رسالة من عائلة الفاخوري: ليس عميلا ولم يخطئ بحقّ أيّ لبناني

توجهت عائلة العميل عامر الياس فاخوري برسالة الى اللبنانيين ووسائل الاعلام جاء فيها:

"عامر الياس الفاخوري ليس جزّاراً ولا حتى عميلاً، ولم يخطئ بحقّ أيّ لبناني إنّما انخرط للدفاع عن أبناء الجنوب ومنطقته بعد المجازر والانتهاكات الفلسطينيّة التي اجتاحتها إبان الحرب اللبنانيّة، وانتفض على الاحتلال الإسرائيلي و"جيش لبنان الجنوبي" للعودة إلى الشرعيّة ودعم استقلال لبنان وسيادة دولته على كامل أرضه عند أوّل فرصة سنحت له عام 1996. في هذه السطور، نحن أفراد عائلته، زوجته ميشلين وبناته غيلا وميسي وماندي وزويا سنروي القصّة كما عشناها معه.

دخل عامر صفوف قوّات الرائد سعد حدّاد عام 1977 بصفة لوجستيّة، وهو لم يكن قد تجاوز الـ15 عاماً، بعدما شهد على المجزرة الفظيعة التي ارتُكبت بأهالي بلدة العيشيّة يوم تمّت إبادة أكثر من 80% من أهلها وهرب من بقي على قيد الحياة إلى مرجعيون، بلدته. وعندما تكوّن "جيش لبنان الجنوبي" استمرّ معه أيضاً كلوجستي.

عندما سُلّم إدارة معتقل الخيام، كان يسهر على تأمين كل احتياجات المعتقلين، خصوصاً في فترات الأعياد، وكان ذلك على حساب قضاء وقته مع عائلته، وهو كان يردّد دائماً على مسامعنا أنّه لا يمكنه أن ينام مرتاح الضمير إذا لم يقم بذلك. وبعد التحرير لم يُقدِم أيّ معتقل في حينه على رفع دعوى بحقّه على عكس الحال مع غيره ممّن سبقوه وتبعوه.

عام 1996 كان من مؤسّسي "حركة الأصل"، منتفضاً على الاحتلال الإسرائيلي و"جيش لحد" على حدٍ سواء. وكان من الأهداف المعلنة لهذه الحركة تحقيق "السلام" و"حصر الأمن بالقوى الأمنيّة الشرعيّة" و"إجلاء الجيوش الغريبة عن لبنان" و"رفض أيّ وصاية عربيّة أو غربيّة" و"عدم التنكّر للهويّة العربيّة والهويّة الشرق أوسطيّة". إلا أنّه تمّ ضرب هذه الحركة في مهدها واقتيد كثير من مناصريها إلى سجن الخيام ذاته وجُرّد عامر من رتبته وسلاحه ومرافقيه ووُضع في الإقامة الجبريّة في منزلنا. وحلّ حينها سلام الفاخوري مكانه. ولتأكيد ما سبق نرفق بهذه الرسالة نسخة من مقالة لصحيفة "النهار" بهذا المعنى.

وعام 2000 كان متواجداً عند الحدود عندما انسحبت إسرائيل بشكل مفاجئ، فاضطر إلى الدخول إليها من دون جواز سفر في حين علقنا نحن في منزلنا وانقطعت أيّ إمكانية للاتصال بنا. وخلال تلك الفترة كان يتم التحقيق معنا مراراً وتكراراً وكنّا نُتّهم بأنّنا على اتصال معه وأننا نخبّأه... وخُرقت حرمة منزلنا بشكل مستمر على يد مجهولين.

وكان في باله أن يعود إلى لبنان، إلا أنّ ما حصل على أرض الواقع ردعه إذ من عاد ممّن يعرفهم إمّا اختفى أو قُتل في ظروف غامضة أو تعرّض للتعذيب والتوقيف غير القانوني قبل أن يحاكم. بعد معاناته في إسرائيل من التهميش وسوء المعاملة لكونه من المنتفضين على سلطتها في الشريط الحدودي على عكس غيره من المحظيين الذين مُنحوا الجنسيّة الإسرائيليّة والحماية هناك، تمكّن أخيراً من تأمين انتقاله إلى الولايات المتّحدة بواسطة "إذن عبور" (Laisser-passer) لعدم حيازته على جواز سفر. وبعد فترة تمكّنا من مغادرة لبنان لنجتمع به. وهناك سعى للحصول على "اللجوء السياسي" من دون أيّ جدوى إلى أن نال الجنسيّة الأميركيّة عبر ابنته المولودة في أميركا، وهو لم يحصل من إسرائيل إلا على التمييز وسوء المعاملة.

ولنؤكّد أنّه لم يتصرّف يوماً إلا انطلاقاً من وطنيّته وثقته بالدولة اللبنانيّة الشرعيّة، فهو بالإضافة إلى انتفاضته أثناء الاحتلال، لم يقبل بتبديل اسمه عندما نال جواز سفره الأميركي مع أنّه كان يحقّ له ذلك. ونظراً لدوره الناشط في أميركا، كان يدعى من قبل السفارة اللبنانيّة ومن الشخصيّات اللبنانيّة الزائرة إلى كلّ الفعاليّات التي تحصل، وكان يتبرّع في أعياد الاستقلال وزيارات رجال الدين والوزراء والنوّاب والمرجعيّات اللبنانيّة والتي كانت جميعها تعلم من هو. وقد ساهم بقوّة في دعم الجيش اللبناني وتأمين المستلزمات التي يريدها. وهو حتى سمّى مطعمه في ولاية نيوهامشاير "لبنان الصغير" (Little Lebanon). وحتى اليوم، خلال توقيفه عيّن محامية أميركيّة من أصل لبناني على عكس كل المتداول.

وهو عاد إلى لبنان لكونه على ثقة كاملة بأنّه لم يقترف ذنباً بحقّ اللبنانيّين. وما توقيفه وظروفه إلا عمليّة استغلال سياسي وخلط مريب بين ما قام به هو مع ما قام به غيره، وسيكون لمحاميته، في الأيّام المقبلة، كلام يوضح كل هذه الأمور.

في المحصّلة، نؤكّد أن عامر الياس الفاخوري لم يتعامل مع إسرائيل إنّما دخل في "جيش لبنان الجنوبي"، على غرار الآلاف غيره، للدفاع عن أهله في الجنوب في ظلّ الهجمات والانتهاكات التي كانت سائدة هناك؛ وتبدّل الوضع، بقوّة الأمر الواقع، بعد الاجتياح الإسرائيلي وتقرُّب "جيش لبنان الجنوبي" من المحتل. وهو عندما أتته الفرصة انتفض على هذا الواقع في صفوف "حركة الأصل" ودفع ثمن ذلك وقتها ومن ثمّ عند تحرير الجنوب وما زال يدفع الأثمان حتى اليوم بعد عودته إلى بلده الذي يحب".