رياح العقوبات” توفد بيللنغسلي

كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : على الخط الإقليمي، هناك مساع ناشطة لاحتواء تداعيات استهداف ‏‏”منشآت أرامكو” النفطية السعودية، لكنها لم تشهد أي تقدّم. ووفق ‏ما كشفته مصادر دبلوماسية لـ”الجمهورية” فإنّ الرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون أوفَد مستشاره للشؤون الديبلوماسية الى السعودية ‏وطهران، في محاولة لاحتواء الهجوم، غير انّ الموفد عاد في جَو قلِق ‏وغير مريح. وهناك تخوّف من تصعيد خارج السيطرة السياسية، وأيّ ‏خطوة تقوم بها طهران ستؤدي الى مضاعفات خطيرة”. وعلى الخط ‏الداخلي هناك هموم تتراكَم، في غياب أيّ بارقة أمل بانفراج يُنزلها ‏عن كاهِل البلد، تزيد من ثقلها رياح العقوبات الأميركية التي يخشى ‏أن تكون في طور التكوّن لِتهبّ على لبنان من جديد. وتتوازى مع ‏شائعات أربكَت قطاع المحروقات، ومحاولات خبيثة لضرب الاستقرار ‏المالي‎.‎
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حَمل الملف اللبناني الى نيويورك، لعلّه ‏يتمكن من حشد الدعم للبنان وجَعله يتخطّى أزماته‎.‎
باريس… و”سيدر‎”

أمّا رئيس الحكومة سعد الحريري فعاد من باريس من دون ان يحمل معه مفتاح ‏‏”سيدر”، الذي رهَن الفرنسيون تسليمه للبنانيين بمُسارعتهم في تطبيق سلة ‏الالتزامات التي قطعوها، ولم يَفوا بها، والتي ستخضع للتقويم مجدداً في تشرين ‏الثاني المقبل‎.‎
وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية في باريس لـ”الجمهورية” انّ ‏الموقف الفرنسي حيال طلب لبنان البدء في تنفيذ بعض مشاريع “سيدر” يختصر ‏في جملة واحدة: “لا مال قبل الاصلاحات”. وهذا ما أبلغه المسؤولون الفرنسيون ‏للرئيس الحريري خلال زيارته باريس قبل أيام‎.‎

أضافت المصادر: “إنّ فرنسا تقف الى جانب لبنان اليوم أكثر من اي وقت مضى. ‏ونحن معه لأنّ الوضع خطر، لكننا لا نستطيع أن نساعدكم اذا لم تساعدوا ‏أنفسكم. والتقارير التي نقلها إلينا بيار دوكان لا تشجّع على البدء في تقديم ‏المساعدات الى لبنان والاستثمار فيه‎”.‎

وأوضحت المصادر “أنّ المطلوب وَقف الالتفاف على “سيدر” والالتفاف على ‏الاصلاحات، ومحاربة الهدر والفساد إضافة الى أمور كثيرة تعرفها الحكومة اللبنانية. ‏صحيح انّ فرنسا هي عرّابة “سيدر”، ولكن هذه الاموال تعود الى دول وجهات ‏أخرى، ليست مستعدة لدفع أي مبلغ قبل الاصلاحات. واعتبرت “انّ الموازنة خطوة ‏إيجابية، لكن لا يجب أن تكون هيكلاً فارغاً. هناك إصلاحات مطلوبة لا يمكنكم ‏الهروب منها‎”.‎

بيللنغسلي‎
الى جانب ذلك، كان البارز وصول مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل ‏الإرهاب وتبييض الأموال، مارشال بيللينغسلي، الى بيروت أمس، وسيلتقي رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري اليوم، وكذلك رئيس الحكومة سعد الحريري وشخصيات ‏وزارية واقتصادية ومصرفية‎.‎
وتأتي هذه الزيارة غداة الإجراءات العقابية الاميركية التي اتخذتها واشنطن بحقّ ‏جهات لبنانية، وآخرها “جمّال تراست بنك”، وتتزامَن مع حديث متزايد عن إجراءات ‏عقابية تطال “حزب الله” وبعض حلفائه‎.‎

والأجواء المرافقة لبيللينغسلي، تُثير غباراً داكناً حيال الاجراءات التي تخبئها الادارة ‏الاميركية حيال لبنان. وبحسب الأجواء التي سبقت وصول بيللينغسلي الى ‏بيروت، فإنّ المسؤول الأميركي سيَتثبّت، خلال لقاءاته، من مدى تطبيق العقوبات ‏الأميركية الأخيرة في لبنان، والتي شملت آخر لوائحها مصرف “جمّال تراست ‏بنك”، وتلك التي فرضت على مجموعات وشركات وشخصيات نيابية واقتصادية ‏وتجارية منذ قترة طويلة‎.‎

قلق المصارف‎
وعلمت “الجمهورية” انّ جهات مصرفية واقتصادية لبنانية، سَعت في الفترة ‏الاخيرة الى الحصول على توضيحات من الجانب الاميركي، حيال بعض الاجراءات ‏التي تردّد انّ الادارة الاميركية قرّرتها، وتطال بعض المصارف في لبنان، في سياق ‏الاجراءات التي اتخذت بحق “جمّال تراست بنك‎”.‎

