الكهرباء "أم المعارك" بين الرئيس بري "والتيار الحر"..

الكهرباء "أم المعارك" بين الرئيس بري "والتيار الحر"..

كتبت صحيفة "الديار" تقول: دخلت الحكومة في سباق مع الزمن لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي قد يكون اكثرها "دهما" استحقاق "اليوروبوندز" في آذار المقبل، حيث بات الخيار محسوما لجهة تجاهل حملات التهويل "المصرفية"، والاتجاه بات واضحا نحو التفاوض لعدم الدفع، فيما عبد رئيس مجلس النواب نبيه بري "الطريق" امام اعادة "هيكلة" الديون اللبنانية، وهو امر جرى التباحث فيه في لقاء السراي الحكومي بين الرئيس حسان دياب ووفد جمعية المصارف الذي بدأ يشعر بان "الخناق" بدأ يضيق عليه قضائيا، ولم يعد من مفر الا بالتعاون مع القرارات الحكومية، خصوصا ان القضاء يتجه للتوسع بالتحقيق في ملف الاموال المهربة بعد 17 تشرين، وفي ملف بيع سندات "اليوربوندز" لجهات اجنبية.

التحدي "الكهربائي"

وقد تكون حكومة "مواجهة التحديات" أمام اول اختبار جدي لتماسكها، بعد الانتهاء من ملف السندات، حيث سيكون ملف الكهرباء مادة تجاذب مفتوح بين التيار الوطني الحر والرئيس نبيه بري الذي قرر ان لا يساير في هذا الملف، وهو يعد العدة للذهاب بعيدا لاقفاله، وهذا ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول طبيعة "الصدام" المحتمل بين خيارين متباعدين في المعالجة، خصوصا ان ثمة اتجاه لدى التيار "البرتقالي" لتفعيل "شارعه" في مواجهة التحديات "والحملات" على العهد والتيار، وستكون "البروفة" الاولى اليوم في التظاهرة امام المصرف المركزي، في اول اعتراض عملي على سياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة...مع العلم ان مصادر مطلعة تستغرب هذا التحرك في ظل "سكوت" التيار لنحو اربع سنوات عن هذه السياسيات التي كانت بتغطيات حكومية.

"الكباش الاقليمي والدولي"

ولا تقف التحديات هنا، بعد ان سلطت زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الى لبنان الضوء من جديد على "الكباش" الكبير والخطير الدائر في المنطقة والذي لن تكون الساحة اللبنانية بمنأى عنه، بل ســتكــون في صلبه في المرحلة المقبلة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي شّرع البلاد امام عملية ابتزاز سياسي ستحاول الاستفادة منه اكثر من جهة اقليمية ودولية لمحاولة التــأثير في الخيارات السياسية للدولة اللـبنانية.

طبعا لم تتجاوز نتائج زيارة لاريجاني الطابع الاعلامي، لان نتائجها الفعلية، وبحسب اوساط سياسية معنية بهذا الملف، مرتبطة بقدرة الحكومة اللبنانية على تجاوز الضغوط الاميركية والخليجية "وفتح" "الباب" امام تعاون اقتصادي جدي مع طهران في اكثر من مجال حيوي وفي مقدمته قطاع الكهرباء الذي يكبد الخزينة عجزا سنويا بأكثر من ملياري دولار، لكن حتى الان لا يوجد قرار لبناني في التعاون.

ووفقا لاوساط دبلوماسية جاءت زيارة لاريجاني لتطرح اكثر من علامة استفهام حول مستقبل العملية الانقاذية المناطة بحكومة حسان دياب، فاذا كانت هذه الحكومة غير قادرة على القيام بخطوات جريئة لانقاذ ما يمكن انقاذه خصوصا ان الغموض لا يزال يحيط بالجولة الخليجية التي وعد رئيس الحكومة القيام بها بعد نيل الثقة، فما الذي يمكن ان تقوم به؟

دياب او الحريري؟

واذا كانت ملامح هذه الجولة لا تزال غامضة بعدما استنكفت المملكة العربية السعودية عن تحديد موعد لدياب حتى الان، تتحدث المعلومات عن التحضير لزيارة يقوم بها رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري تسبق زيارة دياب، وبانتظار ما الذي يمكن ان تنتظره الحكومة من ادلة على "الفتور" السعودي لكي تبحث عن خيارات اخرى؟ فلا وعود بمساعدات اقتصادية خليجية جدية، الاميركيون "يراقبون" الموقف، وحتى القطريين لا يزالون في انتظار "الضوء الاخضر" الاميركي...!

