حدث تشهده الحياة السياسية للمرة الأولى منذ الاستقلال



انطلق ديوان المحاسبة من التقرير الذي أعدته لجنة المال والموارنة النيابية برئاسة النائب ابراهيم كنعان، والتي قامت بواجبها على مدى ١١ جلسة، تطبيقاً لدور المجلس النيابي الرقابي في تطبيق القوانين ومنها القانون رقم 46 تاريخ 21/8/2017، الذي حظر في المادة 21 منه التوظيف بمختلف أشكاله الا بموافقة مجلس الوزراء وبعد تحقيق تجريه ادارة الابحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية.
وبعد اصدار المدعي العام في ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس 17 قراراً تناولت مسألة التوظيفات والتعيينات التي جرت في الادارات والمؤسسات العامة بشكل مخالف للقانون، وذلك بعد ٨ أشهر من الرقابة والتدقيق البرلماني في لجنة المال والموازنة بالتعاون مع الهيئات الرقابية، يمكن القول ان حملة الإصلاح ومكافحة الفساد دخلت مرحلة غير مسبوقة حيث اعتاد اللبنانيون على إفلات المفسدين من العقاب وبخاصة أصحاب السعادة والمعالي والدولة.
فقد درجت الطبقة السياسية منذ قيام الجمهورية على استخدام التوظيف في الإدارة العامة مطية لبسط نفوذها وبخاصة في المواسم الانتخابية، وتكمن أهمية قرارات ديوان المحاسبة انها الخطوة الاولى نحو منع التوظيف المقنع تحت مسمى التعاقد الطويل الأمد المخالف للقانون بالإضافة الى إعادة الدولة الى احترام الأصول في التوظيف.
وتمكنت لجنة المال من إحصاء ما يزيد عن 32 ألف حالة توظيف مخالفة للقانون بناءً على التقارير التي زودت بها من الهيئات الرقابية والجلسات الطويلة والمضنية التي دعا اليها رئيسها وذلك استناداً الى التوصيف الوظيفي ضمن ملاك الدولة.
وتكمن أهمية قرارات ديوان المحاسبة في المراسلات التي تم توجيهها لمجلس الوزراء والتي تتضمن أسماء وزراء سابقين خالفوا قانون منع التوظيف والمطالبة بملاحقتهم بالإضافة الى فرض عدم التجديد للمتعاقدين المخالفين للقانون.
ونوهت مرجعية رئاسية بعمل لجنة المال والموازنة النيابية الرقابي الذي لم تشهدها الحياة السياسية منذ الاستقلال لغاية اليوم.
وفي سابقة يجب التوقف عندها لأهميتها، فرضت لجنة المال والموازنة على المؤسسات العامة الخضوع لقوانين مجلس الخدمة المدنية في التوظيف تطبيقاً المادة 54 من قانون الموازنة للعام 2004 الذي تم تجاهله لغاية الان.
ويتوقع ان يترك دخول عمل لجنة المال والموازنة الرقابي الى المؤسسات العامة أثره في تجاوزات قانون منع التوظيف من قبل تلك المؤسسات تحت مسميات عدة ولهدف واحد، خدمة الطبقة السياسية.
اما في المقلب الاخر، فقد اثبت المجلس النيابي والسلطات الرقابية انهما الرابح الأكبر عبر استعادتهما فعاليتهما وهيبتهما عند وجود الارادة للقيام بدورهما بالرغم من العراقيل التي اثبت ملف التوظيف المخالف للقانون انه يمكن تخطيها، الامر الذي يجب ان يشكل حافزاً لبقية اللجان النيابية للقيام بدورها ورادعاً للمخالفين من اهل السلطة.
وعلى أبواب مؤتمر سيدر، شكلت رقابة اللجنة النيابية وقرارات ديوان المحاسبة رسالة الى المجتمع الدولي الذي لطالما اعتبر ان الإصلاح والمحاسبة امران ميؤوس منهما في لبنان بالرغم من مقاربة أخطر الملفات.
وعلم "ليبانون ديبايت"، أن دفعة ثانية من القرارات ستصدر بعد عطلة عيد الفطر ما تتجه لجنة المال والموازنة الى الطلب من مجلس الوزراء تكليف مؤسسة دولية حيادية لأجراء مسح شامل واعادة هيكلة للإدارة مترافقة مع منع التوظيف حتى الانتهاء من تلك الدراسة