أصحاب الودائع في البنوك يراكمون الخسائر... اقتراح برفع تسعيرة الدولار في المصارف اكثر من 3900 بكثير... ماذا في التفاصيل؟

ولاحظ المصرفي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن التعديل المنشود يمكن أن يحد قليلاً من جسامة الخسارة التي يتكبدها المودعون بالدولار الذين يضطرون إلى السحب النقدي لتغطية حاجاتهم المعيشية والاستهلاكية، لكن شراسة الأزمة وتفاقمها يوماً بعد يوم ستتكفلان بذوبان القيمة الإضافية. وهذه المعادلة تنطبق تماماً على اقتراح الزيادة الشهرية المؤقتة على رواتب العسكريين. فكل ضخ لمزيد من السيولة بالليرة سيرتد ارتفاعاً في سعر الدولار النقدي وزيادة مكافئة في مؤشر التضخم.
ومن خلال توسيع زاوية الرؤية، يلفت المصرفي إلى أن الأسابيع القادمة حافلة باستحقاقات مالية داهمة وحساسة للغاية تفرض التروي والسعي لمحاكاة موجباتها بالحد الأدنى من التداعيات والأضرار. والأرجح أن الأولى بالاهتمام حالياً النظر في كيفية تلافي الوصول إلى خروج معامل الكهرباء من الخدمة بسبب عدم توفر الاعتمادات لتمويل استيراد المشتقات النفطية اللازمة للتشغيل، وتمدد الهاجس عينه إلى مادة البنزين التي تنذر بشلل النقل والانتقال.
وفي السياق، يبرز ملف دعم المواد الاستراتيجية والأساسية، حيث تشير البيانات المالية لدى البنك المركزي إلى تواصل انحدار احتياطات العملات الصعبة لدى البنك المركزي، لتصل إلى ما دون 18 مليار دولار، بينها ما يفوق 16.5 مليار دولار كاحتياطات إلزامية للودائع في المصارف، مما يعني أن رصيد المناورة لتواصل الدعم للمواد والسلع وفق الآليات السائدة حالياً، لا يتعدى 1.4 مليار دولار، وبما يشمل المصاريف الخارجية للدول، وهو ما ينذر بقرب استحقاق الوقف الحكومي لكل أشكال الدعم، باستثناء القمح والمازوت والدواء، وحتى من دون الحاجة إلى قرار مرجعي تتخذه الحكومة المستقيلة أو المجلس النيابي. ويعتمد تمويل الدعم وتغطية كلفة استيراد مواده السعر الرسمي للدولار عند 1515 ليرة للقمح والمحروقات والدواء، وسعر المنصة (3900 ليرة للدولار) لتمويل مواد أولية مجددة للزراعة والصناعة وعشرات السلع الغذائية الأساسية والمستلزمات الطبية. والسعران استنزفا نحو 6 مليارات دولار من الاحتياطات لتغطية الدعم خلال العام الماضي، وهو ما يتعذر تواصله سوى لأسابيع معدودة لا تتعدى منتصف العام الحالي بأفضل السيناريوهات.
ويرى المصرفي أنه «بمعزل عن مشروعية الصرف من الودائع بالسعر الأعلى الممكن تمكيناً لأصحابها من جهة انهيار القدرات الشرائية وتواصل ارتفاع سعر الدولار، فإن أي إجراءات أو تعديلات جانبية ستظل عقيمة المفعول، ما لم تُبنَ على مقاربة الأسباب الجوهرية للأزمات المستشرية في البلاد، التي تترجمها الفوضى النقدية كمرآة عاكسة. ولا بد من الإقرار بأن دور البنك المركزي يتلاشى تباعاً، وهو يعجز موضوعياً وإمكانات عن إدارة التعامل الكفوء مع كل هذه الملفات الشائكة والمجتمعة. وبالتالي لا نتوقع أي تعديل جديد يخص تسعير السحوبات، ما لم تتم تغطيته بقرار سياسي لا تبدو فرصه متوفرة حالياً».

المصدر: الشرق الأوسط