القضاء اللبناني ينتصر لعذابات أسرى الخيام

قرابة الخمسة أشهر مضت على توقيف آمر معتقل الخيام والمعروف بـ"جزار الخيام" عامر الياس الفاخوري في لبنان، بعد محاولة تسلّله بجواز سفره الأميركي. اليوم، وعلى عكس ما توقع الفاخوري، جرت رياح القضاء العسكري اللبناني بما لم تشتهِ سفنه، وباءت كل محاولاته -ومن خلفه الإدارة الأميركية- لتهريبه من العدالة بالفشل.

بعد كثير من المماطلة والتسويف من قبل وكلاء الفاخوري، وما انسحب عليها من محاولات متكرّرة للتهرب من حضور جلسات التحقيق أكان في المحكمة العسكرية في بيروت بذريعة وضعه الصحي أم في قصر عدل النبطية بذريعة وضعه الأمني، تحقق ما كان ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر، وما توقعه وكيل الأسرى المحررين المحامي حسن بزي في حديث سابق لموقع "العهد" الإخباري بات حقيقة، إذ خطا القضاء اللبناني اليوم خطوة بارزة باتجاه الانتصار لكل عذابات أسرى معتقل الخيام، الشهداء منهم والمحررين، وأثبت جدارته في حمل قضية رأي عام تهمّ الوطن بأكمله، ضدّ جزار ارتبط اسمه بالتفنّن بتعذيب الأسرى حتى تفوّق بذلك على أسياده في جيش العدو الإسرائيلي، وتلطخت يداه بدماء الكثير من الأسرى، وهو الذي لا يزال يحتفظ بسر اختفاء الأسير علي عبد الله حمزة حتى اليوم.

يُسجل للقضاء العسكري اليوم ثباته مقابل الضغوط الأميركية السياسية والقضائية لإخراج الفاخوري من "ورطته"، والتي تجلت على المستوى السياسي بالدفاع الأميركي المستميت عنه عبر كلام صريح وواضح لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وبعض أعضاء "الكونغرس"، وصولًا إلى طلب خاصّ حمله المبعوث الأميركي إلى لبنان ديفيد هيل عندما زار بيروت مؤخرًا لإصدار عفو عنه.

وكلاء الفاخوري حاولوا "نبش" الثغرات في قانون العقوبات اللبناني وتوظيفها لإيجاد "تخريجة" لقضيته، وعملوا على "تدليله" عبر الضغط لنقله من السجن إلى مستشفى "أوتيل ديو"، فيما تخلّف عن حضور جلسات التحقيق المتتالية، حتى نُقلت الدعاوى المقدمة ضده أمام قاضي التحقيق في النبطية إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت، وصولاً إلى حد تقدم العميل بمراجعة بهدف كف يد القاضية نجاة أبو شقرا عن متابعة ملفه، واستبدالها بقاضٍ آخر، لكن هذا الطلب الأخير سرعان ما قوبل برفض من محكمة التمييز الجزائية​- الغرفة السادسة برئاسة القاضي جوزف سماحة.

وبالتوازي، أثمرت جهود وكلاء الأسرى المحررين من معتقل الخيام على مدى الأشهر الماضية قرارًا ظنيًا مباشرًا بحقّ العميل الاسرائيلي. هؤلاء لم يكلّوا ولم يألوا جهدا لسدّ كل الثغرات القانونية التي تسمح بإخراج الفاخوري. المحاميان معن الأسعد وحسن بزي، ومعهما رئيس الجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين أحمد طالب وخلفهم آلاف الأسرى، لم يُعدموا وسيلة من أجل ذلك، كانوا مع كل موعد لجلسة تحقيق مع الفاخوري في بيروت والنبطية يعتصمون، يستنهضون اللبنانيين ضد ملف العمالة والعملاء، وحين لاح احتمال إطلاق سراح الفاخوري استنادا لقانون مرور الزمن العشري على جرائمه، سارعوا لرفع دعاوى جديدة ضده لا تسقط بفعل الزمن، من قبيل مسؤوليته عن اختفاء الأسير حمزة، الذي لا يزال مصيره مجهولا حتى اليوم، الامر الذي سمح بتمديد فترة اعتقاله.

مضمون القرار الظني

اليوم أصدرت قاضية التحقيق العسكري في بيروت نجاة أبو شقرا قرارها الاتهامي بحق العميل الفاخوري، استنادا إلى المادتين 273 و278 من قانون العقوبات المتعلقتين بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي، والمادة 285 المتعلقة بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة وعقد صفقات تجارية مع العدو، والمادة 549 المرتبطة بتهمة القتل العمد، واتهمته بارتكاب جرائم القتل ومحاولة قتل معتقلين داخل سجن الخيام وخطف وتعذيب آخرين، والتي تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، فيما منعت عنه المحاكمة بتهمة التجند في جيش الاحتلال الإسرائيلي والتعامل معه لشمول هذه الجرائم بقانون مرور الزمن، وأحالت الملف على المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمته، بانتظار أن يستكمل القضاء اللبناني مساره في هذه القضية حتى إدانة الفاخوري بجرائمه، وصولا إلى الإعدام، ليكون عبرة، وحتى لا تكون العمالة وجهة نظر.

المصدر: العهد