خواجه لـ«اللواء»: لا خيار لنا إلا بالخلاص من النظام الطائفي

لا يمكن للحوار مع النائب محمد خواجه أن يتخذ سمته التقليدية في الشكل قبل المضمون. هو «الباحث» في الأمور الاستراتيجية والعسكرية الذي تشغله النيابة ولو في أمورها الجزئية المتعلقة بشؤون الناس التي بات همّها في لقمة العيش وسط كارثة معيشية تصل في بعض الاحيان الى ظاهرة المجاعة!

لا يُحب الغوص في صراع التصريحات والخلافات الداخلية لصالح تقدير يقدمه للواقع بصورته الأوسع، ويفضل مقاربة الأزمة الداخلية انطلاقا من أزمة النظام السياسي التي تُعد أساس الانهيار اليوم، ولا يملّ من التذكير بأن لا خلاص إلا بالدولة المدنية انطلاقا من قانون نسبي حقيقي للانتخابات على أساس الدائرة الواسعة.

النظام ينتج أزمات وليس الحلول

من هنا ننطلق في «دردشة» مع خواجة في أصل الأزمة.

هو يبدو حاسما حيال عقم النظام الطائفي القائم منذ عهد المتصرفية، ويعتبره علّة العلل كون تاريخه حافل بالتوترات والاحترابات «حيث لا يمضي عقد أو عقدين من الزمن إلا ونكون أمام أزمات كبرى تهدد الكيان في أصل وجوده. فهذا النظام لم يسمح للبنانيين بإنتاج وطن حقيقي بل مزارع طائفية تتساكن أحيانا وتتناحر أحيانا اخرى، مثلما حصل في 1840 و1860 ومع بداية العشرينيات من القرن الماضي، وخلال الأزمة الدستورية العام 1949 التي مهدت لـ»ميني» حرب أهلية العام 1958، الى أن كان الانفجار الكبير العام 1975».

وكاد الأمر يتكرر بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري العام 2005 «لو لم يتوافر لدى القيادات اللبنانية قدر من الحكمة، فضلاً عن التوازنات القائمة التي أمّنت الاستقرار في حدوده الدنيا. هذا فضلاً عن أن النظام الطائفي بتركيبته البنيوية، يشجع على المحاصصة واستبعاد أصحاب الكفاءات. كما أنه الحارس الأول للفساد الذي استشرى في مرحلة ما بعد الحرب».

يؤكد خواجة أن وظيفة أي نظام سياسي إدارة شؤون المجتمع وحفظ استقراره وتوفير الحلول لأزماته، ما يوجب امتلاكه الديناميات اللازمة لتطوير الحياة العامة بشكل مستدام. «وهذا ما لا نلحظه في نظامنا الطائفي الذي فقد أي قدرة على حلحلة المشاكل التي تواجهنا، بل أكثر من ذلك، تحوّل في حد ذاته الى عائق ولاّد للمشاكل الدائمة في كل مجالات الحياة».

إن مرحلة الهدوء التي شهدتها التسعينيات ومطلع الألفية الثانية، كانت بفضل الوجود السوري وضبطه للإيقاع الداخلي ضمن تسوية إقليمية أمّنت الاستقرار. أما بخصوص اتفاق الطائف الذي اصبح أساس الدستور الحالي، فلم يُطبق إلا استنسابيا. وللأسف، إن البنود الإصلاحية التي تضمنها لم تبصر النور، على سبيل المثال لا الحصر، المادة 22 من الدستور، التي تنص على انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وانشاء مجلس شيوخ تتمثل في داخله الطوائف».

ويتابع: المطلوب اليوم تطبيق كامل لإتفاق الطائف بما يفتح الباب للوصول الى دولة مدنية مرتكزاتها المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية. هذه الدولة برؤيتنا، تكون متصالحة مع الطوائف كعنصر غنى وتنوع حضاري، نابذة لسموم الطائفية التي جعلت من لبنان وطنا عليلاً. ونحن في «كتلة التنمية والتحرير»، بعدما يئسنا من المطالبة بتشكيل الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الطائف وأدرجت في مقدمة الدستور، (وكان الرئيس نبيه بري قد طالب مرارا منذ مطلع التسعينيات بتشكيل هذه الهيئة إلا انه كان يصطدم بجدار الرفض المُقنع من قبل بعض اركان الطبقة السياسية)، أتى طرحنا ككتلة نيابية لقانون انتخاب عصري، قائم على النسبية والدائرة الوطنية الكبرى. ونعتقد أن من خلاله يمكن ان نفتح المجال لتطوير الحياة السياسية في البلاد، ونقل لبنان من دويلات المزارع الطائفية إلى رحاب وطن يليق بأحلام أبنائنا وأحفادنا».

«ورغم الجهود التي بذلناها تحت قبة البرلمان وخارجه، لم ننجح في السير بهذا القانون حتى الآن، مما فرض علينا وعلى البلد العودة الى القانون 44 / 2017 الذي ستجري الانتخابات للمرة الثانية على أساسه. وإذا ما استثنينا اعتماد النسبية التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا الانتخابية، فإن هذا القانون من أسوأ القوانين الانتخابية، كونه يقسم البلاد الى 15 دائرة مما يعزز العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية، ويفتح الباب واسعا لعمليات الرشى المالي».