ان تكون عطلة نهاية الاسبوع هادئة ومريحة لللبنانيين، على وقع غليان في الشارع مع حديث عن دعوات لتظاهرات وتظاهرات مضادة غداً في وسط بيروت، على وقع التلويح المتجدد بالاضراب عن تسليم المحروقات.
كل هذه الأحداث تأتي في وقت يستعد فيه رئيس الحكومة سعد الحريري الى مغادرة بيروت غداً في زيارة رسمية لدولة الإمارات تستمر يومين يلتقي خلالها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويشارك في مؤتمر الاستثمار الاماراتي – اللبناني، الذي يعقد الاثنين المقبل. ويرأس الحريري وفداً لبنانياً يضم الوزراء محمد شقير، يوسف فنيانوس، عادل أفيوني، ريا الحسن، وائل أبو فاعور ومنصور بطيش إلى جانب حاكم مصرف لبنان و50 شخصية مصرفية واقتصادية للمشاركة، فيما كان لافتاً ما أعلنه وزير الإتصالات عن أن “الإمارات ستتحمل كامل مصاريف الوفد اللبناني على نفقتها”.
البحث في الموازنة مستمر
وفي خضم كل ما يجري من المرتقب أن يشكل الأسبوع المقبل محطة مفصلية تغلّب توجهاً على آخر في ظل جلسات مكثفة متوقعة في السراي الحكومي، واجتماعات محورية سواء بالنسبة لدرس الموازنة في مجلس الوزراء أو لاستكمال النقاش في لجنة الإصلاحات.
الاّ أن عدم تحديد موعد جديد للجنة الإصلاحات يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول المسار الذي ستسلكه هذه اللجنة، الاّ أنه وعلى الرغم من نفي الرئيس الحريري، ان يكون قد تمّ تعليق العمل في مشروع قانون الموازنة للعام 2020، بانتظار الاتفاق على الإصلاحات اللازمة، فإن أي موعد لم يتحدد وكذلك الأمر بالنسبة لجلسة مجلس الوزراء، وهذا يعني ان استئناف جلسات مجلس الوزراء بالتوازي مع لجنة الإصلاحات لن يتقرر قبل الأسبوع المقبل.
ورقة “حزب الله”
وفي انتظار استئناف مجلس الوزراء، ولجنة الإصلاحات اجتماعاتهما، كشفت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان “حزب الله” يعتزم تقديم ورقة إصلاحية إلى مجلس الوزراء، يضمنها تصوره لمكافحة الفساد والهدر، والذي يقوم، بحسب المصادر، على ما وصف “بالنموذج السوري”.
وكشفت المصادر ان وفداً من الحزب سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوضعه في صورة الورقة الإصلاحية.
وفي تقدير المصادر نفسها ان ورقة “حزب الله” قد تكون مختلفة بالشكل والمضمون عن الأوراق الإصلاحية المقدمة من الأطراف السياسية المنضوية في الحكومة، ولا سيما “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” والحزب “التقدمي الاشتراكي” وتيار “المستقبل”، على اعتبار ان هذه الأوراق متشابهة ومتقاربة بنسبة 80 في المائة، بحسب تعبير أحد الوزراء الذي يشاركون في اجتماعات لجنة الإصلاحات. فيما المطلوب واحد: وقف الهدر ومكافحة الفساد، وهو ما تركز عليه ورقة “حزب الله”، انطلاقاً من ان وقف الهدر ومكافحة الفساد ما زالت تحول دون تحقيقهما أسباب عدّة، منها ما يتعلق بطبيعة القوى السياسية الممسكة بالبلد والتي من الصعب ان تكافح هدراً تسببت به أو فساداً راكمته بالممارسة طيلة سنوات طويلة من الحماية السياسية.
أزمة محروقات
وسط هذه الأجواء، عادت نغمة أزمة المحروقات وإضراب القطاعات الى الواجهة، إذ حذّرت نقابة أصحاب المحطات وموزعي المحروقات من الإضراب المفتوح بعد غد الاثنين، ما لم يطرأ تطوّر إيجابي على المفاوضات الجارية التي دخلت مرحلة صعبة من عض الأصابع..
