بين طوابير الناس وأطماع الشركات المستوردة: إذلال المواطنين بتقنين الغاز !!

نشر "موقع المدن": 

لا تختلف ممارسات الشركات المستوردة عن فساد السياسيين واحتيال المصارف، فجميعهم ينهش لقمة المواطن اللبناني، ويبتكر الأساليب والحيل ليراكم أرباحه على حساب الفقراء ومتوسطي الحال.
ولم تكد تهدأ أزمة البنزين والمازوت، وإن كانت لم تُحل بشكل نهائي، حتى أطلت أزمة الغاز بتوقيت يُعد الأكثر خطراً على المواطنين، والأكثر خبثاً على الإطلاق.. إذ أن شهري كانون الثاني وشباط ترتفع خلالهما حاجة المستهلكين للغاز إلى حدودها القصوى، بفعل الطقس البارد. ويًضاف إلى ذلك ارتفاع ساعات التقنين الكهربائي وتعويضه بالتدفئة على الغاز.


"طمع" الشركات المستوردة
ولأن الجشع بات سمة المستوردين والتجار، رفضت الشركات المستوردة للغاز الالتزام بتعميم مصرف لبنان رقم 530 الذي يفرض عليها تأمين 15 في المئة من الاعتمادات بالدولار، مقابل 85 في المئة يوفرها مصرف لبنان، فعمدت إلى حجب نسبة تقارب 40 في المئة من كميات الغاز المستورد عن السوق، بهدف المحافظة على أرباحها وتقاسم الأعباء مع الوكلاء، بإلزامهم التخلي عن جزء من أرباحم بطريقة قسرية. ما دفع بعدد كبير من الوكلاء والموزعين إلى التهرّب بدورهم من تكبّد الأعباء. فزادوا سعر قارورة الغاز على المواطنين بنسب متفاوتة وتراوح سعرها بين 18 ألف ليرة و21 ألف ليرة (زنة 10.5 كلغ)، في حين أن سعرها الرسمي يبلغ 14600 ليرة فقط.


طوابير "الغاز"
يتهافت المواطنون منذ أيام على شراء الغاز، خوفاً من انقطاعه، نظراً لحاجتهم الماسة لهذه المادة الحيوية، التي تُستخدم بكثافة لدرء البرد القارس. فامتدّت طوابير المواطنين على أبواب شركات الغاز في كافة المناطق. وعلى الرغم من تطمينات رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز في لبنان، فريد زينون، في حديث إلى "المدن"، أن لا أزمة غاز. ولن يتم فقدان المادة من الأسواق، غير أن الواقع يشير إلى أزمة مرتقبة تتشابه إلى حد كبير مع أزمة البنزين، تقوم على تعنّت الشركات المستوردة ورفضها تحمّل نسبة الـ15 في المئة من قيمة البضائع بالدولار.
والواقع أن الشركات المستوردة للغاز، وهي خمس شركات، تبيع الغاز للوكلاء بالليرة اللبنانية، وللمحطات 15 في المئة من قيمة البضائع بالدولار والباقي بالليرة، وفق حديث مدير شركة صيداكو للغاز، جمال عون، لـ"المدن". وتسلّم الوكلاء 22 في المئة من حصتهم من الغاز بسعر المفرق و78 بسعر الجملة. بمعنى أن 22 في المئة من الحصة الإجمالية لا يتقاضى الوكلاء عليها أي ربح، وتبلغ قيمة الربح عن كل قارورة غاز (زنة 10.5 كلغ) 1750 ليرة للوكيل و500 ليرة لمحلات البيع.
من هنا يعمد الوكلاء، وفق مصدر مطلع في قطاع الغاز، إلى رفع السعر على المستهلكين لتعويض ما تسلبه الشركات المستوردة من أرباح عن 22 في المئة من بضائعهم، لذلك نلحظ زيادة في سعر الغاز في المحلات التجارية تتراوح بين 3000 ليرة و5000 ليرة أحياناً (ليصبح سعر القارورة بين 18000 و21000 ليرة)، وسط غياب تام لمصلحة حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد ووزارة الطاقة.


تقنين الغاز
أما عن تقنين الشركات المستوردة كميات الغاز في السوق، فيعود وفق المصدر إلى محاولتها خفض المعروض، في ظل ارتفاع الطلب خلال شهري كانون الثاني وشباط. وذلك لضمان تهافت الوكلاء والمحطات والزبائن على السواء للحصول على الغاز، من دون الإعتراض على ممارسات الشركات تجاه القطاع، ورفضها تحمل مسؤولية تأمين 15 في المئة من قيمة البضائع بالدولار.
وإذ يرفض رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز في لبنان، فريد زينون، في حديثه إلى "المدن"، وجود أزمة غاز في السوق "إذ أن تهافت الناس وقلقهم هو ما أحدث بلبلة"، يؤكد أن الشركات تعمل على تسليم الغاز بشكل طبيعي، لاسيما بعد أن تحسن الطقس وتم إدخال حمولات البواخر: "الشركات تبيع بين 80 إلى 90 طن من الغاز يومياً. والطلب على الغاز عادة يكون مرتفع جداً في هذا الشهر". ويلفت إلى أن حاجة السوق للغاز ارتفعت في السنوات الأخيرة من 154 ألف طن سنوياً إلى نحو 200 ألف طن سنوياً.
ورغم تطمين زينون لعدم وجود أزمة غاز في البلد، يؤكد وجود مشكلة مع الشركات المستوردة التي توقفت عن تحمّل نسبة الـ 15 في المئة ابتداء من يوم الثلاثاء الفائت، وباتت تسلّم الموزع 78 في المئة من الغاز بالسعر الرسمي، والباقي أي 22 في المئة بالسعر المفرق. ونظراً لترقّب النقابة توصل وزارتي الطاقة والاقتصاد إلى حل قريب في القطاع، فإنما ذلك يؤكد وقوع أزمة، فيما لم يتوصل المعنيون إلى حلول ترضي كافة الأطراف. ويقول زينون "سنستنفذ كافة الحلول ونتريّث في اتخاذ أي إجراء يحرم الناس من الغاز".