“رزق الله لمن كان يضربنا الجوع.. كنا نضربو بسنيكرز، هلق بأونيكا بطل فينا نضربو” …. في زمن الغلاء : هذا ما يمكن شراؤه بـ 250 ليرة فقط

“رزق الله لمن كان يضربنا الجوع.. كنا نضربو بسنيكرز، هلق بأونيكا بطل فينا نضربو”. هي “نكتة” مضحكة مبكية، أطلقها رواد مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي وصلنا إليه. فحتى لوح شوكولا “أونيكا”، وسائر منتوجات شركة “غندور” اللبنانية التي لطالما اشتهرت بأسعارها المراعية للأوضاع الاقتصادية، قد ارتفع سعرها بنسبة 100%، وما كان بقيمة 250 ليرة أصبح اليوم بـ500 ليرة لبنانية.

الغلاء ليس محصورًا بشركة “غندور” الوطنية، وإنما انسحب على معظم المنتجات المستوردة من تركيا والسعودية وسوريا وغيرها من الدول، والتي كانت الحبة منها قبل الأزمة بقيمة 250 ليرة، واليوم ارتفعت.

ليس هذا وحسب، فحتى عصير الـ”توب جوس” أو المعروف بـ”بونجيس الهرم”، والذي كاد يكون جزءًا من “التراث”، لم يسلم من الغلاء. “البونجيسة” التي طالما ارتبط اسمها بذكريات الطفولة، والتي عاصرتها أجيال عديدة، كانت حتى الأمس القريب بقيمة 250 ليرة، أما اليوم فيحار صاحب دكان ما يقول لطفل يحمل بيده 250 ليرة ويطلب شراءها، فهل يؤسس هذا الواقع في القادم من الأيام لوقف التداول بالـ250 ليرة؟ وماذا تقول شركة “غندور” لموقع “العهد” الإخباري عن سبب ارتفاع أسعار منتجاتها المصنعة محليا؟

استغرق الأمر بعض الوقت لإجراء جولة على عدد من الاستهلاكيات في المناطق لرصد ما تبقى لديها من منتجات بسعر الـ250 ليرة. النتيجة تفاوتت بين دكان صغير وسوبرماركت ضخم، فكلما كان رأس مال المؤسسة أكبر كلما استطاعت الحفاظ أكثر على أسعار منتجاتها. في الدكاكين المرصودة، لم يتعدّ عدد المنتجات بقيمة 250 ليرة أصابع اليد الواحد. وفي حديث لموقع “العهد” يلفت صاحب دكان في إحدى المناطق إلى أن “السعر الذي ترونه اليوم لمنتجات بقيمة 250 ليرة لن تروه غدا، البضاعة الجديدة نفسها ستكون بقيمة 500 ليرة، نحن كأصحاب محال للسمانة محكومون بما يضعه التجار من أسعار للمنتجات، وقريبا جدا قد تختفي العملة المعدنية من فئة الـ250 ليرة تماما من التداول”، وفق ترجيحه.

صاحب دكان آخر يضحك لدى سؤال موقع “العهد” إياه عن المنتجات بقيمة 250 ليرة ويقول: “لم يعد هناك شيء يذكر بهذا السعر، أكثر من 98% من المشتريات ارتفع سعرها بنسبة 100%”، وما ترونه في دكاني بسعر الـ250 ليرة هو لكونه من البضاعة المخزنة في المستودع، أما البضاعة الجديدة من الصنف نفسه فمنذ الغد سيكون سعرها مختلفا”.

وعن سعر “التوب جوس” يقول صاحب الدكان بحسرة: “ماذا تراني أقول لطفل يحمل بيده 250 ليرة ويهم بشراء “التوب جوس”، هذا الحال لا يطاق وعلى الدولة فعل شيء حياله”.

