الموازنة: أرقام تتكرّر منذ 20 عاماً ولا توحي بالجدّية



أكدّ الوزير السابق والمصرفيّ مروان خيرالدين أنّ الموازنة المطروحة لا تُظهر للمجتمع الدولي والأسواق أنّ الدولة اللبنانية جاهزة لاتّخاذ قراراتٍ صعبة لوقف الهدر والفساد وتنمية الاقتصاد بل تسعى فقط الى إجراء عملية حسابية تؤمّن لها مدخولاً يوازي مصروفها، معتبراً أنّ الموازنة الحالية هي نفسها منذ 20 عاماً ولكن بأرقام مختلفة
وأشار لـ»الجمهورية» الى أنّ الموازنة هي أساس لتحديد تعاطي الدولة مع قطاعات الانتاج والافراد والشركات، «وبالتالي فإنّ الموازنة المطروحة أظهرت انّ الدولة لا تسعى سوى لسحب الاموال من المواطنين بدلاً من وقف الهدر أو اتّخاذ خطوات لتحفيز الاقتصاد أو تحسين الجباية»

وحدّد خيرالدين 3 ملاحظات أساسية حول الموازنة:
1 - لا إمكانية للرجوع عن سلسلة الرتب والرواتب التي اصبحت حقّاً مكتسباً للموظفين، «وبالتالي فإنّ المسّ بالسلسلة هو مسّ بنيويّ بالنظام الاقتصادي السائد في لبنان منذ الاستقلال». واكد انه في حال وجود أيّ تلاعب في رواتب بعض الموظفين، فسيتمّ التعاطي مع كلّ حالة بمفردها.
ورأى في هذا الاطار، أنّ موضوع خفض الرواتب يجب أن يكون خارج البحث، لأنه سيشكل سابقةً خطيرة في البلد وسيخلق جوّاً سلبياً، «بل يجب في المقابل النظر في كيفية زيادة إنتاجية القطاع العام من اجل تحفيز نمو الاقتصاد».
ولفت الى أنّ الإصلاحات المطلوبة باتت معروفة «وعند إقرار السلسلة حدّدنا سلسلة مصادر تمويل لا تؤثر على الاقتصاد بل تؤدي الى نموّه، لكن للأسف تمّ إقرار سلسلة الرتب من دون الإصلاحات».
2 - في موضوع خفض الدين العام والفوائد المرتفعة، قال خير الدين إنّ الحديث عن تأمين 800 الى 900 مليون دولار عبر خفض الفوائد بنسبة 1 في المئة، هو حديث غير منطقي أو عاقل «لأنّ السوق يحدّد الفوائد وليس مصرف لبنان أو المصارف التجارية. وأموال المصارف متأتية من أموال المودعين، وبالتالي في حال لم تمنح المصارف فوائد مرتفعة للمودعين، فقد تدفعهم الى سحب أو نقل أموالهم الى مكان آخر».
وأوضح أنّ خفض أسعار الفوائد في لبنان الى مستويات قريبة من المستويات العالمية وبالتالي خفض الدين العام، يحتاج الى تحسين درجة المخاطر في لبنان وتحسين التصنيف الائتماني بعد خفضه من قبل وكالة «ستاندرد اند بورز». وهذا الامر يحتاج الى إرسال اشارات ايجابية للأسواق توحي بجدّية القرار في لبنان عبر إقرار اصلاحات على غرار خطة الكهرباء التي نتمنّى تطبيقها بسرعة، بالاضافة الى اصلاحات اخرى في الجمارك او جباية الضرائب وغيرها من مكامن الهدر المعروفة.
وشدّد في هذا الاطار، على أنّ المصارف لا يمكن أن تستغني عن جزء من دينها للدولة لأنّ هذه الاموال هي اموال المودعين ولا يمكن المَسّ بها بأيّ شكل من الاشكال.
3 - رفع الضريبة على الفوائد المصرفية الى 10 في المئة: شرح خير الدين أسباب عدم تأييده لهذا الاقتراح، موضحاً أنّ النظام المالي في لبنان يعتمد على التحويلات المالية الواردة من الخارج لتمويل نفسه.
وبالتالي فإنّ المصارف من اجل عدم خسارة اموال مودعيها بسبب زيادة الضرائب على الفوائد المصرفية، ستعمد الى إغراء المودعين برفع الفوائد المصرفية على إيداعاتهم. وستلجأ في المقابل، الى الاكتتاب بسندات الخزينة بفوائد اعلى من اجل تعويض خسائرها المترتبة من ضريبة الفوائد. وبالتالي، فإنّ الإيرادات المتأتية من ضريبة الفوائد ستؤدي الى رفع الدين العام، ومردودها سينعكس في ارتفاع الدين العام وستتحمّل الدولة كلفتها.
لذلك، رأى خيرالدين أنه إجراء غيرُ مجدٍ يبعث بإشارة سلبية الى الاسواق، بأنّ الدولة اللبنانية تركّز على ودائع القطاع المصرفي، ما يؤدّي الى ترهيب المودعين.

الفوائد المصرفية
ضمن مشروع قانون موازنة 2019، نصّت المادة الثلاثون على رفع الضريبة على الفوائد المصرفية من 7 الى 10 في المئة حيث باتت تخضع لأحكام قانون ضريبة الدخل (المرسوم الاشتراعي رقم 144/59 وتعديلاته) ولضريبة الباب الثالث منه بمعدل عشرة بالمئة (10%):
1- فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة كافة المفتوحة لدى المصارف بما فيها حسابات التوفير (الادخار)، باستثناء الحسابات المفتوحة باسم الحكومة والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة لدى مصرف لبنان، وحسابات البعثات الدبلوماسية والقنصلية الاجنبية في لبنان.
2- فوائد وعائدات الودائع وسائر الالتزامات المصرفية بأيّ عملة كانت بما فيها تلك العائدة لغير المقيمين، باستثناء الودائع بين المصارف الخاصة (interbank deposits).
3- فوائد وإيرادات وعائدات حسابات الائتمان وإدارة الأموال.
4- عائدات وفوائد شهادات الإيداع التي تُصدرها جميع المصارف وسندات الدين التي تُصدرها الشركات المغفلة.
5- فوائد وإيرادات سندات الخزينة بالعملة اللبنانية