كتبت ايفا ابي حيدر في "الجمهورية": من غرائب الأزمة التي يمرّ فيها لبنان ان تصبح الفاكهة والخضروات من الكماليات. فمن بين عشرات اصناف الفاكهة التي ينتجها لبنان، لاسيما في فصل الصيف، وحده البطيخ والشمام بقيا على اسعارهما وحافظا على وجودهما على موائد اللبنانيين، على عكس الكرز والجنارك والمشمش والدراق... لأنّ سعر كيلو البطيخ يبدأ اعتباراً من 1000 ليرة ولا يتخطّى الـ 3000 ليرة.
بعد قرار وقف إدخال المنتجات الزراعية الى المملكة العربية السعودية، هوّل المزارعون بأنّ هذا القرار سيؤدي الى تكدّس الانتاج، وبالتالي الى خفض اسعار المنتجات الزراعية اللبنانية. الّا انّ المستهلك لم يلاحظ تراجعاً في الاسعار، لا سيما الفاكهة التي تبدأ اسعارها من 12 الفاً للكلغ، ليقترب البعض منها من 100 الف ليرة.
ما القصة؟ هل اتجّه المزارعون جميعاً نحو التصدير؟ وهل وجد لبنان سوقاً بديلة من السوق السعودية فتمكّن من تصريف انتاجه؟
«القطاع الزراعي ليس بخير»، هكذا يصف رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي وضع القطاع. وقال لـ»الجمهورية»: «اذا كان اللبناني يشكو من ارتفاع أسعار الفاكهة والخضار، فهذا لا يعني انّ المزارعين بخير»، عازياً ارتفاع أسعار الفاكهة خصوصاً، الى ندرة الإنتاج بسبب التقلّبات المناخية التي شهدها لبنان هذا العام، بحيث سجّل مطلع شهر شباط ارتفاعات قياسية بمعدلات الحرارة، تلته موجة صقيع وامطار وانخفاض بدرجات الحرارة، قضت على زهر الاشجار، لا سيما في البقاع. وبالتالي، انّ قلة الإنتاج أدّت الى ارتفاع الطلب مقابل انخفاض العرض، لأنّ قلة من المزارعين كان لديهم انتاج هذا العام، لذا ارتفعت الأسعار.
وقدّر نسبة تراجع انتاج الفاكهة هذا العام بـ 60% باستثناء العنب والتفاح. وقال: «وصل ثمن كيلو المشمش العجمي الى 90 الفاً، لأنّ انتاج هذا العام لم يتخطّ ما نسبته 10% مقارنة مع انتاج السنوات السابقة، كذلك انتاج المشمش الذهبي لم يتخطّ نسبة 15% مقارنة مع السنوات السابقة. الامر سيان بالنسبة الى الكرز، بحيث يبلغ سعر الكيلو 31 الفاً، انما لم يتخطّ الإنتاج هذا العام نسبة 40% من اجمالي انتاجه السنوي، والدراق نسبة 50%، واللوز 30%».
أضاف: «لا يمكن القول انّ الارتفاع بالأسعار لحق بكل أنواع الفاكهة. على سبيل المثال لا يزال سعر كيلو البطيخ هو الارخص، فهو يباع بـ 1000 ليرة للكيلو، بينما تتراوح كلفة انتاجه ما بين 2500 الى 3000 ليرة للكيلو، أي بربع كلفته، كاشفاً انّ البطيخ لا يُصدّر، لذا هو متوفر بكثرة وبسعر زهيد. الامر سيان بالنسبة الى البصل الذي يباع بحوالى 1000 ليرة للكيلو في السوق، بينما يبيعه المزارع بـ 600 الى 700 ليرة للكيلو، انما كلفته الحقيقية حوالى 2500 ليرة. اما سعر قفص الخس (يحوي 8 خسات) فيبلغ 5000 ليرة، بينما ايجار القفص وتوضيبه ونقله الى بيروت فيصل الى 5000 ليرة، بما يوحي ان لا ربح في الخس ولا يُباع بأكثر من 10% من كلفة انتاجه».