لا تزال عطلة عيد الأضحى ترخي بثقلها على البلاد، الاّ أن الحدث في اليومين المقبلين لن يكون من بيروت بل من واشنطن التي يزورها رئيس الحكومة سعد الحريري.
وعلى الرغم من ان الحكومة إلى واشنطن هي في الأساس خاصة، ولا جدول أعمال لها، على حدّ ما أعلن مستشاره نديم المنلا لـ”الشرق الأوسط” الاّ انه سيعقد على هامشها لقاءات مع المسؤولين الأميركيين لوضعهم بأجواء الأوضاع اللبنانية، وليسمع منهم وجهة نظرهم.
لقاءات الحريري
وفي حين يتوّج الرئيس الحريري زيارته واشنطن بلقاء وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الخميس، والذي، بحسب “النهار” يكتسب اهمية لجهة تناول الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين لبنان والولايات المتحدة وملفات الوضع اللبناني سياسيا واقتصاديا وامنيا في ظل التشديد الاميركي التصاعدي لسياسات العقوبات على “حزب الله ” فان اجتماعا آخر لا يقل اهمية سيعقده الحريري مع طاقم المسؤولين الاميركيين في وزارتي الخارجية والخزانة الاميركيتين وعلى رأسهم ديفيد شينكر الذي حل مكان ديفيد ساترفيلد كمساعد لوزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى والذي سيتابع الملفات التي تعني لبنان وأبرزها ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل في ظل ما بلغته مهمة ساترفيلد من تقدم في المرحلة الاخيرة قبل ان تتجمد وساطته بفعل نقله الى منصبه كسفير في تركيا، إضافة الى نائب الرئيس الأميركي مايك بنس.
ملفات الحريري متشعّبة
وأشار مصدر ديبلوماسي مُطلع لـ”الديار” الى إنّ الرئيس الحريري يحمل معه أربعة ملفّات أساسيّة، عمل كل من سفير لبنان في واشنطن، غبريال عيسى، ومندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة، السفيرة أمل مدللي، على تمهيد الطريق لبحثها. وأشار المصدر إلى أنّ الحريري كان حريصًا على أن تتضمّن زيارته إلى أميركا لقاءات مع أكبر عدد من المَسؤولين الأميركيّين، إن المُؤثّرين بقرار الإدارة الأميركيّة، أو المَعنيين بشؤون الشرق الأوسط والمنطقة، لبحث المطالب اللبنانيّة بشكل واضح في عاصمة القرار.
وأضاف المصدر أنّ الملفّ الأبرز الذي يحمله الحريري معه، يتمثّل في الطلب من الإدارة الأميركيّة الإستمرار في تحييد لبنان عن الصراع القائم في المنطقة، وبالتالي عن العُقوبات القاسية التي تتعرّض لها إيران، وكل المحور المُؤيّد لها، مُشيرًا إلى أنّ الحريري سيُطالب مُجدّدًا بتفهّم الخُصوصيّة اللبنانيّة، وبالتالي بتمديد ما يُمكن وصفه بفترة السماح المُعطاة للبنان، لجهة تحييده عن صراع المحاور، وكذلك بعدم فرض المزيد من العُقوبات على مسؤولي وقيادات حزب الله، لما لهذا الأمر من إنعكاسات سلبيّة على الإستقرار الداخلي وعلى مُجمل الوضع الإقتصادي في لبنان أيضًا.
ولفت المصدر الديبلوماسي نفسه إلى أنّ الملف الثاني الذي يحمله الحريري إلى واشنطن يتمثّل في مُطالبة الإدارة الأميركيّة بالإستمرار في تسليح الجيش اللبناني، وتدريب ضباطه، وفي الإستمرار في دعم مُختلف القوى الأمنيّة الرسميّة.
وأضاف أنّ الملفّ الثالث الذي لا يقلّ أهميّة على جدول مُحادثات الحريري، يتمثّل في رغبة الحُكومة اللبنانيّة بأنّ تستمرّ الإدارة الأميركيّة في لعب دور الوسيط مع إسرائيل، في ما خصّ مسألة ترسيم الحُدود البريّة والبحريّة، لتهيئة الأجواء المُناسبة للوُصول إلى النتائج الإيجابيّة المَرجوّة، على هذا الصعيد، تمهيدًا لبدء لبنان بإستخراج النفط والغاز من مياهه الإقليميّة، من دون أي مشاكل.
