كورونا يفتك بإسرائيل.. كل دقيقة إصابة وتحذير من حرب أهلية ومواجهة مع لبنان

المصدر: وكالات

يفاقم فيروس كورونا المستجد أزمات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الملاحق قضائياً والمتخبّط اقتصادياً، بل تؤثر بحسب محللين إسرائيليين على قرار “الحرب والسلم” بشكل مباشر. ففي 27 تموز الفائت، تراجع جيش الاحتلال عن التصعيد مع “حزب الله” على الحدود الجنوبية، وسرعان ما هدأت وتيرة التوتر الذي أكّد الحزب أنّه مجرد تخبّط أحادي الجانب.



وتشير آخر الإحصاءات إلى أنّ وضع كورونا يواصل تأزّمه بعد تفشيه في أوساط اليهود المتشددين عقب تسجيل أول إصابة في دولة الاحتلال. وبحسب تقرير نشرته “العربية”، فإنّ الحالة “الكورونية” الإسرائيلية تسوء يومياً، إلى درجة أن وزارة الصحة أعلنت أن الفيروس سجل 70.379 إصابة حتى الجمعة، منها 1.785 في آخر 24 ساعة، أي أكثر من شخص كل دقيقة. وأجرت السلطات الصحية أجرت 20.846 اختبارا الخميس وحده، اتضح منها أن 8.8% ممن خضعوا للاختبار مصابون بالفيروس الذي أودى بحياة 9 إسرائيليين بين الخميس والجمعة، فأصبح المجموع 503 وفيات، استناداً إلى الموقع الإنكليزي اللغة لصحيفة “يديعوت أحرونوت”. ولفت الموقع إلى أنّ الإصابات ما زالت ناشطة في 26.080 إسرائيليا، بينهم 740 يتلقون العلاج في المستشفيات، ومنهم 321 في حالة حرجة، و99 من هؤلاء يتنفسون عبر الأجهزة، لذلك تحتل إسرائيل المرتبة 33 عالميًا بتفشي الوباء، وتأتي خلف بوليفيا وأمام أوكرانيا.

وفي هذه الأثناء تتضخم الاحتجاجات المناهضة للحكومة للمطالبة باستقالة نتنياهو، بعد فشل حكومته في التعامل مع تداعيات الوباء، حتى إن بعض الأصوات علت ودعت إلى اغتياله، ما دفعه إلى الرد عبر “تويتر” بالقول أن “هذه الدعوات لن توقفني”.

وعلى مدار شهرين، تابع كثير من المشاهدين الإسرائيليين التلفزيون كل ليلة مع إصدار نتنياهو تحذيرات وإعلانه التطورات المتعلقة بفيروس كورونا المستجد وإجراءات العزل العام المفروضة. وعندما تراجع عدد الإصابات، ألقى نتنياهو كلمة يوم 26 أيار ليتباهى بنجاحه. وقال: “تناولوا بعض الجعة. استمتعوا”، وهو بالضبط ما فعله الكثير من الإسرائيليين.



لكن حالات الإصابة بالفيروس ارتفعت في وقت لاحق، وأظهرت استطلاعات الرأي تراجع الثقة في نتنياهو. وهو يواجه الآن احتجاجات في أنحاء دولة الاحتلال بسبب حالة الاقتصاد المتضرر من الجائحة. وخارج مقر إقامته في القدس المحتلة، يلوح متظاهرون بلافتات ويقودهم الشباب الذين لا يكادون يتذكرون زعيما آخر غير نتنياهو الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ 2009، لكنهم يريدون منه أن يستقيل.

وفي هذا الإطار، نقلت وكالة “رويترز” عن أحد المستوطنين الإسرائيلين، كوستا بلاك (30 عاما)، الذي أوقف خلال الاحتجاجات وخسر عمله في أحد المطاعم بسبب تأثير الجائحة على الاقتصاد، “نحن جيل فقد ثقته بالكامل في النظام. يكافح الناس من أجل الرزق”. وأضاف “توقف قادتنا عن خدمتنا، إنهم لا يبالون بنا”.ووجد استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في 12 تموز أن 29.5 بالمائة يثقون في طريقة تعامل رئيس الوزراء الذي يبلغ من العمر 70 عاما مع الأزمة، انخفاضا من 57.5 بالمئة في نيسان و47 بالمئة في حزيران، بحسب ما جاء على وكالة “رويتزر”. ورداً على التطورات الأخيرة، كتب نتنياهو على تويتر: “لا تجرُّوا البلاد نحو الفوضى والعنف والهجمات على الشرطة”.