"ام المعارك" ؟

وفي هذا السياق، ترى اوساط نيابية بارزة انه من المبكر للحكومة ان تتخذ قرارات "استراتيجية" ويفضل ان تتريث بعض الشيء لكي لا تدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي، لكنها تحذر من "مطبات" كبيرة تحتاج الى حلول سريعة والا تكون النتائج سلبية للغاية، ففيما النقاش اليوم يدور حول استحقاق "اليوروبوندز"، فان "ام المعارك" ستكون في الفترة المقبلة، ملف الكهرباء، وهذا سيدخل الحكومة في مرحلة من "الكباش" السياسي القديم-الجديد بين رئيـــس المجلس النيابي نبيه بري، الذي سبق واعلن انهــا ستكون معركته، وبين التيار الوطني الحر المتمســـك "بخارطة الطريق" التي وضعت من قبل وزرائه المتعاقبين وتم التفاهم عليها في الحكومة السابقة، وهذا ما يستدعي نقاشا جديا يقوده رئيس الحكومة كي لا تنفجر بين يديه "قنبلة" قادرة على اصابة الحكومة "بشظايا" قاتلة... وقد أكد بري امس تصميمه على خوض هذه المعركة "الكهربائية" الى النهاية، وقال في لقاء الاربعاء النيابي ان إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعده يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل، طالما نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملــف.

"الغام" تواجه الحلول

ووفقا للمعلومات، ثمة عمل دؤوب يجري على "خط مواز" مزروع "بالالغام"، فالجهات اللبنانية المعنية بملف الكهرباء تنتظر جوابا اردنيا، ليس فنيا وانما سياسيا، قبل الدخول في التفاوض مع الجانب السوري، وبيروت لن تتحرك في هذا الاطار قبل زوال "الفيتو" الاميركي على اي تعاون مع دمشق، حيث لم يجد الاردن حتى الان "وسيلة" لإيصال الكهرباء إلى لبنان عبر الاراضي السورية، والموانع لا ترتبط بالعلاقة الثنائية الاردنية - السورية فقط، فتصدير الكهرباء الأردنية باسعار معقولة إلى لبنان يحتاج إلى تجهيزات فنية عبر الأراضي السورية، وهذا الامر يحتاج الى كلام ومتعاون مباشر مع السوريين المعنيين اولا واخيرا بالموافقة المدفوعة على مرور "التيار" داخل اراضيهم، لكن واشنطن ابلغت الاردن عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية بان أي تعاون من أي نوع مع الحكومة السورية سيؤدي الى فرض عقوبات على عمان والتي ستكون في مواجهة الـقوانين الأميركـية.

"رسائل" سورية

ووفقا لتلك الأوساط، فان ما تعرضه عمان حتى الان من حل وسط يقوم على فكرة التواصل مع دمشق لكن دون اجراء المصالحة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، اي اتفاق فني لا سياسي، وهذا الامر يواجه برفض اميركي - سوري على حد سواء، فواشنطن لا تريد منح النظام اي مكاسب سياسية من "البوابة" الاقتصادية، وكذلك لا تزال الدولة السورية غير مرتاحة لكلا الطرفين اللبناني والاردني اللذان يريدان تحقيق مصالحهما عبر اراضيها دون دفع اثمان سياسية، وقد نقل زوار العاصمة السورية عن احد المسؤولين السوريين قوله "كيف يريدون إيصال الكهـــرباء عبر أراضينا من دون التحدث معنا؟ وهل يمكن فصل الكهرباء عن القطاعات الاقتصادية الاخرى خصوصا ان الاردن اعلن حظر استيراد نحو 2000 سلعة من الجـــانب السوري، لارضاء الاميركيين، وممارسة المزيد من الضغط على الدولة السورية؟ اما الجانب اللبناني فلا يــزال مترددا في فتح قنوات الاتصال الرسمي ويتعامل بخجل مع الحكومة في دمشق! والان تنتظر الدولة الســورية مقاربة الحكومة الجديدة "ليبنى على الشيء مقتضاه".

ووفقا للمصادر النيابية، كما يتحدث السوريون بلغة المصالح تتوافق وجهات نظرهم مع الايرانيين الذين يعرضون ولا يضغطون ويبقى على الحكومة اللبنانية ان تقدر مصلحتها لا مصالح وحسابات الاميركيين الذي يعملون على استخدام سلاح الاقتصاد في عملية ابتزاز سيدفع ثمنها لبنان خصوصا ان ثمة استغلال واضح لـ "ورقة" اللجوء السوري. فهل تقدم الحكومة الجديدة على خطوات من خارج "الصندوق"؟ وهل تستطيع تجاوز الضغوط القديمة - الجديدة؟ ام سنكون امام تكرار لسيناريوهات قديمة حيث "لا بدمشق وطهران عيّدنا، ولا في الرياض وواشنطن لحقنا العيد".. كما تقول تلك الاوساط.

