محال الآلات الموسيقية أقفلت وموسيقيون ينتظرون «كراتين» الإعاشة: وداعاً لـ«المزّيكا»!

تحت عنوان محال الآلات الموسيقية أقفلت وموسيقيون ينتظرون «كراتين» الإعاشة: وداعاً لـ«المزّيكا»، كتب رضا صوايا في الأخبار، ضمن عددها الصادر اليوم:

بقيت الموسيقى تصدح في لبنان، حتى في أحلك الظروف وأكثرها دموية «حبّاً بالحياة»... لكن، في ظل الأزمة الحالية، فإن الحياة لم تعد هي ذاتها، وأصبح حبها يتطلب أدوات أخرى، ليست الموسيقى إحداها أو من أولوياتها، بعدما أصبحت كلفتها مرتفعة جداً ومردودها بخساً، ما فرض على كثير من متاجر الآلات الموسيقية أن تغلق تباعاً، وعلى الموسيقيين أن يدندنوا في المنازل في انتظار «كراتين الإعاشة»

«الموسيقيون لا يتقاعدون. يتوقفون حين لا يعود هناك مزيد من الموسيقى فيهم»، بحسب مقولة شهيرة لعازف الجاز الأسطوري الأميركي لويس أرمسترونغ... وأيضاً حين تنهار العملة ولا يعود لديهم ما يأكلونه، بحسب الواقع اللبناني.

«قطاع الموسيقى» من بين القطاعات التي ضربتها الأزمة الاقتصادية ورمتها في هاوية الانهيار، حتى أصبح كثيرون من «أهل المهنة» يعيشون على «كراتين الإعاشة». فـ«منذ سنة ونصف سنة نعيش في وضع مزر»، يقول نقيب محترفي الموسيقى والغناء في لبنان فريد بو سعيد، لافتاً إلى «أننا كنا أول من تضرر من الأزمة الاقتصاديّة وفيروس كورونا، ونحن آخر من يفترض أن نعود إلى عملنا بشكل طبيعي». مئات الموسيقيين والمغنين يعيشون اليوم على الإعانات، إذ «عملنا في النقابة على فرز المنتسبين بين من يملكون وظيفة ثابتة في الكونسرفاتوار أو التعليم أو غيرهما ومن لا يملكون مدخولاً ثابتاً ويصعب عليهم تأمين قوتهم إذا انقطعوا عن العمل. الفئة الثانية تضم 500 موسيقي ومغنّ، أمّنا لهم حصصاً غذائية وأدوية، إضافة إلى المساعدة (للأسر الأكثر فقراً) بقيمة 400 ألف ليرة التي أقرتها الحكومة».
الأزمة انسحبت أيضاً على المدارس والمعاهد ومحال بيع الآلات الموسيقية. أعداد الطلاب المسجلين في المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار) شهدت تراجعاً ملحوظاً، والأمر نفسه سُجّل أيضاً في كثير من المدارس الموسيقية، في ظل غلاء أسعار الآلات الموسيقية وارتفاع كلفة صيانتها وإصلاحها. ويؤكّد أصحاب متاجر للأدوات الموسيقية (التي لا تزال تعمل) تراجع المبيعات بأكثر من 80%.
«هل يعقل، مثلاً، أن أطلب أكثر من 200 مليون ليرة ثمناً لبيانو؟ حتى لو كان السعر دقيقاً، لكنك تشعر بأن الأمر خيالي. لذلك، وجدت أن من الأنسب أن أسكّر». يقول عبدو بيلوني الذي قرّر قبل شهرين إقفال متجره للأدوات الموسيقية «بسبب كورونا والأزمة الاقتصاديّة وتدهور القدرة الشرائية للناس وعدم قدرتنا على شراء آلات جديدة طالما أن أموالنا محجوزة في المصارف». فضلاً عن «تذاكي بعض الزبائن الذين قبلنا أن نقسّط لهم الأدوات الموسيقية، وخصوصاً الثمينة منها كالبيانو الكبير الذي يتخطّى سعره 17 ألف دولار، وبقوا بعد انهيار سعر صرف العملة يسددون بالليرة ما عرّضنا لخسائر كبيرة».
الفرع الرئيسي لشركة «موزار شاهين» العريقة في مجال بيع الأدوات الموسيقية أقفل أبوابه قبل نحو شهر بعد أكثر من نصف قرن على تأسيسه. شانت باجاكيان، مدير العمليات في الشركة، يوضح أنه الى جانب إغلاق فرع الأشرفية، «اضطرت الشركة منذ عامين إلى إغلاق فرعين آخرين من أصل فروعها الأربعة ولم يعد هناك سوى فرع واحد. كما فرض فيروس كورونا علينا إغلاق مدرستين لتعليم الموسيقى كانتا تضمّان أكثر من 1000 تلميذ وتلميذة».