وأشار إلى أنّ الملف الرابع على جدول مُحادثات الحريري يتمثّل في أن تلتزم الدول المعنيّة بمؤتمر “سيدر”، بتعهّداتها المالية تجاه لبنان، وبأن لا تربط الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، المساعدات، بأي شرط سياسي، علمًا أنّ حصّة أميركا من القروض المُقرّرة للبنان كانت قد بلغت في المؤتمر المَذكور، نحو 115 مليون دولار أميركي.
الموقف الأميركي
في المقابل، لفتت أوساط أميركية، الى إن ملف “حزب الله” يتوقع أن يكون على رأس جدول مباحثات الحريري مع المسؤولين الأميركيين، في ظل الضغوط المتصاعدة والمتواصلة التي تفرضها واشنطن على قيادات الحزب وعلى شبكاته وأنشطته المالية، سواء في الولايات المتحدة أو في أميركا اللاتينية وفي لبنان أيضاً.
غير أن تلك الأوساط اعتبرت عبر “الشرق الأوسط” أن ممارسة واشنطن لضغوط مكثفة على الحريري، في هذا الملف، قد لا تكون حكيمة أو مجدية، نظراً إلى الوضع المعقد الذي تعمل فيه حكومته، واختلال ميزان القوى بين الأطراف اللبنانية لمصلحة “حزب الله”، الحاكم الفعلي للبنان، واختلال القاعدة السياسية التي يستند إليها الحريري في ظل الأزمات التي يواجهها.
في المقابل، قالت أوساط توصف بأنها “متشددة” في واشنطن، إن ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية “ضرورية لوضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم، في مواجهة الدور الذي يقوم به “حزب الله”، الذي لا يعبأ بالأكلاف التي يمكن أن يتحملها اللبنانيون جراء سياساته وتدخلاته في الأزمات الإقليمية، بعدما تحول إلى أداة رئيسية في يد إيران”، حسب تلك الأوساط.
وكانت أوساط إعلامية أميركية قد أشارت إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب، ترغب في فرض المزيد من الضغوط على المؤسسات المالية اللبنانية للتأكد من تطبيقها للشروط والعقوبات المفروضة على “حزب الله”. وحسب تلك الأوساط، سيتم التشديد أيضاً على ضرورة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على إيران، ومنعها من استغلال مؤسساته السياسية والمصرفية والتجارية للالتفاف على تلك العقوبات.
وسيحظى ملف الدعم الأميركي للجيش اللبناني باهتمام خاص، خصوصاً أن واشنطن تولي أهمية قصوى للحفاظ على أمن المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا. وتسعى الولايات المتحدة لمنع عودة ظهور تنظيم “داعش”، في الوقت الذي تعمل فيه على ضمان مشاركة القوى المحلية والإقليمية في تولي مهمة التأكد من عدم عودة التنظيم للظهور مجدداً في حال انسحابها من سوريا.
استباق المحادثات غير مجد
اما في ما يتصل بالتوجهات الاميركية حيال الوضع اللبناني والنتائج المحتملة لمحادثات الحريري في واشنطن فان مصادر معنية استغربت عبر “النهار” ما وصفته بموجة استباق هذه المحادثات اعلاميا وسياسيا من خلال توزيع تقارير وانطباعات تتشابه في التركيز على سيناريوات مسبقة وخلاصات جاهزة مفادها ان الاميركيين سييظهرون عدم رضاهم عن سياسات الحريري وكذا وكذا وكل ذلك من دون صدور اي مؤشرات عن الاميركيين انفسهم بما يفقد هذه الموجة صدقيتها ويرسم علامات استفهام واستغراب حولها.
واذ أكدت المصادر ان احدا ليس واهما بسهولة المحادثات التي سيجريها رئيس الحكومة مع المسؤولين الاميركيين لجهة النقاط الحساسة المعروفة التي تواجهها الحكومة في موضوع العقوبات او في المواضيع الاخرى فان ذلك لا يعني تسويغ استباق المحادثات واظهار رئيس الحكومة في موقع ضعيف او دفاعي خصوصا ان تحديد المواعيد للقاءات الحريري بسرعة عكس الرغبة الاميركية في محادثات مثمرة ومجدية مع رئيس الحكومة يجب ان تؤخذ بالاعتبار كعامل اساسي قبل طرح سيناريوات سلبية استباقية.
المصدر:
الديار