دولار السوق السوداء: لاعب أساسي في تشكيل الحكومة؟! إليكم التفاصيل

منذ "دخول" السوق السوداء على خط أسعار صرف ​الدولار​ في ​لبنان​، تُطرح الكثير من الأسئلة حولها: بين من يعتبر أن السعر المتداول فيها حقيقي، ومن يرى أنها عبارة عن "مَصْيَدة" يدفع المواطنون ثمن التقلبات التي تحصل فيها، بطريقة مدروسة ومبرمجة، لكن على ما يبدو تلعب اليوم دوراً أساسياً في عملية ​تشكيل الحكومة​ العتيدة.

بعد تسمية رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، هبط سعر صرف الدولار في هذه السوق ما يقارب 2000 ليرة (من نحو 8500 ليرة إلى نحو 6500 ليرة)، في ظل المعلومات التي انتشرت عن أجواء إيجابية ترافق عملية التأليف، أما في اليومين الماضيين، أدّت المعلومات عن خلافات في وجهات النظر بين المعنيين في التأليف إلى رفع سعر الصرف في السوق السوداء ما يقارب 1000 ليرة (7450-7550 يوم الاثنين و7100-7050 يوم أمس الثلاثاء).

من الناحيتين العلميّة والإقتصاديّة، لم يحصل أيّ تطور، لا سيّما بعد تسمية الحريري، لإنخفاض سعر صرف الدولار، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة"، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى الحديث عن إنخفاض سياسي مدبّر هدفه التسويق لعودة رئيس "المستقبل" إلى ​رئاسة الحكومة​، على أساس أنه الشخصية الإنقاذيّة القادرة على الحد من ​الأزمة​ لمجرد تكليفه أو طرح اسمه لرئاسة الحكومة.

والأمر نفسه ينطبق على الإرتفاع الذي حصل بعد الحديث عن العرقلة، حيث تشير المصادر نفسها إلى أن هناك، على ما يبدو، من أراد أن يرسل إشارة بأن أي معارضة لإقتراحات رئيس الحكومة المكلّف ستقود إلى إرتفاع سعر صرف الدولار، وبالتالي الضغط، بطريقة أو بأخرى، على الأفرقاء الآخرين المعنيين بالتشكيل لتقديم التنازلات، الأمر الذي ترجم بإنخفاض السعر بعد اللقاء الذي حصل بين الحريري و​رئيس الجمهورية​ مساء الاثنين.
وتجدّد هذه المصادر التأكيد على أنّ الأسعار التي يتمّ التداول بها في هذه السوق مُصطنعة، إلى حد بعيد، ولا تستند إلى أيّ مؤشرات إقتصاديّة أو ماليّة، بل هي مجرد أسعار تنتشر عبر تطبيقات يتأثر بها المواطنون سلباً أو إيجاباً، وتلفت إلى أن المعلومات المتوفرة عن هذه التطبيقات تفيد بأنها تدار من خارج لبنان، ولا يمكن أن تكون من صنيعة أشخاص عاديين فقط، وتعتبر أنّ قيمة الدولار الحقيقيّة لا يجب أن تتجاوز 5000 ليرة، بينما أيّ زيادة توضع في إطار اللعبة المستمرّة منذ أشهر، والتي تستغل العامل النفسي لدى اللبنانيين.

من جانبه، يؤكد الخبير الإقتصادي زياد ناصر الدين، في حديث لـ"النشرة"، أنه من الناحية التقنية ليس هناك من أسباب لإنخفاض أو إرتفاع الدولار في الوقت الراهن، نظراً إلى أن الأمر متشعّب وله ارتباطات، منها إدخال العملات الصعبة إلى البلاد وتحرير ​أموال المودعين​ في ​المصارف​ والعرض والطلب، وبالتالي ما يحصل في هذه المرحلة يعود للأوضاع السياسية، حيث تُستَخدم هذه الورقة من قبل البعض، وهي كانت استُخدمت في مرحلة التكليف ولا تزال كذلك في مرحلة التأليف، ومن الممكن أن تبقى عامل ضغطٍ للإسراع في تشكيل الحكومة، إلا أنه يعتبر أن الحكم على إمكانية إنخفاض سعر صرف الدولار يحتاج إلى بعض الأسابيع المقبلة، ويلفت إلى أنّ شخصية رئيس الحكومة المكلّف مقبولة من المجتمعين الدولي والعربي، لكنه يسأل عما إذا كانت لا تزال تمتلك التأثير نفسه الذي كان في الماضي؟.

في المحصّلة، لا جديد من الناحيتين الإقتصادية لتبرير إنخفاض أو إرتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وما يحصل يعيد إلى الأذهان الإنخفاض الذي كان يحصل، في بعض الأوقات، لدفع المواطنين لبيع ما بحوزتهم من أموال، خوفاً من إنخفاض السعر أكثر، ليصار بعدها إلى إعادة رفع السعر من جديد، من قبل الجهات نفسها التي عمدت إلى تخفيضه.