أصبح واضحاً للبنانيين ولغير اللبنانيين أن البلد والنظام في مأزق خطر جداً اقتصاديا وماليا وسياسيا لدرجة أنّ حديث البلد منذ عدّة أشهر هو الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني في غضون بضعة أشهر.
يقول مرجع اقتصادي كبير انّ المقاربة التي تتبعها الحكومة في معالجة الأوضاع الاقتصادية في موازنة 2019 هي خاطئة جداً حيث انّ فرض ضرائب جديدة أو رفع نسبة الضرائب على المؤسسات وعلى الأفراد سيؤدي إلى إغلاق الكثير من المؤسسات (حوالى 2500 في عام 2018) وبالتالي زيادة نسبة البطالة اذ انّ حوالى 38% من الشباب عاطلين من العمل، مع العلم أنّ عدد المتخرجين في الجامعات والمعاهد يناهز الـ 37 ألف شاب وصبية، في حين أنّ لبنان يستوعب 7 آلاف وظيفة فقط سنوياً.
ويضيف المرجع أنّهٌ بسبب السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة منذ العام 1992 وحتى اليوم وصلنا إلى ما نحنٌ عليه اليوم من وضع مزر في جميع القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية... وتوقع أن يكون النمو هذه السنة صفر بالمئة.
ويقول المصدر ان في هكذا وضع يجب على الدولة إعلان حالة طوارئ اقتصادية وعلى رئيس الجمهورية دعوة كل زعماء لبنان إلى طاولة حوار لمناقشة حال الأزمة التي وصلنا إليها وكيفية معالجتها وبخاصة أنَ الشوارع (وليس شارع واحد) تحاصر وحتى تجمّد إقرار الموازنة التقشفية وتٌضعف تماسك الحكومة.
أمّا في ما يختص بالقطاع المصرفي فاحتياطي المصارف التجارية اللبنانية حالياً هو 180 مليار دولار فيما تسلّف هذهِ المصارف القطاع الخاص بـ 56 مليار دولار بفوائد مرتفعة جداً (بين 12% و14%) ما يعني أنّ القطاع المصرفي يملك حوالى 120 مليار دولار يساهم بقسم منها في سندات الخزينة ونستنتج من ذلك أنهٌ إذا وجِد مناخ نقدي ومالي مع وقف الهدر والفساد فلبنان ليس بحاجة إلى أموال «cedre» لتنفيذ الـ«PPP» و«BOT» لكن للأسف بعض المسؤلين اللبنانيين اعتادوا التسول.
أمّا الهجوم المباشر وغير المباشر على مصرف لبنان وعلى الحاكم فهو غير مبرر نظراً لخبرة وشجاعة وكفاءات رياض سلامة الذي أثبت عن كل هذهِ الصفات وثبّت سعر صرف الليرة مقابل الدولار وحمى الليرة في أصعب الظروف التي مرّ بها لبنان منذ حوالى 20 سنة.
ويؤكد المرجع أنّ لو اعتُمِدت خطّة أو سياسة اقتصادية ونقدية ومالية جدّية وسليمة منذ العام 92 وحتى اليوم لكان الناتج المحلي الإجمالي ناهز ثلاثة أضعاف ما هو عليه اليوم أي حوالى 150 مليار دولار سنوياً بدل أنّ يكون 55 ملياراً. ويضيف المرجع : من المُتعارف عليه في علم الاقتصاد انه لا يجب أن تتجاوز نسبة العجز الـ 10% أكثر من سنة أوسنتين كحد أقصى، كما أنهٌ من المتعارف عليه أيضاً في علم الاقتصاد عدم بل ممنوع رفع الفوائد وفرض ضرائب إضافية مباشرة أو غير مباشرة عندما يكون النمو متدنياً وكيف الحال إذا كان واحداً أو صفراً بالمئة.
ويقترح المرجع 3 خطوات يمكن أن تساهم في وضع لبنان على الطريق الصحيح:
1- خصخصة أغلبية الخدمات العامة في الدولة كالكهرباء والاتصالات وشبكة الطرقات والبيئة والماء... على أن تبقى الدولة شريكة في هذه القطاعات. فالقطاع الخاص أظهر الكثير من الجدارة في إدارة المؤسسات أياً يكن نوعها.
2- بناء مجتمع واقتصاد منتج عبر إعطاء تحفيزات مهمة للمؤسسات المنتجة كما لكل مؤسسة عربية أوأجنبية تريد الاستثمار في لبنان.
وهنالك الكثير من طرق التحفيز، يضيف المرجع، أولها مكننة الإدارة وتسهيل المعاملات الإدارية كما وتخفيض الضرائب عن كل مؤسسة تنتج وتريد توسيع استثماراتها في لبنان حتى أنّ على الحكومة ومصرف لبنان تخفيض نسبة الفوائد عند الاستدانة ولما لا إعطاء أراضٍ مجانية للمستثمرين وبخاصة المعامل التي توظف الكثير من الوظائف لدى الشباب.
3- اللامركزية الإدارية والمالية بحيث يتمكن كل قضاء من إدارة شؤونه وفي هذه الحالة يمكن مراقبة التهرب الضريبي بشكل افضل والذي يكلّف خزينة الدولة حالياً بين 3 و4 مليارات دولار. كما سيتمكن كل قضاء من معالجة ومراقبة وإدارة البنى التحتية في منطقته من طرقات ونفايات... ما سيوفر إنتاجية أكبر خاصة على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي.
ويختم المرجع : انّ الاصلاحات الاقتصادية والمالية بحاجة إلى إرادة وتوافق سياسي على أعلى المستويات، كما أن لبنان بحاجة إلى وزارة تخطيط تضع رؤى وسياسة وخطة واستراتيجة جدّية واضحة وشفافة للاقتصاد على المدى المتوسط والبعيد (بين 3 وخمس سنوات) ويوافق عليها كل من مجلس الوزراء ومجلس النواب