أسعار الخضار والفاكهة أيضاً باتت تحلّق، حتى أصبح السؤال عينه يتردّد على لسان الكثير من اللبنانيّن «شو بياكل الفقير؟». أمّا أصحاب محال الخضار الّذين عمدوا إلى رفع الأسعار فيكتفون أيضاً ببعض الأنواع الأساسيّة، ورفوف محالهم أغلبها فارغة. يقول أحد اصحاب محال الخضار «الفاكهة الإستوائيّة، كلّها لم نعد نعرضها في المحلّ بما أنّها تُسعّر على سعر صرف الدولار، نكتفي ببعض الخضار والفاكهة الأساسيّة، أمّا اذا استمرّ الوضع كما هو عليه، فسنتّجه إلى الإقفال». وحتّى في بلد الحوامض، أصبحت الحمضيّات من أغلى ما يمكن شراؤه، على سبيل المثال كيلو الحامض لامس الستة آلاف ليرة، ناهيك عن باقي الأصناف وارتفاع أسعارها الجنوني.
هل سيصمد أصحاب محال الخضار؟... وبشرى سارّة للبنانييّن
يقول رئيس تجمّع المزارعين والفلاحين في البقاع، ابراهيم الترشيشي لـ «الديار» أنّ «غلاء الأسعار انعكس أيضاً على أصحاب محال الخضار لكن وفي المقابل لا يستطيع أصحاب محال الخضار الإقفال نهائيّاً، إذ أنّ بضاعتهم في النهاية ستُتلف».
ويضيف الترشيشي مُطمئناً اللبنانيين «ابتداء من أواخر الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل سيبلغ الإكتفاء الذاتي من الخضار والفاكهة 90 في المئة، إذ أنّ كميّة الإنتاج ستزداد بعد موسم الحصاد في السهول ومنها البقاع، ما يعني انّ الأسعار بدورها ستتراجع بشكلٍ ملحوظ». ويختم قائلاً «البضاعة ستظلّ موجودة في الأسواق، وإننا كقطاع زراعي سنستمرّ بتأمين المنتجات الزراعية ولو بأصعب الظروف»
التّسعير بالدولار... الحلّ أو الكارثة؟
صّرح نقيب أصحاب السوبرماركت، نبيل فهد أنّ «التسعير بالدولار هو حلّ لموضوع أسعار السلع الغذائيّة حسب سعر الصرف»، في هذا السياق يقول البروفسور مارون خاطر، استاذ محاضر وباحث في الشؤون الماليّة والإقتصاديّة، لـ «الديار» أنّ «الارتفاع اليوميّ الجنونيّ لسعر صرف الدولار دَفَعَ الكثير من المؤسسات التجارية إلى الإقفال المؤقَّت في محاولةٍ لحماية رؤوس اموالها وتلافي الإفلاس الفوريّ. مع تَيَقُّنِها من أن حالَ التخبُّط مستمرّة. بدأت هذه المؤسسات بالبحث عن حلولٍ عمليةٍ تمكِّنُها من الصمود، فَفشِلت محاولات التسعير اليوميَّة لأسبابٍ لوجستية وانخفضت الاعتمادات للسلع المدعومة، فأصبحت شروط المورِّدين أكثر قساوةً لناحية حَصر التعامل بالدولار النقديّ. ساهمت هذه العوامل مجتمعةً بزيادة الطلب على الدولار المفقود أصلاً مما قد يدفع الى محظور جديد وهو التسعير بالدولار للمستهلك».
كارثة إجتماعيَّة وإنسانيَّة حقيقيَّة!
يضيف البروفسور خاطر، «تُعتَبَر هذه الخطوة بمثابة إشهار عَلَني للدولرة المتربِّصة بالاقتصاد، وتُشَكِّل، في حال اعتمادها، مخالفة قانونية فاضحة، إذ يحتاج تشريع التَسعير بأي عملة ربط الى إقرار تعديلات قانونية، وهي بعيدة المنال في الوقت الحاضر».
على صعيد أخر، يؤكّد البروفسور خاطر أنّ « الإقدام على هكذا تدبير قد يؤدي إلى كارثة إجتماعيَّة وإنسانيَّة حقيقيَّة»، معتبراً أنّ «عدم الإستقرار السياسي أدى الى تدهور الوضع الاقتصادي وفقدان الليرة مكانتها كوسيط في المبادلات وكمقياس للقيمة. إلا أن ذلك لا يجعل من التسعير بالدولار حلاً مناسباً، وذلك لعدم قانونيته من جهة، ولتهديده الأمن الغذائي للمواطنين من جهة اخرى». ويختم قائلاً «إن اعتماد التسعير بالدولار قد يُفضي إلى حلٍّ جزئي لمعاناة تجار التجزئة، إلا أنَّه قد يتسبب بالفوضى الشاملة».
الأمن الغذائي في لبنان مهدداً...والمخزون يكفي ثلاثة أشهر فقط!
دخل لبنان مرحلة أصبح فيها الصراع على تأمين الغذاء مشهداً يومياً يُدمي القلوب. يقول البروفسور خاطر، أنّ «الأزمة الاقتصادية أدّت إلى تناقص حاد في المواد والسِلع الأساسيَّة بحيث يؤكد المعنيّون أن مخزون المواد الغذائية يكفي لثلاثة أشهر، والدورة الماليَّة للمستوردين اضطربت بفعل إغلاق البلد والمصارف وصعوبة التعاملات مع التجار في الخارج، وقد يكون لذلك انعكاسات سلبيَّة على سلسلة التوريد وعلى تواجد البضائع».
السؤال الذي يطرحه كلّ لبناني؛ «بعد في أسوأ؟»، في هذا السياق يعتبر خاطر أنّ «استمرار الأزمة السياسيَّة والاقتصاديَّة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة المعيشيَّة على جميع الصعد، مما قد ينعكس على الإمداد وعلى توافر السلع الأساسيَّة. إن اعتماد الاقتصاد اللبناني على الاستيراد يزيد حتماً من تَبِعات الأزمة مما يشكل خطراً كبيراً على الأمن الغذائي وقد بدأت طلائع هذا الخطر تظهر جليَّةً في الأيام الأخيرة». وختم قائلاً «إن اعتماد التسعير بالدولار لن يكون إلا عامل يدفع باتجاه كارثةٍ
إنسانيَّة يبدو أنها باتت قريبةً جداً». لكن هل سيصمد الشّعب اللبناني!؟