وكانت الاتصالات تواصلت منذ الصباح بين نقابات المستوردين والتجار والمعنيين لحل الإشكالات المتعلقة بالأسعار التي تعترض تنفيذ الآلية التي اتفق عليها مع حاكم مصرف لبنان.
ولكن هذه الاتصالات، اصطدمت، بحسب “اللواء” أولاً بإصرار المستوردين على تقاضي ثمن المخزون النفطي بالدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار فوارق الأسعار المستجدة، إضافة إلى الكميات المطلوب استيرادها.. وهذا ما رفضه الحاكم..
العقدة الثانية: طلب المستوردون قيمة الدولارات للاستيراد من جديد بالعملة اللبنانية فور وصول المستوردات والمباشرة ببيعها..
وضمن الآلية، يُصرّ الحاكم على تسديد المبالغ المترتبة بالعملة اللبنانية، بعد تحويل الدولارات من مصرف لبنان..
وهؤلاء يرفضون نظراً لوضع الأموال بالمصارف بالعملة اللبنانية..
وثمة نقطة ثالثة، يطالب المستوردون بتحويلات تشمل الكميات المستوردة، حتى يستمر هامش التهريب قائماً..
وفي السياق، لوّح اتحاد نقابات المخابز والأفران بالتوقف عن العمل، في ضوء مناقشات الجمعية العمومية، وفي الأجواء المشابهة لما يحصل على جبهة الدولار والاسعار بين نقابات المحروقات والمصاريف وحاكم مصرف لبنان..
ولاحظت مصادر اقتصادية ومالية عليمة، ان مشكلة الاستيراد بالدولار تواجه أيضاً كبار تجار المواد الغذائية والاستهلاكية اليومية مثل السكر والارز، عدا تجار الادوات الكهربائية وقطع غيار السيّارات وسواها من مواد مستوردة تهم المواطن في حياته اليومية، وبالتالي يجب إيجاد حل لهؤلاء التجار أيضاً حتى لا تصبح اسواقهم عُرضة للفوضى في التسعير والبيع، علماً ان مسألة التسعير بالدولار باتت مسألة مطروحة للتلاعب بين السعر الرسمي أو السعر الموازي.
واوضحت المصادر ان تسعير الدولار في المصارف لا زال على حاله الرسمي لكن مع شح في العملة بحيث لا تتم تلبية كل طلبات المودعين، بينما سوق الدولار الموازي عند الصرافين لا زال يشهد حالة من الاضطراب نتيجة استمرار الطلب على العملة الاميركية لأسباب عدة، منها ما هو ناتج عن هلع المواطنين فتهافتوا على شراء الدولار لتخزينه، ومنها ما له علاقة بتخفيض المصرف المركزي للكوتا المخصصة لكل مصرف بالدولار، فبات الصرافون هم الملجأ الثاني، ومنهم من بات يحتكر العملة ويبيعها بسعر اعلى من السعر الرسمي بحجة خضوع سوق الدولار للعرض والطلب مثله مثل اي سلعة.
وفي تقدير مصادر مصرفية، ان مواجهة هذه الاضطرابات ليست من مسؤولية البنك المركزي الذي اتخذ إجراءات استثنائية بما يفوق الممكن وخارج الإطار العادي الذي يعتمده عادة لحماية للاستقرار الاجتماعي، وشددت على ان مصرف لبنان مسؤول عن الموضوع النقدي اما الأمور الاقتصادية، فلا تدخل ضمن صلاحياته. فهناك حكومة موجودة فلتبادر إلى معالجتها، في حين ان البنك المركزي مسؤول عن السوق النقدية حفاظاً على أموال النّاس.
وكشفت المصادر ان تلويح قطاع المحروقات بالإضراب يوم الاثنين المقبل، مرتبط بمشكلة مخزون المحروقات الموجود في السوق قبل صدور تعميم مصرف لبنان، مشيرة إلى ان اللجوء إلى المصرف المركزي لتغطية الفارق أمر مُعيب، ويجب ان يعالج بين مستوردي النفط وأصحاب المحطات، بدلا من ممارسة الضغط على المركزي.
المصدر:
لبنان 24