مسن سويدي يمنح عائلة سورية حبّه وأملاكه!

لم يخطر على بال علي عياش، ابن مدينة السلمية في وسط سورية (40 سنة)، أن يعثر وعائلته لدى المسنّ السويدي نيلزغونار، على الحب الذي يمنحه الأب لابنه، وأن يعيشوا معًا 3 سنوات أثبتت فيها العاطفة الإنسانية المتبادلة أنها اللغة الأمثل لالتقاء وارتقاء البشر.

عمل عياش في الملاحة البحرية، فقضى سنوات حياته متنقلاً بين السفن وحقول النفط أو على منصات البترول المزروعة في البحار، وكان آخرها في تركيا، حيث انضمت إليه خطيبته رحاب من أريحا في إدلب، وتزوجا ثم سافرا بعد 10 أيام إلى السويد.
يقول عياش لـ"العربي الجديد": "شاء القدر أن تحمل زوجتي خلال إقامتنا في مخيم للّاجئين، وعانت من تقبل الطعام فيه، فاستقبلنا صديق لي من لبنان، الدكتور خليل، يقيم في السويد منذ أكثر من 30 سنة، في منزله بقرية فاسلهيتا بمقاطعة أوربرو، الذي يملكه نيلزغونار بيشون، وهو أرمل وحيد وكبير في السنّ، ليس له إخوة ولا أطفال، وكان يبلغ من العمر 96 سنة".


قبلة عفوية ومبادرات عطوفة
يتابع عياش قصته: "صادف عيد ميلاد نيلز خلال زيارتنا، وكان متأنقاً فأثار انتباه زوجتي، التي منحته قبلة عفوية على خده وطلبت مني أن أصورها معه، ويبدو أنه تأثر بمبادراتها اللطيفة وعطفنا الدائم نحوه، من الاهتمام بنظافته ومظهره ومأكله، فعرض علينا الإقامة في منزله، وأن ينتقل هو للإقامة في منزل صديقي خليل".

شرح عياش لنيلز أنه لا يستطيع تحمل أعباء المنزل وحده في الوقت الحالي، فهم لا يملكون إقامة ودخلهم محدود، عارضاً عليه الشراكة في السكن، يقول عياش: "أكدنا له أننا لن ننزعج من وجوده بل سيكون بمثابة أب لنا، فوافق على ذلك، لكنه اشترط ألا ننفق على أي شيء يخص المنزل، وهو ما حدث طيلة وجودنا معه مدة 3 سنوات، وحتى بعد حصولنا على الإقامة وزيادة دخلنا".

سميت ابني غونار

أحبت العائلة السورية المسنّ السويدي، لدرجة أنهم أطلقوا على مولودهم اسم غونار تيمناً باسمه الثاني (المركب)، ويعني "المحارب" باللغة السويدية.
يقول عياش: "سميته غونار لسببين، الأول رغبتي في تكريم نيلز الذي استقبلني في منزله كأب لي ولابني ولزوجتي، والثاني لأنه اسم محلي يمنع احتمال تعرضه للتمييز في وقت لاحق، على الرغم من أن السكان المحليين كانوا إنسانيين معنا للغاية، ويحترمون اختلافنا الثقافي معهم". ويضيف: "لم يرغب نيلز بأن نتركه حتى بعد حصولنا على الإقامة، وطلب منا مازحاً أن نترك ابننا عنده إن أردنا ذلك، فأدركنا وقتها أنه اعتاد وجودنا مثلما اعتدنا وجوده، فبقينا في منزله حتى بعد حصولنا على الإقامة، وتابعنا العناية ببعضنا نحن الثلاثة".