تحت عنوان سرقة مُنظّمة للخردة لتأمين دولارات طازجة: 350 مليون دولار قيمة التصدير في 2020 كتبت ايفا ابي حيدر في الجمهورية:
في ظلّ الركود الاقتصادي القاتل الذي يمرّ به لبنان، وحدها تجارة الخردة تسجّل نمواً غير مسبوق، على حساب سرقة ممتلكات خاصة وعامة. فالسرقات فنون، سقطت معها المحرّمات والخطوط الحمر. كل ذلك في سبيل الحصول على الدولارات الطازجة. وانتعاش هذه السرقات في الليل كما في وضح النهار، يؤكّد الشكوك انّ وراء انتعاشها جهات سياسية نافذة تؤمّن الغطاء لهذه العمليات.
حين تُنتهك حرمة الموت بهدف السرقة، فهذا يعني انّه ما عادت هناك خطوط حمر امام أي أعمال سلب او نهب، فالبلد مستباح، وبالتالي لن يكون اللافت فقط في الأيام المقبلة ارتفاع نسبة عمليات السرقة والنشل، انما أيضاً التفنّن في السرقات، وأغربها كان سرقة أبواب مدافن مقبرة في رياق نهاية الأسبوع، اذا أُضيفت اليها سرقة أغطية الريغارات من العاصمة بيروت، وقساطل وكابلات كهرباء وتعدّيات على أنابيب النفط في الشمال... فهذا يعني اننا امام بوادر غير مطمئنة، ترسم صورة قاتمة للأيام المقبلة.
يكشف أحد تجار الخردة لـ»الجمهورية»، انّ العمل في هذه التجارة يستوجب شرطين: الأول ان يملك المال، وذلك ليتمكّن من شراء الخردة ممن يؤمّنها له. وثانياً يجب ان تكون لديه «واسطة» تسمح له بالعمل في هذا المجال، لأنّه مهما علا شأنه لا يمكنه أن يتخطّى أحد كبار النافذين المعروفين في البلد.
وشرح انّه يعمل كوسيط بين من يؤمّنون الخردة، وهم افراد عاديون، إما يسرقونها او يجمعونها من النفايات او البؤر. وما ان يستلمها منهم يسلّمها لكبار التجار الذين هم على علاقة مع النافذين، وهم يملكون علاقات مع الدول ويتفاوضون معها لتأمين التصدير المطلوب. اما عن الأسعار فيقول انّه يبيع كلغ الالمينيوم بـ 1.60 دولاراً، طن البطاريات بـ 950 دولاراً، أما كلغ الحديد فيبلغ 3600 ليرة ليساوي الطن حوالى 3 ملايين و600 ليرة.
وكشف التاجر، انّ تصدير الخردة ناشط جداً ومربح، لاسيما اذا كانت تتعلق بمشاريع للدولة. كاشفاً انّه ما ان تلزّم الدولة مشروعاً لأحد المتعهدين النافذين، يسلّم هذا الاخير استخراج الخردة لنا، اي التجار الوسطاء، ما ان نؤمّنها له يقوم بتصديرها لحسابه الخاص، ثم يعود ويستورد الحديد على حساب الدولة بدلاً من ان يشتري الحديد من ثمن تصديره للخردة.
أرقام صادرات الخردة
من جهة أخرى، وبعد ارتفاع نسبة سرقات الحديد في الفترة الاخيرة، يتوقع الباحث في الشؤون الإحصائية عباس طفيلي لـ»الجمهورية»، ان تستفحل السرقات من اجل بيع الخردة في الفترة المقبلة. لافتاً الى انّه تمّت الإضاءة على هذه القضية في الاعلام، لأنّها تزامنت مع عيد الفصح. لكن عدداً كبيراً من المناطق المسيحية والإسلامية شهدت سرقات لأبواب وأقفاص المدافن، ولم يتحدث عنها الاعلام، من دون ان ننسى ما سبق ان أعلنت عنه «اليازا» من سرقة 10 آلاف غطاء ريغار من العاصمة بيروت، والتي تقدّر زنة الواحدة منها بالـ100 كيلوغرام، ويتجاوز ثمن الغطاء الواحد الـ 100 دولار أميركي. ناهيك عن سرقة درابزين كورنيش صيدا والريغارات الحديدية وسرقة الفواصل على الاوتوستراد والقساطل المعدنية وأشرطة وأعمدة وكابلات الكهرباء، وإلّا، ما الذي يفسّر كميات الحديد التي يتمّ تصديرها من لبنان.