وبحسب المعلومات، فإنّ الجانب الاميركي امتنع عن تقديم هذه التوضيحات، بل ‏على العكس إنّ الأجوبة التي تلقّاها المصرفيون والاقتصاديون تَحمل على القلق. ‏وكشفت مصادر مصرفية لـ”الجمهورية” انّ الجانب الاميركي لم يقدّم تطمينات، بل ‏على العكس، أكد على ما مفاده “يجب الّا يكون أحد مطمئناً على الاطلاق. فالقرار ‏المتعلق بالعقوبات هو في واشنطن، وليس في لبنان. ومن هنا، فإنّ أي قرار ‏أميركي يتّخذ في هذا الشأن، سيتبيّن مضمونه لحظة صدوره، وليس قبل ذلك‎”.‎

وبحسب المصادر المصرفية فإنّ هناك قلقاً كبيراً يسود القطاع المصرفي، منذ صدور ‏القرارات العقابية الاميركية بحق “جمّال تراست بنك”، وما زادَ القلق موجة ‏الشائعات التي ما زالت تطلق حول استهدافات تطال هذا القطاع‎.‎

وأوضحت المصادر انّ هذه الأجواء، بقدر ما أربَكت القطاع المصرفي، فهي أربَكت ‏المودعين الذين لوحِظ تَزايُد حضورهم الى المصارف، إمّا للاستفسار وإمّا لسحب ‏ودائعهم. وقالت: بصرف النظر عن صدور اي قرار بعقوبات او عدم صدور مثل هذا ‏القرار بحق اي مصرف لبناني، فإنّ الضرر قد وقع فعلاً على المصارف، وهو ضرر يكاد ‏يكون أكبر حتى من صدور القرار نفسه، لأنه كما يُقال: الخوف من الموت هو ‏أقسى من الموت نفسه‎.‎

وسألت “الجمهورية” الرئيس بري عن الجديد في هذا الموضوع، وما اذا كانت ‏الدولة اللبنانية قد تلقّت إشارات سلبية حول استهداف اميركي لبعض المصارف؟ ‏فقال: لا علم لي بوجود مثل هذه الاشارات، وفي أي حال سألتقي بيللينغسلي ‏‏(اليوم) وسأرى ما سيحمله‎.‎

الموازنة‎
الى ذلك، ينتظر أن تستأنف الحكومة اعتباراً من اليوم، السير في مشوار دراسة ‏موازنة 2020 في مجلس الوزراء، والذي أكدت مصادر وزارية انّ جلسات مكثفة ‏ستعقد أسبوعياً، بين 4 و5، لإنجاز المشروع كاملاً، وإحالته الى المجلس النيابي ‏قبل منتصف شهر تشرين الاول المقبل، أي بعد أقلّ من شهر‎.‎

وقالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”: انّ البحث في جلسة اليوم التي تُعقد في ‏السراي الحكومي عند الرابعة بعد الظهر، سيستأنف من حيث انتهت اليه جلسة ‏الخميس الماضي، والتي بلغت البند الرابع عشر من مشروع القانون‎.‎

وأشارت الى انّ البحث سيتركّز حول بعض البنود الأساسية المتصلة، بما يضمن ‏الوصول الى مرحلة متقدمة لتخفيف نسبة العجز ما دون النسبة التي انتهت اليها ‏موازنة 2019، رغم التأخر في البَت بها الى الشهر السابع من السنة الحالية‎.‎

وحول كيفية التثبّت من نسبة العجز الفعلية منذ اليوم لإجراء المقارنة الضرورية ‏بين الموازنتين، قالت المصادر انّ بلوغ الشهر العاشر من السنة يمكن ان يعطي ‏مؤشراً قريباً ممّا ستكون عليه هذه النسبة، وتحديداً اذا التزمت الحكومة القواعد ‏التي اعتمدتها في كيفية التعاطي مع مصاريف الدولة منذ بداية العام‎.‎

بري والحريري‎
وعبّر الرئيس بري عن ارتياحه لهذا التوجّه الحكومي بالانكباب على درس الموازنة ‏في جلسات مكثفة في مجلس الوزراء، وقال: هذا أمر مهم جداً، لكنّ الأهم هو أن ‏يُحال مشروع الموازنة إلى مجلس النواب قبل 15 تشرين الاول، عندها يمكن ‏الحديث عن إنجاز‎.‎

وقالت أوساط رئيس الحكومة لـ”الجمهورية”: إنّ التوَجّه لدينا هو أن ننتهي من ‏الموازنة في مجلس الوزراء قبل 15 تشرين الاول، ولا نعتقد انّ هناك ما يستدعي ‏التأخير الى ما بعد هذا الموعد. ورئيس الحكومة مُنفتح على النقاش العلمي ‏والافكار الموضوعية، الّا أنّ الأهم هو تجنيب النقاش في الموازنة أيّ مزايدات‎.‎
قطع الحساب‎

وقالت مصادر وزارة المال لـ”الجمهورية”: إنّ موازنة 2020 ستحال الى المجلس ‏النيابي مع قطع حساب العام 2018 الذي تمّ إنجازه، ويُفترض أن يخضعا للتدقيق ‏من قبل ديوان المحاسبة‎.‎

المحروقات‎
على صعيد آخر، يلتقي الحريري اليوم وفد نقابة أصحاب محطات المحروقات ‏وموزّعيها، وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ توجّه قطاع المحروقات تصعيدي، ‏ويلوّح بإضراب مفتوح، ما لم يتم توفير الدولار لمُستوردي المشتقات النفطية من ‏أجل شراء بضاعتهم. وفي حال وصلت المشاورات، التي ستجري مع رئيس ‏الحكومة والمعنيين، الى طريق مسدود، سيعقد اجتماع غداً في تجمّع الشركات ‏المستوردة للنفط، لاتخاذ القرار المناسب‎.‎