إجراءات "الموازنة المتقشفة" تقلق القطاعين العام والخاص




تتجّه الأنظار في لبنان إلى ما ستعلنه الحكومة اليوم أو نهاية الأسبوع عن مشروع موازنة عام 2019 في ظل التسريبات التي يتلقفها اللبنانيون عن إجراءات تحت عنوان «التقشف» لن تقتصر على قطاع دون آخر.
وفي حين أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب العام اليوم الجمعة ملوّحة بالإضراب المفتوح، لن يكون القطاع الخاص بمنأى عن هذه الإجراءات وهو الأمر الذي يبدو أنه يتم تمريره بشكل غير مباشر ضمن القرارات التي اتخذتها وستتخذها الحكومة في جلساتها المخصصة لدرس مشروع الموازنة. وإذا كانت السلطة قد خضعت في مكان ما لضغط الشارع ورفض موظفي القطاع العام والمتقاعدين العسكريين خفض رواتبهم، فإنه لا يعني أن هذا التخفيض ألغي بشكل كامل بل تم الالتفاف عليه عبر قرارات لا تشمل فقط موظفي الإدارات الرسمية بل ستطال بلا شك القطاع الخاص، وهو ما يؤكد عليه رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر مبديا تخوّفه من أن تعمد السلطة إلى «التركيز في مكان لتعود وتضرب في مكان آخر» بحسب قوله محذرا من انفجار اجتماعي بوجه السلطة.
وفيما دعا وزير الاتصالات محمد شقير إلى انتظار القرارات النهائية مرجحا الانتهاء من الموازنة اليوم في جلستين نهائيتين، يؤكد أن زيادة المحسومات التقاعدية وخفض بدل النقل إلى 6 آلاف ليرة (4 دولارات) قد تم البحث بها وهي بلا شك ستشمل القطاع الخاص، قائلا لـ«الشرق الأوسط» «عندما حدد بدل النقل بـ8 آلاف ليرة كان سعر برميل النفط 120 دولارا وبالتالي لا مشكلة من تخفيض البدل مع تراجعه اليوم».
وفي رد على سؤال حول إمكانية خفض رواتب الوزراء والنواب، بعدما كان قد طرح على طاولة بحث الحكومة ورفضه بعض الوزراء، ونقل عن وزير الخارجية جبران باسيل قوله بأنها لا تكفي بدل محروقات لسياراتهم، حسم شقير أن قرارا بهذا الشأن سيتخذ، وأن نسبة التخفيض ستكون بين 25 و50 في المائة، داعيا إلى عدم المزايدة على بعضنا البعض.
لكن يرى الأسمر أن المشكلة تكمن لغاية الآن في الغموض الذي يلف معظم القرارات التي اتخذت في جلسات الحكومة والتي تتجه لإقرارها، مشيرا إلى أنه كل ما يتم تسريبه لا يبشّر بالخير والمساس برغيف المواطن سيكون مكلفا وسيؤدي إلى انفجار اجتماعي.
وإضافة إلى خفض بدل النقل ورفع المحسومات التقاعدية 3 في المائة والضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 7 إلى 10 في المائة، يحذر الأسمر من إجراءات أخرى قد يتم اللجوء إليها وستطال كل المواطنين في القطاعين العام والخاص دون استثناء، كرفع الضريبة على القيمة المضافة من 11 إلى 13 في المائة، مضيفا «بينما المصارف لا تزال تتمتع بالحصانة والمستفيدون من التهريب الضريبي الذي يشمل نحو 60 في المائة من الشركات والأملاك البحرية وغيرها من مصادر الهدر التي إذا ضبطت من شأنها تغطية جزء كبير من العجز».
وفي المقابل، نفى وزير الاتصالات إمكانية اللجوء إلى رفع الضريبة على القيمة المضافة، لكنه يعتبر أن الحديث عن مساواة الحد الأدنى للأجور بين القطاعين العام والخاص ليس في وقته الآن، موضحا أن «طرح هذا الموضوع اليوم سينعكس سلبا على الموظفين ولن يكون لصالحهم حيث إن أصحاب المؤسسات الخاصة ستلجأ عندها للاستعانة بالعمال الأجانب».
وفيما يتمكن الموظفون في القطاع العام من المطالبة بحقوقهم بالإضراب، فإن خطوة كهذه من قبل القطاع الخاص ستضعهم أمام خطر خسارة وظائفهم، في وقت لا يزال الحد الأدنى للأجور متفاوتا بين القطاعين بعد زيادة سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام السنة الماضية إلى نحو 630 دولارا أميركيا بينما لا يزال في القطاع الخاص 450 دولارا. مع العلم أن العاملين في القطاع الخاص يشكلون أكثر من 75 في المائة، في حين تقدر نسبة موظفي القطاع العام بـ25 في المائة من القوى العاملة في لبنان، وأقر قانون الضرائب لتمويل زيادة رواتبهم بقيمة 1200 مليار ليرة لبنانية (800 مليون دولار)