أزمة البنزين لم تنتهِ.. وما قبل حزيران ليس كما بعده !!

نشرت المركزية:

لا تكاد تغيب أزمة المحروقات في لبنان حتى تطل برأسها مجددا، وتحديداً البنزين، اذ يبدو أن لا نهاية لهذه الدوامة التي يدور فيها الشعب، لا بل تزداد الامور سوءاً مع استمرار المماطلة في تشكيل حكومة واطلاق الإصلاحات الإنقاذية. قبل أسبوع رفع قسم كبير من المحطّات خراطيمه فيما تكرر في أخرى مشهد طوابير الذل ليحصل المواطن على البنزين بكمية محدودة جدّاً. فما مستقبل المحروقات في السوق المحلّي؟

عضو نقابة أصحاب محطّات المحروقات الخبير النفطي جورج البركس قال لـ "المركزية" "بعد الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين، تحسّن توزيع مادّة البنزين بعد إفراغ البواخر حمولتها، فتمكّن عدد من المحطّات من إعادة فتح أبوابه وخفّت طوابير السيارات. لكن، لا نزال في جو تقنين في كمية المحروقات الموزّعة في السوق، ما يضطر المحطّات الى العمل بسياسات إدارة المخزون عبر تحديد الكمية المباعة وفي الوقت نفسه تقليص ساعات العمل، لإطالة أيام التسليم قدر الإمكان وتفادي الانقطاع الكلي للمادة"، لافتاً إلى أن "المشكلة لم تحلّ، فإذا لم يفتح مصرف لبنان اعتمادات لبواخر جديدة سنعود إلى الأزمة نفسها".






وأشار إلى أن "أساس الأزمة تأخير فتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان والوضع الراهن ليس دائماً، إذ ان المخزون سينفد إن كان في الشركات المستوردة أو في المحطاّت إذا لم يُجدد، لذا المطلوب وصول بواخر جديدة عبر تجديد مصرف لبنان فتح الاعتمادات وتأمين العملة الصعبة للاستيراد، لكن لا نعرف جهوزيته لاتمام ذلك بسهولة، ومن الوارد جدّاً تكرار الأزمة لأن مصرف لبنان رفع الصوت مؤكّداً أنه لم يعد يمتلك ما يكفي من الدولارات ويواجه صعوبات في تحويل المبالغ للخارج"، مضيفاً "كي لا يذل المواطن، المفترض بالسلطات المعنية العمل مع "المركزي" للإسراع في فتح الاعتمادات فتصل البواخر بوتيرة أسرع، مع التركيز على تموين المحطّات في مناطق الأطراف لأن عدم وصول البضائع إليها يؤذي المواطنين الذين يسكنون هذه المناطق. صحيح أن سياسة مكافحة التهريب تؤثّر على الموضوع، لكن يجب على المسؤولين تمييز المخالفين".






وطالب البركس بـ "عودة منشآت النفط إلى استيراد البنزين، لأنها مؤسسة رسمية وضابط إيقاع في سياسة المحروقات ودورها مرتبط بالأمن المجتمعي، والمفترض أن يكون لديها مخزون استراتيجي من البنزين والمازوت. وكونها تستورد 40% من كميات المازوت تعدّ الأزمة أقلّ حدّة في ما يتعلّق بهذه المادة".



أما في ما يخصّ رفع الدعم، فأكّد أن "رئيس الحكومة المكلّف حسّان دياب أعلن صراحةً عدم جهوزيته لاتخاذ حكومته القرار، ما لم يتزامن مع إصدار البطاقة التمويلية بقانون من مجلس النواب. في المقابل، احتياطي مصرف لبنان المخصص للاستيراد بات أدنى من 800 مليون دولار، ويكفي لآخر أيار وأوائل حزيران"، متخوّفاً من "سيناريو الوصول إلى حزيران من دون تشكيل حكومة ولا إقرار البطاقة التمويلية ورفع الدعم ودولارات مصرف لبنان تكون استنزفت"، سائلاً "ماذا سيحصل حينها؟ ما الحلّ؟ كيف سنتمكن من توفير السلع للمستهلك منها المحروقات قبل الحديث عن سعرها؟ هل تمدّ اليد الى الاحتياطي الإلزامي؟ على السلطات المعنية تزويد الرأي العام بالجواب".






وأردف البركس "إذا رفع الدعم لا يمكن توقّع سعر المحروقات، لأن لن يكون لسعر صرف الدولار سقف، وإذا وزّعت البطاقة التمويلية على 800 ألف عائلة، من يقول أنها وحدها ستكون بحاجة إلى مساعدة حينها، حيث أكثر من 80% من الشعب سيواجه صعوبة في تأمين ثمن السلع الأساسية، إلى ذلك قيمة البطاقة لن تكفي عند رفع الدعم إذا كانت بالليرة اللبنانية. الغموض لا يزال يلفّ الموضوع ولا يبدو أنه صالح للتنفيذ".



أما بالنسبة إلى الجعالة، فاعتبر أن "بعد دراسات واتصالات واجتماعات عدّة بين النقابة والمسؤولين للتأكيد أن العمولة على صفيحة البنزين لا يمكن أن تبقى 0.22$ لأن أصحاب المحطّات لن يتمكّنوا من الاستمرار، لا نعرف لما لا يتم التجاوب معنا ولا تعدّل الجعالة وكأن المسؤولين يريدون جرّنا إلى التصعيد، صحيح أن البضائع التي نبيعها مدعومة لكن الكلفة التشغيلية غير مدعومة وتسدّد بالدولار"، مناشداً "وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال حلّ الموضوع في أسرع وقت".



في شقّ آخر، وبعد الحديث عن احتمال إلغاء الاتفاق مع العراق لتأمين الفيول للبنان مقابل خدمات واستشارات طبية، شرح البركس أن "ما من معلومات بعد ما إذا كان ذلك سيحصل أم لا، لكن لا يبدو أنها ستلغى، خصوصاً أنه تمّ التوضيح رسمياً أن تأجيل زيارة دياب مرتبط بأمور لوجستية عراقية داخلية. إلا أن لا يمكن المباشرة بتنفيذ الاتفاقية لأن الآليات لذلك لم توضع بعد"، مضيفاً "هذا الموضوع شديد الأهمية بالنسبة إلى لبنان، لكن متعلّق بإنتاج الطاقة في مؤسسة كهرباء لبنان وليس بالسوق المحلّي. وفي حال إلغاء الاتفاق مقابل استنفاد كلّ دولارات مصرف لبنان للاستيراد، سينعكس ذلك سلباً على خدمات هذه المؤسسة لأنها بحاجة إلى استيراد محروقات لإنتاج الطاقة، بالتالي الاتفاقية العراقية تعفينا من العتمة الشاملة".