أزمة باسيل بين “الظلام الدامس” و”الشوفينية اللبنانية”!



ليلة الجمعة – السبت، ومن أجل أحد أقل عناء في واحد من آحادات شهر تموز، الذي يحفل بنشاط غير عادي، يتعلق بطبيعة النشاط السياحي والإصطيافي، وعودة، على شكل زيارة، لعشرات آلاف، بل ربما مئات آلاف المهاجرين اللبنانيين، من الجنوب، وغير الجنوب، بقي الشهر مضطرباً: في الشمال، ترفع القوى الأمنية والعسكرية من وتيرة الاستنفار، وبعبارة «ترفع نسبة الجهوزية إلى 100٪ في قطعات منطقة الشمال، وذلك اعتباراً من الساعة 7 من صباح 6 تموز 2019 ولحين انتهاء المهمة».. وفقاً لبرقية عُممت على الوحدات في قوى الأمن الداخلي (ونشرتها بعض المواقع، وجرى تداولها على نطاق واسع).

المهمة: الحماية الأمنية لموكب زعيم التيار الوطني الحر، وزير الخارجية والمغتربين، رئيس تكتل لبنان القوى، النائب جبران باسيل. لا اعتراض، على أيّ إجراء أمني، فهذا شأن يخص القوى الأمنية وقيادتها.. وأي عودة إلى هذا الموضوع..



وفي الطريق إلى الجنوب، عبر الأوتوستراد، الذي مُني بانتكاسة طبيعية، قبل نهايته، عند تقاطع صور – برج رحال، وهو الأوتوستراد الذي كان من المفترض ان يربط رأس الناقورة، النقطة الأخيرة عند حدود لبنان الغربية الجنوبية، حيث هناك تعقد اجتماعات التنسيق الثلاثي، برعاية الأمم المتحدة، وحيث هناك كان من المفترض ان تعقد «المفاوضات البحرية» لترسيم الحدود، والبدء باستخراج الثروة النفطية والغاز من البحر، من دون تعريض عملية الاستخراج للخطر، وحتى الشركات العاملة في مشاريع الاستثمار والاستخراج، في منطقة ما تزال بكراً في هكذا نوع من الاستثمارات.. ان يربط رأس الناقورة بمنطقة السلام، في ما لو قيّض لمفاوضات مدريد أن تربح الرهان، ويعقد السلام «العادل والشامل»، مع لبنان وسوريا، كما كان يردّد الراحل حافظ الأسد.

وبصرف النظر، عمّا إذا كان الوضع مشابهاً للمشهد على طريق الزهراني – النبطية.. فالثابت انه من اوتوستراد الدامور إلى صيدا، ومن صيدا إلى أبعد نقطة في الجنوب غرباً وجنوباً وشرقاً، ظلام دامس، يطرح أسئلة عن المشهد، المتكرّر، منذ ما بعد اتفاق الطائف.. حول معنى «الظلام الدامس» في شهري الصيف، المفيدين للبنان، وأهله، وصمود جنوبه، وتعزيز ماليته؟ ومَنْ المسؤول.. مرَّ على وزارة الطاقة والمياه (وبلغة عونية وزارة الطاقة وكل الطاقات) وزراء، من ألوان سياسية، زاهية، وباهتة، ورمادية، من الأصفر إلى البرتقالي، ومن محمّد فنيش إلى جبران باسيل، مروراً بوزراء حركة «أمل» التي أبى رئيسها منذ الثمانينات، والحالي رئيس مجلس النواب، وكان حينها وزيراً للكهرباء والعدل، إلا ان يكون وزيراً للجنوب.



وما خلا رقعة المصيلح، أو المسافة التي لا تتعدى الـ2 أو 3 كلم.. حدّث عن غياب الكهرباء ولا حرج، وتذكر ما شئت ان تتذكر، وإياك ان تنكر، الكلام، والوعود، والعهود، والطموحات والبرامج، وطلب السلطات، والتمويل «الملياري» أين تذهب، كيف تصرف، متى الكهرباء، ليس 24/24 أو 24/7 (كل أيام الأسبوع 24 ساعة) بمعنى لا انقطاع.

طيّب إذا كانت إعادة التيار الكهربائي متعذرة.. أعلنوا ذلك صراحة.. واذهبوا إلى معادلة جديدة.. فلتكن الكهرباء، من نوع المحاصصة المثمرة، بمعنى أوقفوا الزفت (يا نواب الزفت) وارشوا النّاس بالكهرباء.. أو اسكتوا الجمهور الذي انتخبكم بالكهرباء… الغوا مؤسسة كهرباء لبنان وتقاسموا المليارين أو ثلاثة، محاصصة، وقوموا باستجرار المياه كل إلى منطقته (عندما عجزت الدولة عن الحماية، أو ضعفت كانت الميليشيات المسلحة هي البديل).. فلتكن «كهرباء ميليشاوية» شيعية في الجنوب، أو مسيحية في كسروان وجونيه، وسنيَّة في طرابلس والشمال، ودرزية في قرى وبلدات ومدن الجبل..

سؤال بسيط، راودني طوال الوقت، من نفق المطار إلى اوتوستراد خلدة: لماذا لم يلجأ «المحسنون» والنواب، والوزراء، «المصانون»، وكل عباقرة السلطة إلى الانارة البديلة.. عبر الطاقة الشمسية، أقله على الأوتوستراد؟ (وهنا أرجو توقيع عقد تنازل حبي عن المطالبة بشيء بعد اليوم) ولتكن السمسرات، في مكان آخر.. سمسروا، واعطونا شيئاً.. أما ان تسرقوا، وتستمرون، بلا مقابل، فهذا أمر بالغ الصعوبة على المضغ أو القبول.

وسط الثقة المهزوزة، هذه، يتبارى «السادة الوزراء» والسادة النواب، ورؤساء الأموال الميامين، في نحر صيغة العيش المشترك.. ماتت التسوية، قبل ان تولد، وماتت الصيغة قبل ان تولد.. وماتت الحكومة قبل ان يجف حبر المراسيم