رسالة مؤثّرة من “طوني عيسى” بعد إصابته وابنته بكورونا: “ما عشناه مؤلم وارحموا المصاب”

المصدر : النهار

“أتوجه بالشكر الجزيل لكل الأصدقاء والمحبين لي ولعائلتي المتصلين للاطمئنان، وأقول لهم إنني وكل أفراد عائلتي بصحة جيدة. نصلي لكي نتغلب على هذه المحنة وننتهي من هذا القطوع في أسرع وقت

حمانا الله جميعاً من كل مكروه وحمى أهلنا وعيالنا ولبنان”، بهذه الكلمات توّجه نائب رئيس مجلس الإدارة في “أي. بي. تي” ( IPT) طوني عيسى برسالة بعد انتشار خبر إصابته وبعض أفراد عائلته بفيروس كورونا.

العائلة تحت وقع الصدمة، بعد معرفتها بالنتائج الإيجابية لفحص كورونا، وكما يقول طوني عيسى : “بالنهاية، ما حدا فوق راسو خيمة، بس يلي صار معنا بوّجع وبيجرح كتير”.

أن تواكب الأحداث والمستجدات شيء، وأن تعيش فيها شيء آخر، يعرف عيسى جيداً أن ما كان يسمع به أصبح اليوم داخل جسمه وجسم محبيه، لكنه لم يتوقع يوماً أن يتحوّل إلى مادة للتجريح والمهانة.

ما لا شك فيه أنه يصعب فهم هذا الفيروس، والتعبئة الإعلامية التي تلعب دوراً مهماً، من جهة، إنما من ناحية أخرى، ينتج عنها حالة هلع وخوف غير مبررين من جهة أخرى.

الخطورة في الموضوع أنها تضع الشخص المصاب بالفيروس في موقع الضحية، إلا أنه في الحقيقة هو مريض شأنه شأن أي مريض يعاني من مشكلة صحيّة وليس مجرماً. وعلى الناس أن تعرف أن الشخص المصاب لديه كرامته وحياته الشخصية وصحته النفسية وعائلته”.

أضاف عيسى: “ما حصل بالأمس من تداول عبر التواصل الاجتماعي، كان صادماً. ربما كان الهدف توعية الناس إلا أن طريقة التعاطي مع الخبر كان مبالغاً فيه وخرج عن سياقه العام وتحوّل إلى مادة جارحة.



ابنتي، البالغة 24 عاماً، والتي وصلت منذ شهرين إلى لبنان من الولايات المتحدة، كان عليها أن تختبر هذه التجربة بطريقة مؤذية وجارحة. هي اليوم موجودة في مستشفى الحريري الجامعي وتتابع على وسائل التواصل الاجتماعي كيفية التعاطي مع موضوعها بهذه الطريقة، مع أنها كانت الوحيدة بيننا التي تعاطت مع حالتها بجرأة ووعي.

وفق عيسى “تلقت ابنته اتصالاً من صديق أبلغها فيه أن نتيجة الفحص جاءت إيجابية (فحص كورونا) وعليها مع بعض الأصدقاء الخضوع للفحص للتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس بعد أن أمضوا سهرة في البترون.

وكان الشاب قد شعر بالأعراض في اليوم التالي وتوجه إلى المستشفى واكتشف أنه مصاب بالفيروس. وعليه، انعزلت ابنتي في غرفتها في انتظار صدور النتيجة، ولم ترد أن تعرّض أياً من أفراد عائلتها إلى الخطر.

وبعد صدور نتيجتها الإيجابية، توجهت بمفردها إلى المستشفى وطلبت منا جميعاً الخضوع للفحص”.

ابنته التي تمتعت بحسّ المسؤولية والوعي، تعاطت بطريقة علمية ومنطقية مع خبر إصابتها، لكن لم تعلم أن بعض المجتمع لا يرحم. وتمنى عيسى “انطلاقاً من تجربتنا الشخصية، من الموازاة بين تكثيف التوعية حول الأعراض وكيفية التصرف عند الشعور بأي عارض، ولكن علينا أيضاً التركيز على كيفية التعاطي مع المصاب”، مستطرداً أنه “على الناس أن يعلموا أن هذا المصاب هو مريض، واحترام حياته وخصوصيته وخصوصية عائلته.

فليس سهلاً على أي شخص أن يعرف أنه مصاب بالفيروس، وقع الصدمة يكون قاسياً عليه، ليتفاجأ بكل أنواع التشهير والشماتة. تلقيت آلاف الاتصالات بالأمس مشوّهة وغريبة، بعضها بهدف الاطمئنان، والبعض الآخر لمعرفة ما إذا كنت حاملاً الفيروس عند رؤيته.

من حق الناس أن تخاف على نفسها، وهذا أمر بديهي وطبيعي، لكن ما حصل تخطى حدود المنطق بأشواط. يهمنا معالجة الكورونا ولكن يهمنا أيضاً عدم تدمير الناس لأنهم فقط يحملون الفيروس.

ما عشته من تجربة شخصية ألحقت بنا الأذى، ما قامت به ابنتي كان بديهياً وتطبيقاً للإجراءات والإرشادات الصحية، إلا أنها لم تتوقع أن ينقلب الموضوع عليها ويجعلها متهمة ومذنبة. ما يهمني اليوم صحتها وصحة العائلة، والباقي يمكن معالجته والتعامل معه لاحقاً”.

وأضاف: “يشعر المرء أنه مذنب بحق كل شخص مع أنه ليس كذلك. ولم يكن على علم بإصابته بالفيروس. توقيت هذه الاتصالات وتساؤلات الناس حول احتمال نقل العدوى إليها حتى من باب الخوف كان صعباً علينا لا سيما أننا كنا نحاول استيعاب وقع الصدمة التي تلقيناها للتوّ.

لم أكن أفكر سابقاً بكل هذه الأمور ولكن اليوم اختلف الموضوع وأصبحت أتعايش مع هذه المحنة وأتعامل معها بنفسي. اليوم حالتي وحالة والدتي المصابة أيضاً مستقرة، ونحن في عزل منزلي، في حين أن ابنتي في المستشفى”.