أكثر من نصف اللبنانيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. يكتفون بأقلّ من وجبتيْن يومياً!

كتبت رحيل دندش في "الأخبار": أكثر من نصف اللبنانيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. نتيجة بديهية في ظل انهيار اقتصادي متواصل صنّفه البنك الدولي من ضمن أسوأ 10 أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر. هكذا يسير لبنان بخطى حثيثة نحو مزيد من الفقر والجوع، مع غياب سياسات إنقاذية تفرمل هذا المسار وتحمي سكانه لناحية غذائهم على الأقلّ.

دراسة أجرتها كلية الصحة في الجامعة اللبنانية بعنوان «الأمن الغذائي في لبنان في ظلّ الأزمات المتلاحقة»، بدعم من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، أظهرت أنه من بين 16 أسرة، هناك تسع أسر تأكل أقل من وجبتين في اليوم، و70 في المئة من هذه الأسر التسع تتخلّى عن وجبة غذائية أساسية بهدف الاحتفاظ بالطعام لأطول مدة ممكنة. أما الغذاء الذي تركّز عليه هذه الأسر فيقتصر على الحبوب والنشويات والخضر، ولا يشمل اللحوم والفواكه ومنتجات الألبان لغلاء أسعارها، مع ما يترتب على ذلك من تبعات صحية خطيرة ستظهر على المدى البعيد.

نحو 53 في المئة من الأسر اللبنانية تعاني من فقر الأمن الغذائي، غالبيتها في البقاع (83%) وعكار (73%)، بعدما فقدت العملة المحلية أكثر من 85 في المئة من قيمتها، وانهارت القدرة الشرائية للسكان الذين بقيت أجور غالبيتهم على ما كانت عليه قبل الأزمة، وبات أكثر من نصفهم تحت خط الفقر. الدراسة أظهرت أن مدخول نحو 37.70 في المئة من السكان يقلّ عن مليون وخمسمئة ألف ليرة أي أقلّ من 80 دولاراً، وأن نحو 20.1 في المئة لا يتقاضون أيّ مدخول. فيما ارتفعت نسبة البطالة بمعدل 29.3 في المئة مقارنة بعام 2019 الذي سجّل 11.4 في المئة، مع إقفال مؤسسات كثيرة أبوابها. وضاعفت إجراءات مواجهة جائحة كورونا من آثار الأزمة، مضافاً إليها انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لتكون النتيجة «ارتفاع عدد الفقراء ثلاثة أضعاف عن عام 2019، فيما تراجع عدد من كانوا يُصنّفون ضمن الطبقتين الوسطى والغنية إلى النصف».
وبحسب الدراسة، يعاني الشخص من انعدام الأمن الغذائي «عندما لا يمكنه الحصول بانتظام على ما يكفي من الغذاء المأمون والمغذّي من أجل النموّ والتطور الطبيعي والعيش حياة نشطة وصحية. وقد يكون ذلك بسبب عدم توفر الغذاء و/ أو نقص الموارد للحصول على الغذاء الكافي كمّاً ونوعاً». علماً أن لبنان يستورد نحو 80 في المئة من الغذاء لتلبية حاجات سكانه. والأهم أن انعدام الأمن الغذائي لا يعني أن الطعام غير متوفر وحسب، بل يعني أيضاً أن الغذاء المتوفر غير سليم وغير مأمون، خصوصاً أن كثيراً من المواد الغذائية التي دخلت السوق اللبناني حديثاً كنخب درجة ثالثة ورابعة لم تخضع لتحاليل تحدد جودتها، ويُقبل عليها اللبنانيون كونها في متناول قدرتهم الشرائية مقارنة بالمواد التي كانوا يشترونها.
الدراسة أشارت إلى «استراتيجيات» يتبعها اللبنانيون لـ«مواجهة» الأزمة. إذ تمثّل الاستدانة لتوفير الغذاء نحو 37.90 في المئة من أسباب الديون حالياً، تليها الاستدانة لتسديد بدلات الإيجار (18.30%). ويلجأ نحو 40 في المئة إلى بيع أثاث منازلهم لتأمين الغذاء، فيما خفّض نحو 38 في المئة من تكاليف متطلبات معيشية لتوفير الاحتياجات الغذائية، ونحو 25 في المئة لجأوا إلى بيع أصولهم الإنتاجية.
المصدر: الأخيار