في المقابل، يقول منتقدون إن نتنياهو فقد الاهتمام على ما يبدو بإدارة الأزمة وأخفق في إعداد استراتيجية واضحة للخروج بعد إجراءات العزل الأولى. وتقول شركات إن المساعدات المالية التي حصلت على وعد بها تأخرت في الوصول وعرقلتها البيروقراطية. ويعتقد بعض الإسرائيليين أن خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة أدت لتشتيت انتباه نتنياهو. ويقول آخرون إن اهتمامه تحول إلى قضية فساد مرفوعة ضده، والتي ينفي فيها ارتكاب أي مخالفات.





ويرفض نتنياهو الانتقاد. وكتب هذا الأسبوع على فيسبوك معلقا على التأخيرات في تقديم المساعدات المالية “المال في الطريق. سنواصل الاعتناء بجميع المواطنين الإسرائيليين وسنضع المزيد من الخطط قريبا”.

ورُفعت قيود كثيرة لإنعاش النشاط الاقتصادي، لكن البطالة تحوم عند 21.5 بالمئة ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة ستة بالمائة في 2020. وأظهر مسح أجرته دائرة الإحصاء المركزية أن 55 بالمائة من الإسرائيليين يخشون من مواجهة صعوبات في دفع فواتيرهم، ارتفاعا من 46 بالمائة خلال العزل العام.

في هذا الصدد، قال يوهانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية “تفهَّم الإسرائيليون في آذار ونيسان أن الوضع صعب وكانوا مستعدين لقبوله لأنهم شعروا بأن الحكومة تبذل قصارى جهدها”. وأضاف “الشعور السائد الآن هو أن الحكومة لم تعد تدير الأمر من الناحيتين الاقتصادية والصحية”.



ويطالب ملايين الإسرائيليين بإنهاء حكم نتنياهو المتهم بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في 3 قضايا فساد تنظرها المحكمة المركزية بالقدس المحتلة، وقد تقود إلى سجنه في النهاية.

وقال بليسنر إن التداعيات طويلة الأمد بالنسبة لنتنياهو لم تتضح بعد. لكن أحدث استطلاع للرأي يمنح حزبه، ليكود، 31 فقط من مقاعد الكنيست المؤلف من 120 مقعدا، بانخفاض خمسة مقاعد. ويتوقع أن تحسن أحزاب يمينية أخرى مراكزها.

ومع أن الاحتجاجات لم تبلغ مستويات عام 2011، عندما خرج مئات الآلاف إلى الشوارع بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، فإنها آخذة في زيادة.

وقالت ستاف شافير وهي عضو سابق بالكنيست وزعيمة للاحتجاجات في 2011 “الذين كبروا في عهد نتنياهو… (يتساءلون) لماذا لا توجد أموال للاعتناء باقتصادنا الآن خلال أكبر أزمة عرفناها؟”.

ويقول مراقبون إن دولة الاحتلال تشهد حالة انقسام شديدة واستقطاب حاد قد تقود نحو مزيد من توتر الأوضاع وربما إلى سيناريو الحرب الأهلية.

على مستوى قرار الحرب، ربط محللون إسرائيليون بامتناع جيش الاحتلال عن التصعيد عقب التوتر الحدودي الأسبوع الفائت. فعلى الرغم من تمسك العدو برواية أنّ عناصر من “حزب الله” حاولوا التسلل عبر الحدود، ما نفاه الحزب جملة وتفصيلاً، اتخذت سلطات الاحتلال القرار بالاكتفاء بما حصل، في ظل عاصفة كورونا التي تجتاح البلاد إلى جانب أزمة نتنياهو القضائية. ويقول المحللون إنّ نتنياهو يخشى الإقدام على مثل هذه الخطوة وسط ظروف مماثلة، لقدرتها على زيادة منسوب التوترات الداخلية والإطاحة به.

وفي تقرير له، قال المحلل الإسرائيلي رون بن يشاي إنّ “قرار ضبط النفس (الإسرائيلي) كان صحيحا بسبب كورونا”، معتبراً أنّ نتنياهو أهدر فرصة لتغيير قواعد اللعبة مع “حزب الله”. ورأى بن يشاي أنّ “التجنيد الكبير للاحتياط المطلوب لدخول محتمل إلى لبنان كان سيسبب عدوى ومرض لا يمكن السيطرة عليهما. حتى الموارد المالية والصحية (على سبيل المثال، أسرة المستشفيات) المتاحة حاليا لدى الحكومة بينما يواجه الاقتصاد كورونا وآثاره الاقتصادية، لا تسمح لها بإدارة الأزمة الأمنية بنجاح في الوقت نفسه”