بعدما هجرت المرأة اللبنانية الزراعة منذ زمن، وجدت نفسها اليوم وبعد الازمة التي عصفت بالبلاد تتقدم خطوات سريعة نحو المساهمة في العجلة الاقتصادية الذاتية وخصوصا في الأرياف. فتكلفة الحياة الشاقة، جعلتها في حالة اضطرارية للتوجه نحو سوق العمل، وليس امامها سوى المساحات الشاسعة من السهول للعمل فيها. وهناك مرة جديدة استطاعت السيدة الريفية ان تثبت قوتها، وليست النماذج التي سنقدمها سوى بعض من تجارب ناجحة لسيدات خلقن الفرص من العدم، وأثبتن قدرات استثنائية لفعل المستحيل.
وعلى أبواب الموسم الزراعي الشتوي، تستعد سيدات في البقاع لاستكمال مشاريعهن الزراعية، وخصوصاً مع بدء المدارس وفصل المونة إضافة الى التحديات الكبيرة التي تواجهها العائلات في المناطق الجبلية لتأمين المازوت والحطب للتدفئة.
محاسن سمعان، سيدة بقاعية من بلدة دير الأحمر، اضطرت الى الانخراط في العمل الزراعي بعدما وجدت نفسها وحيدة في إعالة ولدين أكبرهما 13 عاماً، وثانيهما 10 سنوات، وزوج يعاني مشاكل صحية بعد اصابته بمرض نادر، استدعى تدخلات جراحية لزراعة الشرايين وعلاج مدى الحياة. تروي محاسن تجربتها بفخر، زرعت بداية كروم العنب في ارض صغيرة تملكها العائلة، وباعت محصولها لتكتشف انّ الأرض "كنز" على حد تعبيرها فعملت على تطوير ادواتها الزراعية، وبدأت في زراعة القمح. تقول محاسن: "لا خيار لدي سوى الأرض والعمل فيها، فلا مردود ماليا اخر لنا، واولادي صغار، ويحتاجون الى مصاريف كبيرة لاستكمال دراستهم".