الألبان والأجبان تغيب عن سفرة اللبناني بعد ارتفاع أسعارها... "حتى اللبنة يا بنتي ما عاد فينا نشتريا... والقشقوان من سنة مش فايتة بيتي"

تحت عنوان "الألبان والأجبان تغيب عن سفرة اللبناني بعد ارتفاع أسعارها... "القشقوان من سنة مش فايتة بيتي"" جاء في النهار:

"حتى اللبنة يا بنتي ما عاد فينا نشتريا"... هكذا اختصر اللبنانيون وضعهم في ظلّ الوضع الاقتصادي السيئ، إذ طاول الغلاء أسعار الألبان والأجبان أيضاً، فأصبحت "أكلة فاخرة" يعجز أصحاب الدخل المحدود عن الحصول عليها.

تقول تقلا (ربة منزل): "الأسعار جنون، كانت اللبنة والقشقوان وباقي الأجبان، لا تغيب عن أيّ سفرة. أما اليوم فاختلف الوضع، لم تعد تدخل المنزل أكثر من مرة في الشهر، ولولا أطفالي لما اشتريتها من الأساس".

"القشقوان إلها شي سنة مش فايتي على بيتي". هكذا عبر أبو حسين، ربّ لعائلة من أربعة أطفال.
وقال: "في بداية الأزمة وعندما بدأت الأسعار بالارتفاع، انخفضت جداً القدرة الشرائية، أما اليوم فانعدمت. كيلو اللبنة أصبح بحدود الـ 40 ألفاً، حاولت أن أستبدل العلامات المعروفة بأخرى، ولكنني أفضّل عدم شرائها، واعتقد أنها لا تخضع للرقابة، فلو خضعت للرقابة لما دخلت الأسواق اللبنانية".

العمّ داني، صاحب سوبرماركت في الدكوانة، يكشف عن معاناة يراها يومياً فيقول: "هناك الكثير من الزبائن يطلبون أن أضع لهم 100 غرام لبنة، فمن كان يشتري نصف كيلو قشقوان مثلاً، اليوم لا يطلب سوى 100 غرام بـ 25 ألفاً. فالقدرة الشرائية لدى الناس انخفضت كثيراً، فكيف يستطيع ربّ عائلة أن يشتري كيلو الجبن مثلا بـ 70 ألفاً من النوع العادي. أما الأنواع المعروفة فأغلى بكثير، وكيلو اللبنة أيضاً بـ 40 ألفاً".

وبعد إصدار سعر جديد للحليب الطازج، يقول وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى لـ"النهار"، إنّ "هذه التسعيرة خاصّة بالحليب. وضعناها لنحافظ على ما بقي من القطاع الزراعي، وعندما يرتفع سعر الحليب تلقائياً سترتفع أسعار الألبان والأجبان، ولكن ليس بهذا الشكل الجنوني. المزارع يضطر لشراء الأعلاف بسعر صرف الدولار، فقمنا بدراسة لتقييم تكاليف المزارع للكيلو الواحد من الحليب، فلا يستطيع المزارع أن يبيع الكيلو الواحد بـ 4 آلاف ليرة وتكون تكلفته 6 آلاف ليرة، فالمشكلة ليست عند المزارع بل بسعر تكلفة الإنتاج التي ترتفع بطريقة غير منطقية".

وكباقي القطاعات التي تنهار في لبنان، مرتضى قلق عن مستقبل القطاع الزراعي، إذ رأى أنه "لحماية ما تبقى من هذا القطاع. ارتفعت الأسعار، فالكثير من المزارعين اضطروا لذبح أبقارهم الحلوب وبيع لحومها، لأنّه لا قدرة لديهم على تأمين الأعلاف، فالمزارع ليس مكسر عصا، والحل الوحيد هو خفض سعر صرف الدولار".

وعن سؤالنا عن أنّ كيلو الجبن الواحد من صنف متوسط بـ 60 ألفاً ردّ مرتضى: "لماذا بـ 60 ألفاً؟ كيلو الحليب بـ 6 آلاف فقط، والتكلفة هي بحدود الـ 30 ألفاً، فلماذا يبيعونه بـ 60 ألفاً؟ هكذا يكون الربح 100 بالمئة، وهذا لا يجوز في ظلّ هذه الأوضاع، وهنا دور حماية المستهلك بالرقابة ووضع حدّ لذلك".

"يضعون اللوم على المصانع دون أن يدركوا ما هي تكلفة الإنتاج علينا"، هكذا ردّ جهاد التنوري صاحب شركة "ديار تعنايل" للألبان والأجبان، بعد أن حمّل البعض مسؤولية هذا الغلاء لأصحاب المصانع.
وأضاف: "نتسلّم اليوم كيلو الحليب بحدود الـ 7 آلاف ليرة. وكل صنف من الأجبان يتطلب كمية وتكلفة معيّنة من الحليب. ويباع كيلو الجبنة بحدود الـ 65 ألفاً حسب كل شركة، فالتكلفة تساوي السعر الموجود في الأسواق".

وقال: "دسامة الحليب مثلاً انخفضت لأنّ المزارعين لا يطعمون المواشي الأعلاف، ما قلّل من دسامة الحليب. فيتطلب الكيلو الواحد من الأجبان المزيد من الحليب لصناعته. وهنا نتكلّف بحدود 60 ألفاً من الحليب فقط دون أيّ تكاليف أخرى من عمّال وغاز وصيانة وكهرباء...".

بعد اللحوم والدجاج، اليوم تغيب الألبان والأجبان عن مائدة اللبناني. وبعد أن كان اللبناني متوسط الدخل يعتمد على اللبنة والجبنة كوجبة أساسية، أصبح اليوم يبحث عن بديل، هذا إذا ترك له "زعماؤنا" بديلاً يملأ يسد به جوعه.


(النهار)