في مؤتمر "غلاسكو" للتغير المناخي، تم إختيار عنوان "الأمل الأخير لمواجهة مصير واحد وحماية الكوكب" كشعار لمرحلة مقبلة تكشف حقيقة المخاطر التي يواجهها العالم. وللبنان من هذه
الخارطة الموقع الأكبر من التحديات
البيئية والمناخية، وإن لم نتحدث عن سنوات مقبلة من الدمار البيئي، فإننا أمام "كارثة" على أبواب شتاء بدأ من دون أمطار لغاية الأيام الأولى من تشرين الثاني، ما ينذر بما هو أسوأ إن لم تتساقط الامطار قريباً، فإليكم ما سنواجه.
لبنان معرّض الى "نقص في المياه"، هذا ما خلص اليه ايضاً التقرير الصادر عن مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، مؤخراً، والذي أشار الى ان لبنان معرّض الى "نقص في الأمطار والثلوج، مع ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي نقص في المياه، بسبب الاحتباس الحراري الذي تراجع قليلاً خلال جائحة كورونا، ولكنه عاد الآن إلى وضعه السابق الخطير".
وأفاد التقرير ايضاً أنّ "قادة العام يتحدثون عن ارتفاع درجات الحرارة بحدود 1.5 درجة مئوية، إلا أن بعض الأبحاث العلمية تشير الى ارتفاع 4 درجات مئوية حتى العام 2050، وهذا أمر مدمر للعالم بأكمله على البشرية والزراعة والمحيطات والجليد والثلوج والغطاء الأخضر والتواجد الحيواني العالمي". فأي خطورة على لبنان، وخصوصاً اننا لم نشهد تساقط امطار مقارنة بالسنوات المنصرمة لغاية الفترة الحالية؟.
يشرح رئيس حزب البيئة العالمي والخبير البيئي ضومط كامل في حديث لـ"لبنان 24" خطورة ما ينتظرنا، ربطاً بالمناخ في المنطقة العربية، مشيراً الى أنّه خلال فترة كورونا والاقفال على مستوى العالم، اقتربت المنطقة العربية من الوضع البيئي السليم كما كانت عليه في الثمانينيات، ولكن بعد إعادة تشغيل المصانع والحركة الاقتصادية الصناعية، ومع التغير المناخي عادت الأمور لتسوء ولنا في لبنان الحصة الكبرى.
والمشكلة الأكبر اليوم تكمن على مستوى هطول الامطار، وبحسب كامل، فإنّه يُفترض ان تتساقط الامطار خلال الفترات ما بين (1 و6 أيلول ومن ثم 17 الى 19 أيلول وفي 29 أيلول بشكل متقطع، وكذلك في 5 تشرين الأول على أن تشتد نسبة هطول الامطار منذ 13 الى 15 تشرين الأول ولغاية الشتاء بشكل مكثف)، ولكن للأسف، "تخطينا الـ150 يوماً من دون امطار". ويتابع كامل: "أثر ذلك بشكل مباشر على الثروة الحرجية والغابات والنباتات التي لم تتحمل الجفاف الطويل، وهو جفاف قادر على المستوى القريب أن يدمر البيئة بشكل كامل والتنوع البيولوجي في لبنان". وانسحبت تلك الخطورة بشكل مباشر جراء عدم تساقط الامطار على المزروعات الخريفية، كالخس والارنبيط والملفوف، بحيث تكبد المزارعون خسائر بالملايين، واليوم اعادوا زراعة هذه المنتوجات ويأملون بأن تتساقط الامطار قريباً.
امراض مخيفة
إذا بإنتظار "أن يبعت ربنا الخير"، والا فإنّ لبنان معرض حقيقة الى نقص في المياه، في بلد أنهكته المشاكل من مختلف النواحي، على الرغم من تنوعه البيولوجي وثروته المائية، وبحسب كامل فلبنان "هو نقطة ارتكاز مائية في المنطقة العربية، وكان من المفترض أن تمطر بين الـ10 و15 مليار متر مكعب لتروي لبنان، إضافة الى ضرورة تساقط الثلوج، واليوم نحن في 10 تشرين الثاني، كان يُفترض في الوضع السليم أن تتغطى القرنة السوداء وجوارها فوق ارتفاع الـ2000 متر بالثلوج، ولكننا لم نشهد على ذرة غبار ثلج".
وتتشعب المشكلة لتصل الى حقيقة أنّ أنهار لبنان أصبحت بمعظمها مكبات للصرف الصحي والصناعي، "وهو ما ينذر بامراض مخيفة وكارثية على مستوى الطعام والشراب، يُضاف الى ذلك أنّ فترة الجفاف الطويلة وتغير المناخ واقترابنا من الجو الصحراوي، جعلتنا نخسر بعض الأشجار المعمرة والتنوع البيولوجي الضخم، ما جعل لبنان مقصداً للحشرات الاستوائية التي تقضي على بعض المزروعات".
خلاصة القول إنّ لبنان بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى خطة طوارى لحماية الغابات من جهة ولوضع استراتيجية مائية من جهة أخرى، وبحسب كامل: "الغابات اليوم هي خط الدفاع الأول، والا فلبنان ذاهب نحو التصحر، وشهد العالم اجمع في مؤتمر غلاسكو على الهدف الأول من المؤتمر وهو العمل على تخفيض انبعاثات الكربون، ولبنان قادر على هذه المواجهة أكثر من أي دولة عربية بسبب وجود هذه الغابات، فلنحافظ عليها".