بري يضع "خارطة طريق"

وكان بري اكد خلال لقائه نواب الأربعاء، ان "الوضع في لبنان وخصوصا على الصعيدين المالي والإقتصادي لا يحتمل تأجيج التراشق السياسي، انما يستدعي الدفع في إتجاه تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود للتعاون إنطلاقا من المصلحة الوطنية والمسؤولية التاريخية". وفي الشأن المالي والمصرفي قال الرئيس بري: "من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الإقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال وإقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الإستهلاكية والحياتية". وأبدى بري إرتياحه لتحرك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألفه الى يائه. وفي الشأن المتعلق بإستحقاقات "اليوروبوندز"، اكد بري التوجه الى اعادة الهيكلة وقد وصلت ترددات تصريحات بري الى الاسواق حيث انخفضت سندات لبنان المقومة بالدولار إلى 29 سنتاً.

دياب "وخارطة الطريق"

وبانتظار انتهاء "التشاور" من وفد صندوق النقد الذي وصل الى بيروت منتصف ليل امس والذي يبدأ لقاءاته اليوم، دعا لبنان 8 شركات الى تقديم عروض لإسداء المشورة المالية بشأن ديونه، وقد تراجعت قيمة هذه السندات اللبنانية تراجعا يوميا قياسيا بلغ بالامس17 سنتا في الدولارالى 56 سنتا.. في هذا الوقت قرر رئيس الحكومة حسان دياب تشكيل لجنة اعداد نهوض انقاذي اقتصادي واجتماعي، كما سيعرض أمام وفد صندوق النقد الدولي خارطة طريق للخروج من الازمة فيما ينتظر من الوفد الحصول على النصح حول وضع الدين واذا كان قابلا للاستيعاب".

اين اصبح ملف تحويل الاموال؟

في غضون ذلك،اجرى رئيس الجمهورية ميشال عون أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس جمعية المصارف سليم صفير مستوضحا ما نشر عن توقف احد المصارف الدفع بالدولار للمتعاملين معه". وفيما اكدت مصادر مطلعة ان النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتبارا من 17 تشرين الأول 2019بات منجزا، وبات لدى الاجهزة المعنية معلومات كافية ووافية عن المتورطين، استقبل رئيس الحكومة حسان دياب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أطلعه على حيثيات الملف، وتم البحث في إمكان التوسع في التحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحولة إلى سويسرا، كما تم البحث أيضا في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات. على الخط عينه، أعلنت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان انه "بعد طلب مساعدة قضائية من النائب العام التمييزي لمعرفة حجم الأموال المهرّبة التي تم تحويلها إلى سويسرا، قررنا الطلب من المصارف الإفادة عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حوّلت إلى الخارج". وقد حضر هذا الملف في محادثات اجراها رئيس الحكومة مع وفد من جمعية المصارف الذي ابدى رئيسها سليم صفير الاستعداد للتعاون.

في هذا الوقت، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على 17 صرافا في مناطق مختلفة من بيروت، بجرم مخالفة قانون الصيرفة، وأحال الملفات الى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت جورج رزق. ومساء، عمد متظاهرون الى تكسير واجهات عدد من فروع المصارف وسط بيروت، وتدخل الجيش اللبناني لمنعهم من الاقتراب من شارع المصارف، وذلك بالتعاون مع عناصر مكافحة الشغب...

عون لن يوقع الموازنة!

وعشية جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في قصر بعبدا، اكدت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية ميشال عون سيبلغ الحكومة انه لن يوقع على مرسوم موازنة 2020 لانها لم تتضمن قطع حساب عن السنوات الماضية، مع العلم انها ستكون نافذة بعد شهر من احالتها الى الرئاسة الاولى حتى لو لم يوقعها.

التشكيلات القضائية خلال ايام

في غضون ذلك، يبدو ان التشكيلات القضائية قد أنجزت، وبحسب مصادر قضائية، دخلت التشكيلات مرحلة وضع اللمسات الأخيرة عليها تمهيدا لإصدارها خلال أيام وهي موسعة و تشمل نحو 300 قاض، ووفقا للمعلومات فان النائب الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون ستنقل من مركزها وستعين مستشارة لدى احدى محاكم التمييز الجزائية على ان يعين مكانها القاضي ايلي الحلو، والقاضي كلود غانم مفوضا للحكومة لدى المحكمة العسكرية مكان القاضي بيتر جرمانوس الذي قدم استقالته والقاضي رجا حاموش نائبا عاما استئنافيا في بيروت والقاضي ربيع الحسامي قاضي تحقيق اول في بيروت والقاضي فادي صوان رئيس اول لمحاكم الاستئناف في بيروت.