صاحب سوبرماركت يعرض بضاعته دون أسعار، ولدى سؤالنا عن السبب، يشير إلى التغير اليومي لأسعار السلع وفق “بورصة” سعر الصرف”، ثم يستفيض بالحديث عن فداحة خسارته. وفق قوله “لا علاقة لأصحاب المتاجر الصغار بارتفاع الأسعار، هي لا تعود علينا نحن أيضا بالنفع بل تضرنا، ويضيف: رأس مالي يتآكل، المردود المالي الذي حصلت عليه بالأمس من بيع بعض المنتجات ما عاد يكفيني لشراء الكمية نفسها اليوم، وكله بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة. وحتى السلع والمشتريات التي لا تزال تباع لديه بـ250 ليرة، يؤكد أنها غدا مع انتهاء الكميات المخزنة وشراء بضاعة جديدة سيرتفع سعرها لا محالة. أما ما يباع لديه بـ 250 ليرة فهو تركي الصنع، وبعض المشتريات المحلية، لكن سعر “أونيكا” و”التوب جوس” قد ارتفع لديه هو الآخر.

وفي إحدى السوبرماركات المتوسطة الحجم، رصدنا ما يفوق الـ 30 سلعة من المشتريات بقيمة 250 ليرة.الرقم كان مفاجئا لكون هذه العملة على شفير الاختفاء بحسب ما رصدناه في مختلف الدكاكين والاستهلاكيات. مسؤولة في قسم المشتريات في السوبرماركت سردت لموقعنا تفاصيل نقاش دار بينها وبين مندوب شركة غندور الوطنية، استنكرت خلاله ارتفاع أسعار شركة غندور، في حين لا تزال منتجات شركات تركية وسورية وسعودية وغيرها بقيمة 350 ليرة، وهي وفق قولها من أجود المنتجات المستوردة. تستغرب الموظفة كون سعرها قد بقي حتى اليوم على حاله رغم كونها مستوردة، ورغم أزمة سعر الصرف، وتسأل:” ألا يجدر بشركة وطنية عريقة مثل شركة غندور أن تستشعر حال المواطنين ووضعهم الاقتصادي الصعب وتبقي على أسعارها القديمة كما عهدناها لسنوات”؟!

ما طرحته المسؤولة عن قسم المشتريات في السوبرماركت توجهنا به إلى شركة غندور. القيمون عليها أكدوا لموقعنا أنهم في صدد الإعلان يوم غد الثلاثاء عبر صفحة الشركة على موقع فايسبوك وعبر بيان وفيديو توضيحي عن خلفيات وأسباب رفع الأسعار. لكن رغم ذلك، يشدد المتحدث باسمها على “تصويب” النظرة الخاطئة لدى بعض الرأي العام حول الشركة، ويقول:” صحيح أن الشركة وطنية تصنع منتوجاتها محليا، لكن كل ما يدخل في التصنيع من مواد أولية هي مستوردة وبالعملة الصعبة أي بالدولار، من الضرورة أن يتم توضيح هذه النقطة لكل من يلتبس عليه الأمر، وقد حاولنا في الشركة حتى الأمس القريب الحفاظ على أسعار منتجاتنا وهو موثق ويعرفه كل التجار المتعاملين معنا لكن أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار لم يترك لنا فرصة للمزيد من الصمود خاصة أن مصير 600 أسرة على المحك، هي تعتاش من عمل أفرادها في الشركة وقد تخسر مصدر رزقها الوحيد ومدخول أربابها، وإزاء هذا الواقع فضلنا رفع الأسعار بدلا من الإغلاق والخسارة”.

وفي ما يلي لائحة بأسماء مشتريات لم يرتفع سعرها عن الـ250 ليرة حتى اليوم في مختلف المناطق اللبنانية، علما أنه مرجح في الغد للارتفاع بحسب ما أعلن أصحاب السوبرماركات، وهي على الشكل التالي:

-بودرة “ماجي” للدجاج وهي من تصنيع شركة نستله في الإمارات