترة من طلب لوزير المال بإعداد قطع لحسابات وزارة المالية عن الاعوام التي كان فيها السنيورة رئيساً للحكومة ووزيراً للمالية وللفترة التي تلت ذلك، وبالتالي فما توصلت اليه دوائر المالية بعد حوالى اربع سنوات من التدقيق في مئات آلاف المستندات والتحويلات يؤكد وجود التباسات ضخمة في مدفوعات وزارة المالية طوال العشرين سنة الماضية من خلال التصرف باموال الخزينة في غير مكانها الصحيح، بل عدم توصل دوائر المالية الى “رأس خيط” لكيفية التصرف باموال ضخمة عبر التحويلات نفسها التي جرى تكرارها لعدة مرات او وجود غموض حول التصرف بالاموال التي تلقاها لبنان بعد عدوان تموز عام 2006 للتعويض عن المتضررين من العدوان الاسرائيلي، وكذلك الامر حول القروض او المساعدات الاخرى التي وصلت الى لبنان من جهات دولية مختلفة.
لذلك، فالسؤال الاخر، لماذا تعمد رئيس الحكومة السابق فتح معركة هي في ابعادها سياسية ومذهبية في رده ليس على النائب فضل الله، بل على ما توصلت اليه دوائر وزارة المالية في عمليات التدقيق الضخمة لكيفية التصرف بالمال العام؟
في تأكيد الخبير الاقتصادي ان السنيورة والذين يريدون التغطية على التلاعب بالمال العام ارادوا من وراء ذلك الوصول الى الآتي:
– اولاً: محاولة تصوير الإخبار الذي قدمه النائب فضل الله الى المدعي العام المالي بانه استهداف سياسي لفريق معين وللرئيس السنيورة نفسه، مع العلم ان مضمون الاخبار والمستندات التي يتضمنها توصلت اليها دوائر وزارة المالية، ولم يأت به فضل الله او غيره ممن تحدثوا عن هدر وتلاعب بالمال العام في تلك الفترة من “الخيال” بل هو ما توصلت اليه التدقيقات في الحسابات المالية من الجهة المعنية بهذا الموضوع، ولذلك اراد الذين “اقاموا القيامة ولم يقعدوها” على ما انجزته وزارة المالية تحويل المسألة، الى استهداف سياسي – مذهبي لإيهام الرأي العام بأن هناك من يريد استهداف السنيورة، وما تمثله الفترة السابقة على المستوى السياسي.
– ثانياً: ان الهدف الفعلي من وراء هذه الهجمة على فتح ما شهدته السنوات العشرين الماضية بدءاً من الشبهات حول صرف الـ11 مليار دولار خلال ترؤس السنيورة للحكومة، ان يصار الى منع اي محاسبة لمن يثبت القضاء انه تلاعب بالمال العام والاكتفاء بإقرار قطع الحسابات عن تلك السنوات كاطار قانوني لتنظيم المالية العامة، اي انجاز قطع الحسابات في مجلس النواب على قاعدة تصفيرالحسابات فقط بعيداً عن اي محاسبة، وما تضمنه المؤتمر الصحافي للسنيورة من كلام عن فساد سياسي و«دويلات» داخل الدولة يستهدف الوصول الى هذه التسوية”.