تُعد أكبر عملية تُجرى في البطن لكونها تشمل استئصال رأس البنكرياس وترميم المنطقة المحيطة به.. عملية جراحية دقيقة تُجرى «للمرة الأولى خارج أميركا وأوروبا» في المستشفى العسكري اللبناني!

قد لا نُفاجأ عندما نسمع عن نجاح عمليات جراحية دقيقة وفريدة من نوعها في كبرى المستشفيات العالمية التي تتوافر فيها أفضل التقنيات والتجهيزات. لكن هذه المرة يأتينا الخبر من لبنان وتحديدًا من المستشفى العسكري المركزي.

أجرى الرائد الطبيب الياس خوري في ٨ آب الماضي جراحة الـWhipple أو استئصال رأس البنكرياس والمنطقة المحيطة به لإحدى المستفيدات من الطبابة العسكرية. تُعد هذه الجراحة أكبر عملية تُجرى في البطن لكونها تشمل استئصال رأس البنكرياس وترميم المنطقة المحيطة به في الوقت نفسه. وعادة ما كانت تُجرى عن طريق الشَّق. لكن الرائد الطبيب خوري أجراها في المستشفى العسكري المركزي باستخدام المنظار، وهذا ما كان يحصل للمرة الأولى خارج أوروبا وأميركا. ويشير الرائد خوري إلى أنّ مجرى الكبد عند المريضة التي أُجريت لها الجراحة كان ملتويًا، وبعد التدخل الطبي الذي أُجري لها والجراحة التي خضعت لها أصبح وضعها ممتازًا ولم تعانِ أي ردات فعل جانبية أو التهابات.

هذه الجراحة واحدة من عدة عمليات جراحية نوعية شهدها المستشفى العسكري المركزي بفضل مواكبته للتطور الطبي عالميًا. وفي هذا السياق أجرى المقدم الطبيب حسام أبتر المتخصص في الجراحة العامة بالمنظار عمليتَين نوعيتَين، واحدة لاستئصال الكلية وأخرى لاستئصال البنكرياس. وهو يوضح أنّه «أصبح بالإمكان إجراء مثل هذه العمليات الجراحية النوعية والدقيقة في المستشفى العسكري بفضل تأمين المعدات والمواد الطبية الجراحية الحديثة، وبفعل الخبرات الواسعة للأطباء الجراحين وتمرسهم في عمليات المنظار.

وفي ما يخص طبيعة الجراحتَين وأهمية تنفيذهما بواسطة المنظار، يشير المقدم الطبيب أبتر إلى أنّ عملية استئصال الكلية أو البنكرياس غالبًا ما تجري لإزالة ورم حميد أو خبيث فيهما. وتنفيذها بالمنظار يفيد المريض من عدة نواحٍ، أوّلها ندوب صغيرة ولا تترك أثرًا، ثانيًا قدرة المريض على ممارسة نشاطه الطبيعي في وقت أسرع من الجراحة التقليدية. كذلك، يصبح المريض أقل عرضة للالتهابات التي قد تحدث بعد العملية، ومدة بقائه في المستشفى أقل والألم أخف». من جهة أخرى، يلفت المقدم أبتر إلى أهمية هذين العضوَين، ما يجعل أي خطأ أو هفوة سببًا لمضاعفاتٍ صعبة وخطيرة. وهو يؤكد أنّ ٩٠٪ من عمليات الجراحة العامة في المستشفى العسكري تُجرى اليوم بتقنية التنظير.

لهذه الأسباب...

يشعر المستفيدون من الطبابة العسكرية بالامتنان والراحة لعدة أسباب، أولها الثقة بالخدمة التي يقدّمها لهم طاقم طبي وتمريضي كفوء، وثانيها ما لمسوه من تجديد للمعدات والتجهيزات، وثالثها وليس آخرها الشعور بأنّهم وسط عائلة حقيقية، تقدّم لهم الرعاية متفانية في أداء واجبها الإنساني، وفي خدمة رفاق السلاح وعائلاتهم.

يخبرنا الرقيب المتقاعد كنعان كنعان، الذي أُجريت له عملية جراحية في الرابع من آب المنصرم (يوم انفجار مرفأ بيروت)، بأنّ المستشفى كان مليئًا بالجرحى والمصابين من جراء الانفجار، ومع ذلك لم يشكُ من أي تقصير حياله. ويقول: «الجرحى والقتلى على مدخل الطوارئ، ومع ذلك لم يتأخروا حتى عن أبسط الأمور التي احتاج إليها. كانوا دائمًا جاهزين لكل شيء».

وينوّه الرقيب الأول المتقاعد جميل يعقوب بالخدمة التي لقيَها من الممرضين بعد العملية الجراحية التي خضع لها، فهم «كانوا يلبون النداء فورًا ومن دون أن ننتظرهم».

«كنت أجري عملية للمرة الأولى في حياتي، ومع ذلك لم أشعر بالخوف أبدًا»، بهذا التعبير نوّهت السيدة زينب عبد الحميد بالإجراءات التي تمت قبل دخولها إلى الجراحة، ومدى الراحة النفسية التي منحها إياها الأطباء. وعلى الرغم من أنّها اضطرت إلى إجراء العملية في مستشفى مدني، لكنّ الأطباء العسكريين رافقوها وأشرفوا على حالها وما زالوا. «حتّى أنّهم نقلوني بسيارة إسعاف تابعة للمستشفى العسكري إلى المستشفى الآخر لإجراء العملية» تقول، «لقد أنقذوا حياتي». أما السيدة سمارة المذبوح، فتشير إلى أنّ كل شخص كان موجودًا في المستشفى خلال العملية أسهم في إنجاحها بداية من التحضير وصولًا إلى إجراء الجراحة التي تمت في مستشفى مدني بإشراف ضابط طبيب عسكري. وتضيف: «بعد رؤية المعاملة في المستشفيَين أعتقد أنّ المستشفى العسكري لا يقارن بأي مستشفى آخر، فالمتابعة التي نلقاها فيها رائعة».

المصدر: الرقيب كرسيتينا عباسى- مجلة الجيش