قد يولد الحب من اهتمام صغير… من لمسة دفء غمرتنا بها عيون ساحرة، أو ربما من رقة أنغام طيبت مكسور خاطرنا…. ينمو وينمو في حنايا الروح، حتى تصبح الدنيا بما فيها هي بضعة من مشاعر حب نعيش نحن فيها لا هي تعيش فينا، وكلما مر الزمن عليها، تتدفق أنهار عشقنا تصدح بآيات الوئام…. ثم فجأة، تعكر صفو نبع المحبة يد القدر المشؤوم…
فتعيث في نقاوته حزناً وسواداً بخنجر دامٍ تستله من جعبة “الفجأة” لتحيل أحلاماً من “نعيش معاً الى الأبد” الى نهر دافق من دماء لا تنضب…. وهكذا شاءت المشيئة الالهية ان يغادر الشاب “ايلي” الدنيا، بعيداً عن زوجته التي شغفها حباً وعن طفله الرضيع “بيار” (10 اشهر) قبل أن يودعهما حتى…..
“ظننتُ أن سنواتنا الثلاثة عشرة الأولى معاً ستكون الأفضل، ولكني أخطأت… حياتنا بدأت لحظة “قبلت” أن أكون زوجتك الى الأبد”، بهذه الكلمات عايدت “جويل” زوجها الشاب ايلي مطر في ذكرى زواجهما الأولى في آب الماضي…. تمنت لهما حياة ملؤها الحب والفرح والسعادة مع الرجل الذي “أكمل” روعة حياتها… ولكنها ما كانت لتدري أنه العيد الأول والأخير لسعادتهما….
فالمهندس ايلي مطر (من غزير-قضاء كسروان) والمهندسة جويل كرم تعارفا وتحابا ليطلقا معا مشروعهما الهندسي سوياً…. وبعد بضع سنوات، تكللت قصة حبهما بالزواج في آب 2018…. سرعان ما رزقهما الله بالطفل بيار في ايار 2019، لتكتمل آية سعادتهما بقدومه…. زينت الفرحة وجهيهما، وكانا مثالاً يحتذى بين عائلتيهما وزملائهما…. فكان “ايلي” خير زوج وشريك، خير صديق وداعم، ونعم الزوج والأب….
كان كل شيء يسير على ما يتمنى كل زوجين، حتى حانت تلك الساعة اللعينة…. حادث سير مروع تعرض له “ايلي” على طريق جعيتا…. ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالصلاة والدعاء على نية شفائه…. وحتى اللحظات الأخيرة، آمنت “جويل” أن زوجها “ايلي” سيقاوم نزيفاً دماغياً حاداً في رأسه، وانه سيعود سنداً لها ولطفلهما الصغير…. نبض الحب في “ايلي” وصبر جسده كثيراً على آلامه ولكن… بعد اسابيع مريرة، خارت قواه، وأسلم الروح لترتقي للملكوت الأعلى….
صاعقاً كان خبر وفاة الشاب الخلوق والمحبوب…. ولكن لعل عزاء عائلته أن الطيبين دائماً ما يرحلون باكراُ عن دنيانا، ليكون “ايلي” من عليائه ملاكاً حارساً لزوجته ولطفله الرضيع الذي خسر سنده الأوحد في الحياة قبل أن يختزن له ما يستحقه من ذكريات…..
عبير محفوظ- ياصور